ترجمة حفصة جودة
وفقًا للمعايير في أي مدينة غربية، فالدور الذي يلعبه الدين في السباق الرئاسي الأمريكي يبدو هائلًا، فقد أكدّ استطلاع الرأي الذي أجراه مركز “بيو” للأبحاث أن كونك ملحدًا، هي مسؤولية قاتلة لأي شخص يأمل في دخول البيت الأبيض، فقد قال 51% أنهم لا يرغبون في التصويت لمرشح لا يؤمن بوجود الله، بينما قال 6% فقط أنهم قد يصوتوا له.
عند مقارنة ذلك بالديموقراطيات الأخرى نجد أن كبار الساسة (مثل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وروئيسة وزراء إستراليا السابقة جوليا جيلارد) يستطيعون بلا اكتراث إنكار وجود أي قوى عليا.
وجد الاستطلاع ذاته أن حوالي 51% من الناخبين يرون أنه من الضروري أن يحصلوا على رئيس يشاركهم رؤيته الدينية، ومما لا يثير الدهشة أن النسبة الأعلى كانت بين الناخبين الجمهوريين (64%) مقارنة بالديموقراطيين (41%)، لكن الانتماء الحزبي جعل الفارق أقل مما قد تتوقع.
ومع ذلك، فالدور الذي يلعبه الإيمان ليس ثابتًا ولا يمكن التنبؤ به بسهولة، فمؤخرًا عام 2007، كانت نسبة الأشخاص الذين قالوا أنهم قد يتراجعوا عن انتخاب مرشح ملحد أعلى (63%) مما هي عليه الآن، أما نسبة الأشخاص الذين قالوا أن وجود مرشح لا يؤمن بالله لن يشكل فارقًا، قفزت في التسع سنوات الأخيرة من 32% إلى 41%، ومن بين جميع المشاركين عام 2016، يعتقد حوالي 68% أن الدين قد فَقَدَ تأثيره في الحياة الأمريكية، أما خلف هذه الأرقام فيكمن اتجاه ديموغرافي أوسع بكثير، حيث أظهرت دراسة سابقة بمركز “بيو” أن عدد من كتبوا في خانة الدين “لا يوجد” أو الأميركيين الذين لا ينتمون لأي دين، نسبتهم آخذة في الارتفاع من 16% عام 2007 إلى 23% عام 2014.
ومع ثبات أعداد الإنجيليين على نطاق واسع بنسبة 25%، نجد أن نسبة البروتستانت الرئيسيين أو الليبراليين تتقلص بشكل سريع، مما يترك مشهدًا متناقضًا؛ فمن بين الناخبين الجمهوريين نجد الإنجيليين هم أكبر معسكر ديني بنسبة 38% أما بين الديموقراطيين نجد أن “اللادينيّين” هم القوة الأكبر بنسبة 28%.
لكن من الواضح أن هذا لا يعني أنه كلما كنت إنجيليًا، كلما أحبك واختارك الناخبون الجمهوريون؛ ففي ثلاث من أصل أربع منافسات رئيسية، كان دونالد ترمب – المتزوج ثلاث مرات والمتساهل مع الكنيسة – قد انتصر على تيد كروز الذي كان حماسه الإنجيلي نقطة رئيسية في دعايته الانتخابية.
ووفقًا لما قاله روبرت جونز من معهد البحوث الدينية العامة، يبدو أن السيد ترامب يناشد الجموع الانتخابية المرتابة من المسيحيين البيض، الذين يشعرون بأن تأثيرهم على الحياة العامة في تراجع، حيث تعّهد بأن “يجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى”، فهو يعدهم لا شعوريًا بعودة الزمن الذي كان فيه هذا النفوذ طاغيًا.
بالنسبة للناخبين الديموقراطيين، فهم ليسوا جميعًا عقلانيين ملحدين ولكنهم لا يبحثون أيضًا عن تلك الصفة في مرشحيهم، فالكثير منهم يقبلون إدعاء هيلاري كيلنتون أنهم متأثرين بشدة بإيمانها بالمنهج الكنسي، بينما يرى الناخبون الجمهوريون أنها ليست متدينة كثيرًا أو غير متدينة على الإطلاق.
بالنسبة لمنافسها بيرني ساندرز، اليهودي العلماني، يميل الكثير من الناخبين لإعطائه ميزة الشك الروحي، حيث يرى 40% من المشاركين أنه متدين “جدًا” أو متدين “نوعًا ما”، بينما يرى 30% فقط تلك الصفة في دونالد ترامب.
لكن يبدو أن بعض الناخبين المتدينين قد تم إقناعهم بأن كنائسهم ستكون أكثر أمانًا من الإرهابيين والعلمانيين، إذا كان ملياردير نيويورك موجودًا لحمايتهم.
المصدر: إيكونوميست