أعربت مصادر عربية عن اعتقادها بأن إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي عدم ترشحه لولاية جديدة يوفر مدخلاً لإعادة ترتيب أوضاع هذه المؤسسة العربية التي تأسست في العام 1945.
وذكرت هذه المصادر، أنه على الرغم من أن العربي قرر، على الأرجح، التقاعد بسبب تقدمه بالعمر إلا أن ذلك لا يمنع من الاعتراف بأن الأحداث التي تمر بها المنطقة تجاوزت جامعة الدول العربية ومؤسساتها، خصوصًا في ظل ما تشهده دول عدة، مثل العراق وسوريا واليمن، من تغييرات في العمق في تركيبتها.
وقالت إن رفض المغرب استضافة القمة العربية الدورية هذا الشهر في مراكش يعكس الأزمة المصيرية التي تعاني منها مؤسسة جامعة الدول العربية، وأعلن المغرب صراحة أنه لا يستطيع استضافة قمة لا فائدة تذكر منها، أي أنه لا يستطيع استضافة قمة من أجل القول أن هذه القمة ما زالت تنعقد.
وأشارت إلى أن قرار نقل القمة إلى موريتانيا هو أسوأ من تأجيل موعدها، ذلك أن قرار نقل القمة إلى بلد لا تتوافر فيه أدنى المواصفات التي تسمح بانعقاد اجتماع من هذا النوع، يكشف غياب الرغبة في مواجهة الواقع، الذي تحدث المغرب عنه عارضًا كل الأسباب التي تدعوه إلى الاعتذار عن عدم استضافة القمة، مركزًا على العجز عن التوصل إلى أي نتائج تخدم القضايا العربية المطروحة.
وعلى الفور سارعت مصر بتقديم مرشحين لها مبكرًا لشغل المنصب، وقالت مصادر إن هناك ثلاثة مرشحين مصريين للمنصب، الأول سامح شكري وزير الخارجية الحالي، والثاني نبيل فهمي وزير الخارجية السابق، والثالث أحمد أبوالغيط وزير الخارجية الأسبق.
وأكدت مصادر دبلوماسية أخرى أن نبيل العربي علم أن مصر لا تريد التجديد له، بعد تأكدها من ممانعات بعض الدول، خاصة أنه متهم بأنه جعل الجامعة “مطية لقطر”، كما أن هناك دولاً عربية تبحث بجدية مسألة دورية منصب الأمين العام للجامعة العربية، وترشيح شخصية من دولة أخرى غير مصر.
وكشفت سرعة البيانات التي صدرت من الخارجية المصرية عقب إعلانه عدم رغبته في الترشح لفترة ثانية، أن هناك ترحيبًا بمغادرته.
وذكرت المصادر أن وضع جامعة الدول العربية يشبه إلى حد كبير وضع فصيلة الديناصورات المنقرضة، كما يمكن مقارنته بالوضع الذي آلت إليه عصبة الأمم التي انتهت بعد الحرب العالمية الثانية.
وكانت عصبة الأمم تأسست بعد الحرب العالمية الأولى، لكن عجزها عن التعاطي مع المشكلات العالمية التي قادت إلى الحرب العالمية الثانية فرضت البحث عن هيئة جديدة هي الأمم المتحدة.
ولخصت المصادر نفسها أزمة جامعة الدول العربية بالتساؤل إلى متى يمكن لهذه المؤسسة التي بات عليها التفرج على ما يدور في المنطقة والاستمرار في لعب هذا الدور.
وقال وزير سابق للخارجية في إحدى الدول المهمة “هل وظيفة جامعة الدول العربية لعب دور المتفرج وهل يمكن أن تبقى أسيرة البحث عن شخصية مصرية تحل مكان الأمين العام المنتهية ولايته؟”.
ولاحظت أن جامعة الدول العربية الغائبة عن كل أزمات المنطقة من سوريا إلى اليمن، باتت في حاجة إلى إعادة نظر جذرية في أوضاعها انطلاقًا من الموقف المغربي من القمة العربية الذي كان بمثابة إنذار قوي للعرب أكثر من أي شيء آخر.
وخلصت إلى القول أن الاعتذار المغربي يفرض عقد اجتماع تأسيسي لما بقي من دول عربية قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة وشجاعة بدل التلهي بمسألة من ستكون الشخصية المصرية التي ستخلف نبيل العربي بعد أشهر قليلة، وأوضحت أن هذا الاجتماع يفرض البحث عن هيئة جديدة يمكن أن تتخذ قرارات كبيرة وأن تجمع ما بقي من العرب تحت مظلتها.
ونبهت في هذا المجال إلى أن دولاً عربية عدة تعاني من أزمات تهدد كيانها وطبيعتها وتركيبتها الاجتماعية، فإضافة إلى ما هو مطروح في شأن مستقبل العراق الذي صارت هويته موضع تساؤلات، هناك سوريا حيث صار التقسيم فيها أمرًا واقعًا، ولبنان الذي يعجز عن انتخاب رئيس للجمهورية، والذي أصبح وزير خارجيته صوت السياسة الإيرانية في أروقة جامعة الدول العربية واجتماعاتها.
المصدر: العرب