تتميز العلاقة بين حماس والنظام المصري بالتوتر الشديد، وذلك بعد انقلاب السيسي على الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي وهو أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا، تم اتهامه بالتخابر مع حماس .
قادة حماس في تصريحات لهم مؤخرًا، أكدوا حرصهم على أمن مصر وتأمين الحدود معها، وهناك اتصالات تجريها حماس مع السلطات المصرية لتطوير العلاقة الثنائية بين الجانبين، ولتسييرها نحو الأفضل وفي الاتجاه الذي يخدم القضية الفلسطيينة، وبينت حماس أن دور مصر أساسي وفعّال.
وأضافت حماس أن تطور العلاقة مع مصر سينعكس إيجابيًا على الوضع الإنساني في قطاع غزة، وأن هذه العلاقة يراد لها أن تكون قوية، وأي علاقة مع الدول الأخرى والأطراف لن يكون على حساب العلاقة مع مصر.
حماس لها وزنها وقوتها على الساحة الفلسطينية والدولية، ومقاليد الحكم في غزة بيدها، ويوجد الكثير من الملفات العالقة التي يراد لها حلولاً مناسبة لجميع الأطراف، فمصر لن تسمح للأطراف الإقليمية الأخرى أن ترعى الملف الفلسطيني، أو أن يكونوا بديلاً عنها، فالمصالح السياسية والتغيرات في المنطقة قد تدفع حماس والنظام المصري للتقارب أكثر، وتجاوز العقبات ومسلسل الجفاء الحاصل بينهما.
كانت سياسة مصر في الفترة الأخيرة وبالتنسيق مع السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، تقضي بتضييق الخناق على قطاع غزة المحاصر، لإفشال حكم حماس للقطاع، في محاولة منهم لإخضاعه وتسليم سلاح المقاومة من قِبل الفصائل الفلسطينية، ووقف تهريب السلاح للقطاع وإيقاف إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة.
عمد النظام المصري إلى إغلاق معبر رفح البري بشكل شبه كامل منذ يوليو2013 وتفتحه استثنائيًا لسفر الحالات الإنسانية فقط، وهو يعتبر المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة بمصر.
كما قام نظام السيسي بتنفيذ مشروع برك المياه المالحة على طول حدود قطاع غزة مع مصر، جاء ذلك بعد نصيحة الرئيس محمود عباس للمسؤولين المصريين بهذه الخطوة، في إشارة واضحة منه على دوره في حصار غزة وخنقها، حيث شرعت السلطات المصرية بعدها بضخ المياه المالحة من البحر الأبيض المتوسط داخل برك مائية أقامتها على طول الشريط الحدودي مع القطاع، بهدف القضاء نهائيا على أنفاق التهريب على طول الشريط الحدودي، التي تعتبر المتنفس الوحيد لقطاع غزة بعد الحصار الخانق المقام عليه منذ 10 سنوات.
حركة حماس أعربت عن رفضها سياسة مصر المتبعة مع القطاع، وأن مشروع البرك المالحة يمثل خطورة كبيرة على المياه الجوفية ويهدد عدد كبير من المنازل على الجهة الفلسطينية بسبب انهيارات التربة.
تسعى حماس جاهدة إلى حل أزمة قطاع غزة الإنسانية والتخفيف من معاناة أهل القطاع بكافة السبل المتاحة، فهي لا تريد أعداءً لها من دول الجوار ولا تتدخل بالسياسات الداخلية لها، رغم اتهامها من قِبل مصر بذلك، وقيام حملة إعلامية كبيرة شهرت بالحركة وبقطاع غزة من قِبل الإعلام المصري المنحاز لنظام الانقلاب.
الوضع الداخلي لقطاع غزة يزداد سوءًا كل يوم، أطبق الحصار عليهم من جميع الأطراف، معبر رفح المصري مغلق منذ سنوات، والاحتلال يغلق معابره الحدودية مع القطاع ويتحكم بحركة المرور المحدودة للمواطنين والبضائع التجارية، وأزمة رواتب الموظفين في غزة لم تحل مع السلطة الفلسطيينة في تنصل واضح للسلطة من مسؤولياتها في القطاع، عوضًا عن مشاركتها في حصار غزة ورفض المبادرات العربية لحل مشكلة غزة.
كشفت القناة العبرية العاشرة، مساء الإثنين 29 فبراير 2016، عن رفض رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مؤخرًا لمشروع مد خط كهربائي جديد لقطاع غزة، جاء به رجل أعمال إسرائيلي كمشروع تجاري وسيكون من تمويل قطري على أن تنفذه شركات أوروبية، حيث رفضته السلطة دون إبداء الأسباب.
وتعتبر مصر الراعي الرئيس لمفاوضات التهدئة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة في السابع من يوليو 2014، فهي من خلال وزنها الدولي والإقليمي تعتبر رعاية الملف الفلسطيني مكسبًا سياسيًا لها، فهي تتجه إلى تحسين العلاقة مع حماس ولو بصورة تدريجية، كما تعرف مصر أهمية حماس في المحافظة على أمن الحدود المصرية على طول القطاع، فهي تريد تحسين العلاقة مع حماس باعتبارها الخيار الأفضل مقارنة ببدائل أخرى بسبب ما تشهده المنطقة من تغيرات.
تدرك حماس أن مصر تمتلك المفاتيح السياسية لإنقاذ الوضع الكارثي في القطاع، خصوصًا على مستوى فتح معبر رفح البري، فأي تطور بين حماس والنظام المصري سينعكس إيجابًا على قطاع غزة، وتحسين الأوضاع المعيشية والإنسانية فيه، وأوضحت حماس أن حدود قطاع غزة مع مصر آمنة بقرار سياسي، ولا دور عسكري وأمني لحماس في سيناء ورفح المصرية، وأنها لم تسمح بالعبث في أمن مصر في الماضي، ولن تسمح بذلك في المستقبل، وأكدت على التزامها بـ” حسن العلاقة مع مصر” مجددًا وعدم التدخل في الشأن الداخلي المصري أو أي دولة عربية.
فهل ستأخذ العلاقة بين النظام المصري وحماس شكلاً آخر لما كانت عليه سابقًا وتتوجه مصر بدعوة رسمية لحماس لزيارتها للتباحث في العديد من القضايا، والوصول إلى حلول مرضية توصلنا إلى فك الحصار عن غزة، والتخفيف من معاناة أهلها بعد سنين عجاف من ظلم العدو والقريب؟