أكد السفير الأمريكي في إيطاليا، جون فيليبس، أمس الجمعة، أن خمسة آلاف جندي إيطالي سيتوجهون إلى ليبيا، وبين فيليبس أن القوات الإيطالية ستذهب إلى العاصمة طرابلس من أجل تأمينها ومنع سيطرة تنظيم “داعش” عليها.
وفي مقابل ذلك أشار السفير الأمريكي جون فيليبس، في مقابلة مع صحيفة “كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، إلى أن مساهمة بلاده في التدخل العسكري في ليبيا لم تتم مناقشتها بعد من قِبل إدارة أوباما، مؤكدًا في الوقت ذاته مشاركة الولايات المتحدة الاستخباراتية، وأوضح بأن القوات الإيطالية ستتوجه إلى طرابلس لمنع سيطرة تنظيم داعش عليها.
وأكد قائد القوات الأمريكية الخاصة في أفريقيا دونالد بولدوك الأسبوع الماضي في تصريحات إعلامية أن مركزًا للتنسيق لهذا التحالف بات جاهزًا في العاصمة الإيطالية، الأمر الذي نفته وزارة الدفاع الإيطالية آنذاك وقالت إنها تنتظر تشكيل الحكومة الليبية قبل إنشاء أي غرفة عمليات.
وأشار مسؤولون إيطاليون إلى أن أي قوة من هذا النوع ستكون أصغر كثيرًا، وقالوا إن بلادهم لن ترسل جنودًا إلا بناء على طلب ليبي، وإنهم لن يتولوا مهام في خطوط القتال الأمامية.
ويذكر أن أنباء وردت خلال الأسبوعين المنصرمين تحدثت عن وصول قوات خاصة فرنسية وأمريكية وبريطانية إلى ليبيا، إلا أنها قوات محدودة ولا تتعدى بضع عشرات من الجنود.
وذكرت مصادر إعلامية مؤخرًا، إرسال إيطاليا سرًا نحو 40 عميلاً سريًا إلى ليبيا في الأسابيع الأخيرة، ومن المقرر أن ينضم لهم 50 من أفراد القوات الخاصة قريبًا، وقال مسؤولون ووسائل إعلام إن قوات خاصة أمريكية وفرنسية وبريطانية موجودة أيضًا في ليبيا.
وقالت إيطاليا إنها على استعداد لإرسال فرقة أكبر إلى ليبيا للمساعدة في تدريب قوات محلية بمجرد تشكيل حكومة وحدة مدعومة من الأمم المتحدة.
وتبدأ خلال هذا الأسبوع مناورات بين البحريتين المصرية والفرنسية قبالة سواحل شرق ليبيا، وتشارك في هذه المناورات حاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول” والفرقاطة المصرية “تحيا مصر” التي استلمتها مصر مع فرقاطة ثانية من فرنسا الصيف الماضي بعد تراجعها عن بيعها إلى روسيا بسبب المقاطعة الأوروبية المفروضة على روسيا.
وفي السياق، تقوم طائرات من دون طيار تابعة للولايات المتحدة، من حين إلى آخر، بطلعات استكشافية فوق الأراضي الليبية، وقد أغارت الطائرات الأمريكية في 19 فبراير الماضي على معسكر لـ “داعش” قرب صبراتة، وأوقعت نحو 50 قتيلاً بينهم قيادي في التنظيم.
وذكر الموقع الإلكتروني الإسرائيلي “دبكافايل” أنه تم تجميد الأنظمة الإلكترونية للفرقاطة المصرية تحضيرًا لهذه المناورات، ويرجح أن ذلك تم بعد اتفاق مصري فرنسي إسرائيلي، وأشار الموقع نفسه إلى أن المناورات المذكورة تأتي تحضيرًا لتدخل عسكري فرنسي ضد تنظيم الدولة في ليبيا.
وفي سياق متصل، التقى نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية أحمد معيتيق، وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني، في العاصمة الإيطالية روما، أمس الأول الخميس، وجرى تباحث في العلاقات الثنائية وآفاقها المستقبلية، وسبل تواصل الجهود الدولية لدعم الشعب الليبي في معركته ضد “الإرهاب”، وإنهاء الفوضى التي أدت إلى تردي الأوضاع الأمنية والاقتصادية في ليبيا.
