تستعد لجنة الخمسين لتعديل الدستور المصري للتصويت النهائي على مسودة الدستور السبت القادم وسط جدل حول بعض المواد التي أثار إقرارها بشكل مبدأي اعتراضات شديدة ومطالب من جانب معظم القوى السياسية التي هددت بإطلاق حملة للتصويت بلا على الدستور في الاستفتاء.
أبرز المواد الخلافية كانت مواد الهوية وإلغاء نسبة العمال والفلاحين في المجالس النيابية وإلغاء مجلس الشورى والفشل في تبني نظام انتخابي وإحالته للمشرع (الرئيس) بالإضافة إلى محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية.
فمثلا بخصوص المادة التي تبيح محاكمة المدنيين عسكريا في مخالفة صريحة لحقوق الإنسان التي تنص على محاكمة الأشخاص أمام قاضيهم الطبيعي، حاولت القوى السياسية المصرية التأثير على لجنة الخمسين.
فقد ناشد حزب الدستور، اللجنة، أن ينص دستور مصر على حظر المحاكمات العسكرية للمدنيين، مؤكدا أنه يرفض أن يحتوي دستور الثورة مادة تجيز أي نوع من أنواع محاكمة المصريين أمام قاضٍ غير قاضيهم الطبيعي، داعيا اللجنة إلى مراجعة قرارها.
وقال أحمد ماهر مؤسس حركة 6 إبريل إن القوى الثورية رفضت دستور عام 2012 خلال عهد الرئيس المعزول محمد مرسي وانسحبت من اللجنة التأسيسية للسبب ذاته.
وقال عمرو على المنسق العام للحركة فى بيان لها إن الحركة ستدعو المصريين للتصويت بـ لا ، على الدستور القادم إذا لم تتراجع لجنة الخمسين عن هذه المادة.
وأصدر حزب ” مصر القوية ” بياناً أكد فيه أن مواد الصياغة الدستوريه تجعل الجيش أكثر من مجرد دولة داخل الدولة بل إن مصر بكاملها أصبحت دويلة داخل دولة ، والجيش يتحكم في مقدراتها وقرارها وفق إرادة القادة العسكريين ودون إعتبار لمؤسسات وسلطات الدولة المنتخبة من الشعب.
ومن ناحية أخرى شهدت أزمة إلغاء نسبة الفلاحين والعمال تصاعدا خلال الأيام القليلة الماضية وهدد ممثل الفلاحين ممدوح حمادة في لجنة الخمسين بالانسحاب من اللجنة، وحشد الفلاحين والمواطنين بمختلف فئاتهم للتصويت بلا على الدستور القادم خلال الاستفتاء.
دعا عبد الفتاح إبراهيم رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال مصر الذي أعلن انسحابه من لجنة الدستور الاثنين الماضي اللجنة إلى مراجعة قرارها في هذا الشأن الذي اعتبر أنه يقصي 70 في المئة من الشعب .
كما اشتعلت أزمة متفاقمة في أوساط السلطة القضائية خلال الأيام الماضية عقب إقرار لجنة الخمسين لمواد السلطة القضائية دون منح النيابة الإدارية اختصاص القضاء التأديبي، وهو ما أثار حفيظة هيئة النيابة الإدارية وقضايا الدولة.
هددت الهيئتان بتعليق عملهما كممثلين للادعاء التأديبي أمام محاكم مجلس الدولة للهيئة الأولي وكنائبين عن الحكومة بالنسبة لقضايا الدولة، وعبرتا عن اعتراضهما الشديد ضد ما وصفوه بسلب اختصاصاتهما واهمال مطالبهما من قبل لجنة الخمسين.
وهدد ممثلو النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة في الجمعية العمومية المشتركة التي عقدت الخميس باتخاذ إجراءات تصعيدية وصلت لحد التهديد بعدم المشاركة في الاستفتاء المقرر على الدستور الجديد أو الإشراف عليه.
ولأسباب إجرائية أخرى اعتبر حزب مصر القوية أن الاستفتاء على الدستور سيكون باطلا، فقد أكد إبراهيم الحمامى، عضو المكتب السياسى ومسئول لجنة النضال القانوني بالحزب أن الاستفتاء على الدستور باطل، لافتا إلى انتهاء مدة الـ 60 يوما المخصصة لعمل لجنة الخمسين ما يجعل استمرارها غير قانوني. وأن ما يتم من أعمال للجنة يمتد خارج غطاء الإعلان الدستوري باطل بطلانًا مطلقًا وسيمتد البطلان إلى كل ما يترتب على ذلك بما فيه طرح التعديلات للاستفتاء.
الإخوان من جانبهم يحاولون التواصل مع قوى ثورية للحشد لرفض الدستور، مثل حركة السادس من إبريل وحزب مصر القوية وبعض النشطاء المنتمين إلى اليسار الثوري في مصر، وصرح محمد علي بشر، القيادي في تحالف دعم الشرعية أن التحالف يسعى “إلى الالتفاف حول مشروع وطني جامع يضم كل الأطياف السياسية وتوحيد الاصطفاف الوطني ضد السلطة الحالية، وبدأنا التواصل بالفعل منذ أحداث محمد محمود الإثنين الماضي”.
وفي سياق آخر، اتهمت حركة 6 أبريل، اللجنة العليا للإشراف على الانتخابات بالتعنت ضدهم وضد 25 مظمة حقوقية أخرى ورفض إعطائهم التصريح للرقابة على الاستفتاء على الدستور القادم، والذي سيطرح للاستفتاء بعد انتهاء لجنة الخمسين من أعمالها متهمين الدولة بعدم الحيادية وبالحشد للتصويت بـ”نعم” رغم عدم الانتهاء من وضع الدستور.
وقال أحمد ماهر، مؤسس الحركة، أن هناك اتجاه واضح داخل الدولة يدعو للتصويت بـ”نعم” رغم عدم الانتهاء من عملية الدستور ووجود اعتراضات على عدد من النصوص التي لا تلبي مطالب الشعب المصري، ووضع إعلانات تطالب المواطنين بالتصويت بـ”نعم” على الدستور الجديد.
يأتي ذلك في الوقت الذي احتلت لافتات، تحمل خلفية حمراء، مساحات كبيرة من مناطق التجمعات السكنية وأعلى الكباري والطرق والميادين الرئيسية في مصر، خاصة في القاهرة، تدعو للمشاركة في الدستور قبل أن تنتهي «لجنة الـ50» لتعديل الدستور من مواده، مصحوبة بعبارة تقول «المشاركة في الدستور = نعم لـ30 يونيو و25 يناير».
جدير بالذكر أن السلطات المصرية قررت حظر التظاهر بدءا من اليوم بشكل كامل من خلال إقرارها قانون جديد للتظاهر، يمنع المواطنين من التظاهر أو التعبير عن آراءهم بدون الحصول على موافقة مسبقة من أجهزة الأمن.