في زيارة “مستفزة” إلى موسكو بالنسبة للمعارضة قام بها رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي “قيس خضر” برفقة وفد سوري الأسبوع الماضي تم فيها بيان واقع قطاع الطاقة في سوريا والآفاق الواعدة لاستثماره وخاصة في فترة ما بعد الأزمة وإعادة الإعمار، حيث ترك الوفد الفني السوري للشركات الروسية المهتمة بالاستثمار في سورية كل المقترحات الاستثمارية من طرفهم.
ترافق ذلك مع إعلان وزير النفط والثروة المعدنية السوري سليمان العباس أن تنفيذ روسيا لعقد عمريت في التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية سيبدأ في الشهر الحالي مارس.
وكان الوزير قد قال مؤخرًا: “عقد عمريت يسير وفق برنامج العمل والميزانية المعتمدة وتم الآن الانتهاء من إعادة معالجة وتفسير بيانات السايزميز وبصدد إنجاز مسح ثلاثي الأبعاد في منطقة العقد نهاية الربع الأول من 2016”.
المياه الإقليمية السورية
يذكر أن وزارة النفط السورية وقّعت اتفاقًا مع شركة سيوز نفتاغاز الروسية عام 2013 بهدف الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية الخاصة السورية في مساحة 2190 كيلومترًا مربعًا، يمتد العقد وهو الأول من نوعه في المياه الإقليمية السورية على مدى 25 عامًا وبتمويل من موسكو وفي حال تم اكتشاف النفط والغاز بكميات “تجارية” ستسترد موسكو النفقات من الإنتاج وتقدر كلفة التنقيب بموجب الاتفاق الروسي السوري 100 مليون دولار دون تحديد الكلفة الإجمالية للعقد، بعد تقسيم المياه الإقليمية إلى خمسة قطاعات تغطي المساحات المتاحة للتنقيب والاستكشاف.
كما قالت وكالة الأنباء السورية سانا إن وزارة النفط والثروة المعدنية وقعت مع شركة سيوزنفتا غاز إيست ميد الروسية عقد عمريت البحري للتنقيب عن البترول وتنميته وإنتاجه في المياه الإقليمية السورية في البلوك رقم 2، ويتضمن التنقيب عن البترول بين جنوب شاطئ طرطوس حتى مدينة بانياس وبعمق 70 كيلومترًا طولًا، ومتوسط عرض 30 كيلومترًا، مدة العقد 25 سنة وتموّله موسكو، وهو الأول من نوعه للتنقيب عن النفط والغاز في المياه السورية.
أما السفير الروسي في دمشق فقد أكد على عمق العلاقات الاقتصادية السورية في مجال النفط والغاز بعد توقيع هذا العقد حيث يكتسب أهمية خاصة لأنه يأتي في ظروف استثنائية تمر بها سورية.
وبحسب دراسة أجرتها جامعة دمشق قبل الثورة، تبين أن سورية تمتلك كميات كبيرة من احتياطيات النفط التي لم يتم اكتشافها تقدر بنحو 315 مليار برميل، بالإضافة إلى 69 مليار برميل من الاحتياطيات المكتشفة، وبحسب الدراسة، فإن إنتاج النفط كان يشكل نحو 24% من الناتج الإجمالي لسورية، و25% من عائدات الموازنة، و40% من عائدات التصدير.
ولكن بعد الثورة وبسبب عوامل أبرزها العقوبات الأوروبية والأمريكية على قطاع النفط السوري وسيطرة داعش وجزء من المعارضة وجزء آخر من الأكراد على حقول ومنابع النفط والغاز التي تتركز في معظمها في الشمال السوري، حيث خسر قطاع النفط السوري نحو 60 مليار دولار بحسب مصادر رسمية وتراجع إنتاج النفط الذي يسيطر عليه النظام السوري من 380 ألف برميل يوميًا في عام 2010 إلى أقل من 10 آلاف برميل يوميًا في الوقت الراهن، وكذلك انخفض إنتاج الغاز الوطني في سوريا حسب الشكل في الأسفل.
