لا تزال بعض العقول عندنا لم تفهم قواعد اللعبة، تفكر بعقلية بعيدة كل البعد عن الحقائق السياسية الموجودة في بلاد “العم سام”، هناك الكثير من العقول لم تستوعب بعد أن السيد “ترامب” أسطورة حقيقية في الولايات المتحدة، وقد يكون أشهر مرشح في تاريخ الولايات المتحدة، فاقت شهرته، على ما يبدو، حتى بعض رؤوساء الولايات المتحدة الذين تقلدوا الحكم.
لا يزال البعض عندنا يفكر بطريقة بدائية، معتقدًا أن “ترامب” ما هو إلا “كراكوز” خالتي صبيحة الذي يُراد منه التخويف والترهيب، والحقيقة أن “ترامب” بعبع حقيقي متجه بخطوات ثابتة نحو النصر، ليكون بذلك على أقل تقدير مرشحًا للجمهوريين في الانتخابات النهائية، وهناك قد يكرم “ترامب” أو يهان أمام “هيلاري كلينتون” بنسبة كبيرة أو بدرجة أقل أمام مرشح الديمقراطيين الآخر “ساندرز”.
متتبعًا لبعض التحليلات في منطقتنا، استوقفني أحد رجال الفكر عندنا وهو يجزم أن ترامب سيخسر لا محالة، ولا أعرف الصراحة كيف تم بناء فكرته هذه وعلى أي أسس جاءنا بنظريته، هل لأن ترامب مثلًا يقف ضد المسلمين واليهود والمكسيكيين، وفكرة محللنا هذا، هي نفس ما يطبخه فكر الديمقراطيين في أمريكا الذين يعتقدون أن ترامب مجرد مخبول ومجنون لن يشكل تهديدًا عليهم أبدًا.
رغم أن دواليب السياسة في الولايات المتحدة تسير في اتجاهات عكس ذلك تمامًا، بحيث أن خسارة الولايات المتحدة لبعض مناطق نفوذها في الشرق الأوسط أمام التمدد الروسي خلال حكم الديمقراطي “أوباما” تجعل من مهمة الديمقراطيين في الفوز عمومًا تشبه ولو قليلًا مهمة الحزب الإشتراكي في الفوز بإنتخابات فرنسا.. لذلك الخطة “ب” في الإستراتيجية القومية الأمريكية هي صناعة رئيس قوي يشبه في جبروته قليلًا “بوتين” ليعيد على الأقل هيبة الولايات المتحدة على الساحة السياسية الدولية ولو بالكلام والتهديد.
“ترامب” أو “هتلر الجديد” كما يسمى في أوساط الأمريكيين، يعتبر حالة فارقة في تاريخ الولايات المتحدة عمومًا، وفوزه بانتخابات “الثلاثاء الكبير” تبدو مؤكدة وإن استعرض البعض أفكارًا عكس ذلك، سيفوز ترامب وسيكون مرشح الجمهوريين الوحيد وستستمر الظاهرة في البروز إلى غاية الانتخابات النهائية، وقد تدخل حسابات جديدة مستقبلًا في صراعه النهائي لتمنعه من الانتصار، لكن لن يمنعه شيء أبدًا من الفوز بعد ساعات قليلة في جولته الانتخابية الجديدة، والساعات القليلة القادمة بيننا لتأكيد ذلك أو نفيه.