بالرغم من مرور يومين على سريان الهدنة في سوريا، سارع محللون وسياسيون لاستحضار سيناريو الخطة “ب”، التي أعلن عنها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في حال فشل هدنة “وقف الأعمال العدائية”، والمتمثلة بالخيار العسكري البري.
وسارع القائد السابق لقوات التحالف بحلف شمال الأطلسي (الناتو) الأدميرال المتقاعد جايمس ستافريديس، لتحديد ملامح سيناريو الخطة “ب”، والتي أكد أنها ستكون “حملة برية دون روسيا تتضمن في مرحلة من المراحل إقامة حظر للطيران في منطقة آمنة بالتعاون مع الأردن”.
وحذر وزير الخارجية السعودي أحمد الجبير، مساء الأحد، من خيارات أخرى في حال عدم احترام النظام السوري للهدنة، قائلاً إنه “كما ذكر وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، فإن هناك خطة (ب)، إذا اتضح أنه لا توجد جدية لدى النظام السوري أو لدى الحلفاء، فالخيار الآخر وارد وسيتم التركيز عليه”.
استبعاد رسمي أردني للخطة “ب”
رسميًا، قلل مصدر حكومي أردني من التصريحات المتعلقة بالخطة “ب”، قائلاً إن “أي تحرك عسكري، وإقامة مناطق آمنة يجب أن يأتي بقرار من الأمم المتحدة”، مؤكدًا دعم الأردن لأي حل سياسي يحافظ على وحدة الأراضي السورية.
وسبق لرئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور، أن رفض في مؤتمر صحفي الحديث حول مشاركة الأردن في حرب برية، لمحاربة تنظيم الدولة في سوريا، قبل وجود قرار دولي حول ذلك.
وتميل المملكة إلى سياسة “إمساك العصا من المنتصف” فيما يتعلق بالأزمة السورية، رغم الضغوط الخليجية لفتح الحدود الأردنية أمام التسليح والدعم اللوجستي، وكان آخرها دعوات من السعودية والإمارات لإرسال قوات برية عبر الحدود الأردنية في حال وجود قرار دولي بمحاربة تنظيم الدولة في سوريا.
بدوره، رأى الخبير العسكري اللواء المتقاعد الدكتور قاسم محمد صالح، أن الحل البديل في حال تم خرق الهدنة، والتي وصفها بالهشة، هو الحل العسكري، موضحًا أنه في حال “عدم نجاح الهدنة فسيتحول العمل إلى الخطة ب العسكرية، وهذا سيدفع بأعداد كبيرة من اللاجئين إلى الأردن، وستتأثر المملكة نتيجة هذا العمل العسكري”.
ورأى خبراء أن من مصلحة الأردن المضي بالخطة (أ) المتمثلة بالحل السلمي، لما قد تجلبه الخطة البديلة والخيار العسكري من تداعيات سلبية على المملكة وأمنها، والتي قد تشهد تدفق آلاف اللاجئين على حدودها الشمالية حال احتدام المعارك، بالإضافة للتهديدات الأمنية المتمثلة “بالقذائف العشوائية” التي تتساقط على القرى الحدودية الأردنية السورية.
الخطة “ب” استهلاك إعلامي
من جهته، استبعد الخبير والمحلل الإستراتيجي الدكتور عامر السبايلة تطبيق سيناريو الخطة “ب”، معتبرًا أن الهدنة هي النتيجة الطبيعية في موضوع القرار الأممي الذي يفرض الحل السياسي، وبالتالي فهي فرصة لكثير من الأطراف للالتحاق بالركب السياسي، وتوحيد الجهود وعزل كثير من المكونات التي ستكون هي هدف المواجهة.
وأضاف السبايلة أن الهدنة “فرصة لترتيب أوراق المعارضة المسلحة بحيث تندرج تحت مظلة القرار الدولي، وتقوم بدوها الطبيعي في مواجهة تنظيم الدولة والنصرة، وتلتحق بالحل السياسي مستقبلاً”.
وتابع المحلل السياسي بأن “الأمور تسير باتجاه تشكيل حل سياسي قد يتضمن دمج المعارضة في الجيش السوري، أو في العملية السياسية، وانخراطها في الحرب على الإرهاب، والحصول على الشرعية بأن تكون جزءًا من المكون السياسي المستقبلي لسوريا”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، ذكر أن بلاده تدرس خيارات لخطة بديلة في حال لم يصمد وقف إطلاق النار في سوريا، وإذا لم تشهد البلاد مرحلة انتقالية قريبًا.
وقال كيري، أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي: “نحن في طريقنا لمعرفة ذلك في غضون شهر أو شهرين، معرفة ما إذا كانت هذه العملية الانتقالية جادة حقًا، وعلى الرئيس السوري بشار الأسد اتخاذ بعض القرارات الحقيقية حول عملية تشكيل حكومة انتقالية”.
ولم يعلن وزير الخارجية الأمريكي عن تفاصيل الخطة “ب”، لكنه قال إن “الخطوط العريضة للخطة تتضمن الاستمرار في قيادة التحالف ضد داعش ودعم المعارضة ضد الأسد”.
وقال كيري إن الرئيس باراك أوباما أعطى تعليماته للبنتاغون والاستخبارات، للتحرك بشكل أكبر وأسرع في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية.
إلا أن السبايلة وصف الحديث عن الحرب البرية والخطة العسكرية البديلة بـأنها “كلام فارغ ومادة للاستهلاك الإعلامي لا أكثر”، مفسرًا ذلك بأنه “لو كان هناك حرب برية من خلال الأردن لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم في نقطة التسويات بين موسكو وواشنطن، والتي صاغتها عبر مجلس الأمن، من تجفيف منابع الإرهاب إلى فرض الحل السياسي الذي لم يعترض عليه أحد”.
أما حول المطلوب من الأطراف الدولية بعد سريان الهدنة، فاعتبر السبايلة أن “المطلوب من الولايات المتحدة أن تعيد إحياء تحالفها الأساسي في مكافحة الإرهاب، وأن تقوم موسكو بالعملية نفسها ليلتقي التحالفان في مواجهة داعش، لهذا فإن المواجهة البرية المحتملة إن حدثت تكون في القضاء على داعش والنصرة بتنسيق أمريكي روسي”.
وتوقع الخبير الاسترايجي أن تشهد الهدنة خروقات، لكنها “لن تقود إلى حرب برية بين الأطراف الإقليمية التي صاغت الحل السياسي”.
هدنة هشة.. وخروقات في عدة مناطق
ميدانيًا، رصد ممثل مجلس محافظة درعا وائل الزوباني، خروقات للهدنة قامت بها قوات النظام السوري في مناطق درعا البلد حتى الساعة الثانية عشرة من ليلة الأحد، قائلاً إن “قوات النظام قصفت بشكل همجي منطقة درعا البلد للتمكن من السيطرة على منطقة الجمرك، حيث استمر القصف من الخامسة مساء حتى الـ12 صباحًا، ألقت خلالها بالبراميل والصواريخ من نوع فيل أرض-أرض”.
وأضاف الزوباني أن خرق الهدنة حصل في ثلاثة محاور هي ريف حلب الشمالي وريف اللاذقية ودرعا، بالإضافة إلى المثلث الشمالي، درعا والقنيطرة وريف دمشق، وبالتحديد على منطقة الطيحة، وجميعها شهدت قصفًا”.
ولا يتوقع الزوباني “صمود” وقف إطلاق النار طويلاً؛ لوجود قصف في أغلب المناطق.
المصدر:عربي 21