يزعم جهاز الشاباك الإسرائيلي تمكنه مؤخرًا من اعتقال الشقيقين أكرم بدوي (33عامًا) وناصر بدوي (23عامًا)، حيث يتهمهما بالمسؤولية عن تنفيذ عمليات القنص التي تعرض لها مستوطنو وجنود الاحتلال خلال العامين الماضيين في محيط المسجد الإبراهيمي بالخليل، أدت لمقتل جندي وإصابة 4 آخرين.
وبحسب تصريحات الشاباك فقد تم تسليم بندقية القنص التي استخدمت في العمليات، وكذلك تسليم بندقية من نوع “كارلو” كان أحد الشقيقين ينوي تنفيذ عملية إطلاق نار بها على جنود الاحتلال.
صراع العقول
فشل جهاز الشاباك في العثور على الشقيقين لمدة طويلة، رغم قوة استخباراته وشبكة العملاء التابعين له في مدينة الخليل، واعتبرهم الاحتلال شبحًا يهدد المستوطنين والجنود في المدينة، وكان الخلاف قائمًا بين الشاباك والجيش، على أن القناص يستخدم سلاحًا دقيقًا يصوبه ضد المستوطنين والجنود، أم أنه محترفٌ يستخدم سلاحًا عاديًا وخبرته الطويلة تساعده على الاستهداف عن بُعد 500 متر.
حيث كانت عمليات القنص تتم عن بعد، ودون ترك آثار خلفهم، وتم قنص الجندي بالعنق ومن خلفه مكان مفتوح لكي تواصل الرصاصة طريقها ولا يتم العثور عليها ومعرفة نوع البندقية المستخدمة، مما صعّب على الاحتلال الوصول لمعلومات أولية تدلهم على المنفذ وتعقبه.
وأوضح خبراء الاحتلال أن عملية القنص تتطلب القيام بخطوات ثلاث: جمع للمعلومات المسبقة عن المكان والهدف الأنسب واللحظة الأفضل لتنفيذ الهجوم، وهذه الخطوات تحتاج وقتًا طويلاً وتخطيطًا محكمًا ثم الانسحاب بأمان، وقناص الخليل تجاوز ذلك بحرفية عالية.
تفاصيل عمليات القنص
وذكر الاحتلال أن أولى عمليات القنص حسب اعترافات الشقيقين كانت يوم الجمعة 6 نوفمبر من العام الماضي 2015، حيث تم إخفاء بندقية القنص في مسجد “المجاهدين” في المدينة، تم إحضارها من المكان وتوجهوا بها إلى عمارة يملكها والدهم، ومن الطابق الثالث نفذ أكرم أول عملية قنص باتجاه مجموعة من المستوطنين بالقرب من المسجد الإبراهيمي وأصاب مستوطنين بجراح.
وكانت العملية الثانية في يوم 25 من الشهر نفسه، نفذها ناصر من نفس الشقة، حيث انتظر مرور الجنود والمستوطنين بالمكان وأطلق النار باتجاههم وأعاد بندقية القنص لمخبئها في المسجد، وأصيبت سيارة للمستوطنين كانت متوقفة في المكان دون وقوع إصابات.
وفي الثالث من يناير عام 2016 رصد ناصر عددًا من الجنود يقفون بالقرب من المسجد الإبراهيمي، فاتصل بشقيقه أكرم وطلب منه إحضار البندقية، وقام بإطلاق النار تجاه ضابطة من قوات الاحتلال أصابها بجراح.
وبعد ساعات الظهيرة من نفس اليوم، نفذا عملية إطلاق نار من داخل سيارة تجاه حاجز عسكري جنوبي مدينة الخليل، وأصيب جندي بجروح وصفت بالمتوسطة، ونفذوا عدة عمليات إطلاق نار تجاه هذا الحاجز دون وقوع إصابات.
قوات الاحتلال اعتقلت ناصر في التاسع من يناير 2016 للتحقيق لدى المخابرات الإسرائيلية، قام أكرم بتنفيذ عملية قنص جديدة في السادس عشر من نفس الشهر دون وقوع إصابات، وذلك لإبعاد الشبهة عن شقيقه ناصر المعتقل.
واقع الضفة ومخاوف الاحتلال
من جانبه قال والد الشقيقين أن اجراءات الاحتلال وقمعه المواطنين في الضفة واعتقال أبنائهم لن يثني عزيمتهم، وتمارس قوات الاحتلال سياسة التضييق على المواطنين في الضفة لمنع تكرار عمليات إطلاق النار والطعن، وتنظم حملات اعتقالات وتفتيش مستمرة للعثور على أسلحة ومعدات تساعد على تنفيذ هذه العمليات بأيدي الفلسطينيين.
الاحتلال بات يفقد زمام الأمور في الضفة، وهو متخوف من انفلات الحالة الأمنية وزيادة وتيرة هذه العمليات العسكرية من قِبل الفلسطينيين، حيث تشهد يوميات انتفاضة القدس تطورات عديدة على مستوى نوعية العمليات للمقاومة، والفئات المنفذة لها والمشاركة في المظاهرات اليومية، ويعتبر الاحتلال أن الفلسطيني قنبلة موقوتة لا يُعرف متى موعد انفجارها في إشارة لكثرة العمليات الفردية المنظمة ضد المستوطنين وقوات الاحتلال، وعدم معرفته السيطرة عليها وإيقافها.
ونبقى أمام تساؤل مهم: هل ستبقى العمليات الفردية هي السمة الواضحة للانتفاضة؟ أم أنها ستشهد عمليات نوعية أخرى منظمة تتبناها فصائل المقاومة بالضفة، لتجعل العدو أكثر إيلامًا وتفقده السيطرة الحقيقية والفعلية على مناطق الضفة؟