علمًا أن القطاع النفطي كان يدر على سوريا 4 مليارات دولار سنويًا قبل الأزمة ويؤمن الجزء الأساسي من المشتقات النفطية كالمازوت والبنزين للاستهلاك المحلي، وتقدر قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة جراء الأزمة المستمرة بقطاع النفط لنحو 17.7 مليار دولار منذ بداية الأزمة.
false
الأرقام بالمليارات متر مكعب – المصدر: وزارة النفط والموارد المعدنية السورية
وزير النفط بالحكومة المؤقته ياسين النجار رد أن هذه العقود التي يبرمها نظام الأسد مع الدول التي تسانده في الحرب هي لاغية من نظر الائتلاف والحكومة المؤقتة وخاصة مع روسيا لأنها دولة الاحتلال.
فالائتلاف أدان العقد الموقع بين النظام السوري ورسيا الذي بموجبه يمنح شركة روسية حقًا للتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية السورية، واعتبر أن العقد مجرد تغطية لـ “مقايضة ثروات البلاد بالسلاح”، بحسب ما جاء في بيان صادر منه.
وجاء في البيان “ندين في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية توقيع نظام الأسد عقد للتنقيب عن النفط مع شركة سويوزنفتا غاز الروسية في المياه الإقليمية السورية، ويعتبر هذا الفعل مقايضة لثروات البلاد الباطنية بسلاح روسي يقتل به الشعب السوري”.
أضاف البيان أن “توقيع الشركة الروسية أحد أهم عقود الطاقة في المنطقة مع نظام مجرم في ظروف توتر وقتال مستمر، يوضح أن الحكومة الروسية تقف وراء هذه الصفقة لتزويد النظام بمزيد من الأسلحة لقتل الشعب السوري”، وأكد الائتلاف أن الحكومة الروسية “شريكة في الدم بالسوري، بدعمها لنظام الأسد، أكبر مصدر للإرهاب الدولي”، مضيفًا أن الشعب السوري في حلّ من أي صفقات سلعتها النهائية القتل والدمار على يدي نظام الإرهاب.
القصة بدأت عندما أعلنت دمشق بعد اندلاع الثورة عام 2011 عن طرح مناقصة عالمية لأعمال التنقيب والاستكشاف واستغلال موارد النفط والغاز في بعض مناطق البحر الأبيض المتوسط التابعة للمياه الإقليمية السورية، بعد المسح الجيولوجي الأمريكي الذي أجري في حوض شرق المتوسط عام 2010 وقدّر وجود احتياطي يصل إلى 3.450 مليار متر مكعب من الغاز و1.7 مليار برميل نفط في المياه الإقليمية السورية.
وبسبب أفعال النظام القمعية مع الشعب فرضت الحكوات الأوروبية مع الولايات المتحدة الأمريكية وكندا في سبتمبر 2011 عقوبت على الاستثمارات الجديدة في القطاع النفطي السوري وحظر الصناعات النفطية وشراء النفط ووضع قائمة سوداء ضم فيها شخصيات ورجال أعمال سوريين بالإضافة إلى المؤسسة السورية العامة للبترول التي تشرف على التجارة والتنقيب النفطي كل ذلك أدى إلى توقف الشركات الأوروبية المتعاملة مع المؤسسة عن العمل داخل القطر في مجال الاستكشاف.
فلم يبق من يتعامل مع سوريا إلا حلفاءها روسيا وإيران اللتين استثمرتا في الصراع السوري من خلال مد النظام بكل أشكال الدعم المالي والعسكري والغذائي من أجل الاستحواذ على امتيازات الطاقة والاستثمارات القومية وفق عقود تبرمها شركات روسية وإيرانية مع النظام السوري تعد بالمفهوم الدولي والقانوني سارية وصحيحة كون النظام لا يزال له شرعية أممية في الأمم المتحدة.