من طلب العلا سهر الليالي على الجسور والمعابر حتى يصل، والكثير منهم لا يصل!
يواجه الطلاب الفلسطينيون مشكلة حقيقية في تخطي حدود الوطن بقصد إكمال الدراسة والتعليم خارج فلسطين، فالصعوبات التي تعتريهم تقف أمام طموحاتهم والمستقبل الأجمل الذي ينتظرهم.
يحتاج الفلسطيني إلى السفر سواء للسياحة وقضاء الإجازات وزيارة الأرحام والأقارب، والأهم من ذلك للعلاج والتعليم، فهذه حقوق له كباقي البشر، نص القانون الدولي على ضرورة تمتع الأشخاص بالحق في التعليم وعدم حرمانهم من ذلك.
رغم ذلك، يمارس الاحتلال أساليبه القمعية وحرمان الطلاب الفلسطينيين من السفر للتعليم، ويغلق المعابر الحدودية والجسور أمامهم ويمنعهم من المرور، وكذلك يضغط على الدول العربية المجاورة بعدم السماح لهم بالسفر.
سياسة تجهيل متعمدة
الشعب الفلسطيني يحب التعليم بفطرته ويحرص عليه، وهذا ما يقلق الاحتلال وكيانه الغاصب، فهو لا يريد للفلسطينيين النهوض علميًا وثقافيًا ومواكبة الحضارات، فيعمل الاحتلال على تنفيذ سياسة تجهيل ممنهجة معهم ليصرفهم عن ذلك.
يعمل الاحتلال على صنع الظروف السيئة التي تجبر الطالب للعزوف عن التعليم وعدم محاولة الاستمرار بالحياة الجامعية وتحصيل الدرجات العلمية، فينشر الحواجز العسكرية بين المدن لتفتيش الطلاب وعرقلتهم خلال طريقهم إلى الجامعات، وكذلك يعتقل بعضهم لأشهر وسنوات طويلة.
تصرفات الاحتلال اليومية تجاه الطلاب تجبر بعضهم على اتخاذ قرار السفر بهدف التعليم، حيث طموحاته وأهدافه يصغر أمامها الاحتلال وعرقلته، عندها يواجه الطالب ضغوطات أخرى على المعابر والجسور الحدودية، لا تقل صعوبة عما واجهه داخل الوطن خلال تنقله للدراسة في الجامعات المحلية.
يتعرض الطالب لاستفزازات جنود وضباط الاحتلال، حيث يساومونه على كل شيء، ويعرضون عليه العمل معهم كمخبر مقابل السماح له بالمرور والتنقل بحُرية، ويغرونه بالمال الكثير مقابل موافقته على ذلك، لا يسمح لهم بالمرور ويؤمرون بالرجوع ، فيرجع الطالب على أمل تكرار المحاولة مرة أخرى فيما بعد.
الاحتلال لا يريد للفلسطينيين ممارسة حياتهم اليومية بحرية وإكمال دراستهم الجامعية وتحصيلهم الشهادات العليا، فيقلقه حملة الشهادات والمتعلمون والمبدعون منهم في كافة المجالات، فهو على معرفة تامة أن صراعنا معه أيضًا صراع عقول وكفاءات تبني الأوطان وتكون عقبة حقيقية أمام مخططاته التهويدية.
ضغوطات نفسية
يواجه الطلاب الفلسطينيون ضغوطات نفسية كبيرة بسبب سياسة الاحتلال هذه، فالأوضاع الاقتصادية سيئة ولا فرص عمل مجدية في الضفة وقطاع غزة، ومنع مصر والاحتلال لطلاب غزة من السفر، وكذلك عرقلة الاحتلال لطلاب الضفة من الدراسة في الجامعات المحلية والسفر للخارج للتعليم، يضع الطالب أمام تحدٍ كبير.
بعض الطلاب في الخارج يرجعون في العطل الرسمية والأعياد إلى فلسطين لزيارة الأهل، فتمنعهم قوات الاحتلال من السفر مرة أخرى لإكمال الدراسة، مما يضع الطالب وأهله في معضلة نفسية كبرى بسبب قطع دراسته، عوضًا عن الخسائر المادية التي يتحملونها.
الكثير من الطلاب ترهقهم تصرفات الاحتلال، مما يضطرون للاستسلام للواقع وعدم الكفاح من أجل التعليم، ويدخلون في حالة نفسية خانقة ويشعرون بالفشل أمام غطرسة الاحتلال وقمعه، وبعضهم يعزف عن التعليم مكرهًا دون رجعة، والقليل منهم يصمد ولا تثنيه إرادته عن مواصلة المسير والمحاولة لإكمال تعليمه بكل الطرق المتاحة.
يلازم الطلاب هاجس الخوف من المستقبل، فلا فرصة لهم للتعليم وحرموا منه قسرًا، ولا واقع اقتصادي جيد ينهض بهم لبناء مستقبل يضمن لهم حياة كريمة مستقلة.
مناشدات وأمل يتجدد
يناشد الطلاب الفلسطينيون ومراكز حقوق الإنسان الفلسطينية المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان العالمية، بالضغط تجاه الاحتلال الإسرائيلي والتحرك العاجل بالسماح للطلاب بالسفر لإكمال الدراسة والتعليم، وفك الحصار عن قطاع غزة وعدم ربط القضايا السياسية بقضية الطلاب، والسماح لطلاب الضفة الغربية بالتنقل بحرية والسفر دون وضع العراقيل أمامهم ومنعهم.
بالرغم من القهر الذي يتعرض له الطالب الفلسطيني، وتخلي الجميع عن حقوقه المشروعة، لا يمنعه ذلك من بث روح الأمل في نفسه والإصرار على المسير حتى وصول القمم، ومواكبة كل ما هو جديد في شتى المجالات العلمية والثقافية والتنموية، فالرسالة التي يحملها لا يستطيع المحتل طمسها وإن استخدم معه شتى وسائل الضغط والإذلال لعدم مواصلته المسير وإيصالها.
هل سنشهد في الفترات المقبلة حلولا مناسبة وعادلة تنصف الطلاب الفلسطينيين؟ أم أنهم سيبقون خاضعين لسياسات الاحتلال التجهيلية الظالمة على مرأى المسؤولين الفلسطينيين الذين لا يقدمون يد العون والمبادرات الرسمية لإيجاد الحلول لهم والضغط على المحتل لإنصافهم.