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن وزير الخارجية جون كيري التقى كوبلر لبحث وسائل دعم حكومة وحدة وطنية هناك، وقالت الوزارة في بيان لها إن كيري أكد أن الولايات المتحدة سوف تستمر في دعم السراج وحكومة الوفاق الوطني قبل الاجتماع المقرر عقده في تونس الأسبوع المقبل لبحث سبل توطيد سلطة الحكومة في طرابلس، وأضافت أن كيري عبر عن قلقه من أنه على الرغم من جهود غالبية الزعماء الليبيين لترسيخ هذه الحكومة، إلا أن مجموعة من المعرقلين منعت تصويتًا رسميًا كان سيصادق عليه مجلس الوزراء.
وقال كوبلر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع “على ليبيا أن تمضي للأمام وإلا فإنها تخاطر بتعرضها للتفكك والانهيار”.
وتتخوف دول الجوار من تدخل غربي عسكري في ليبيا، وتعتبر الجزائر وتونس أن أي تدخل عسكري محتمل في البلاد سيسفر عن مزيد من الخراب والخسائر البشرية، وتؤكد على موقفها المتمسك بالحل السياسي عبر الحوار.
كما تجمع دول الجوار على رفض أي تدخل عسكري تقوم به الدول الغربية في ليبيا ويشدد المسؤولون هناك على رفضهم القاطع لأي تدخل غير محسوب العواقب، قد تتعدى نتائجه الحدود، ولا تقتصر فقط على ليبيا، وتفضل هذه البلدان إعطاء الأولوية للحل السياسي، ودعم الحكومة الليبية التي تم التوصل إلى اتفاق بشأنها في مدينة الصخيرات.
وأعرب وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني عن أسفه لـ “عدم توصل الشعب الليبي إلى حل سياسي، وعدم التوافق حول حكومة الوحدة الوطنية بين الطرفين في طبرق وطرابلس”، مجددًا التأكيد أنه لا وجود لحل سياسي مثالي لكن الحل السياسي الناقص يبقى أفضل بكثير من عدم وجود حل، وفقًا لتعبيره.
وأوضح الوزير أن بلاده تملك مشروعًا هامًا له علاقة بتأمين الحدود، سيتم عبر مساعدات من بعض الدول على غرار أمريكا وألمانيا، وفي الجانب الاستخباراتي هناك منظومة كاملة لمراقبة الحدود بما في ذلك منظومة طائرات بدون طيار، وأضاف أن “ثمة منظومة كاملة لوزارتي الدفاع والداخلية لحماية الحدود، ترتكز على ثلاثة خطوط، حماية كل خط يحتوي منظومة كاملة”.
وكشف الوزير التونسي في السياق ذاته أن “أمريكا وألمانيا سيشرعان في العمل في منظومة الحماية الإلكترونية، على مستوى الحدود مع ليبيا خلال الأسابيع القادمة، وسيتم إرسال قوات وتقنيين وعسكريين للعمل على المنظومة”.
وأدى وفد من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساء أمس، زيارة إلى معتمدية الذهيبة الحدودية مع ليبيا لتقييم مواقع المخيمات المقترحة من الجهة إلى جانب زيارة المعبر الحدودي بالذهيبة.
وقد تم الاتفاق على تعيين مواقع المخيمات خارج المدينة ليتم نصب أحدها عند تدفق اللاجئين من ليبيا في صورة اندلاع الحرب هناك.
وفي الجانب السياسي، وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة أمس الجمعة فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية قادمًا على رأس وفد بطائرة خاصة من تونس في زيارة لمصر تستغرق عدة أيام يبحث خلالها آخر تطورات الوضع في ليبيا.
ويضم الوفد المرافق لرئيس حكومة الوفاق الليبية تسعة من أعضاء الحكومة ومساعديه حيث سيواصل جهوده واتصالاته مع كبار المسؤولين والشخصيات الليبية المقيمة في مصر لبحث تدشين حكومة الوفاق الوطني بعد فشل اعتمادها من مجلس النواب الليبي خلال الجلسات التي عقدت الأسبوع الماضي.
من جانب آخر أعلن رضا العوكلي وزير الصحة في الحكومة الليبية في طبرق أمس الجمعة أن الوضع الصحي “مأساوي”، مطالبًا المجتمع الدولي بالإفراج عن أموال بلاده المجمدة في الخارج لتوفير الدواء لليبيين.
وقال الوزير خلال مؤتمر صحافي عقده في تونس في مقر بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أن “الوضع الصحي في ليبيا مأساوي، مضيفًا “نحن الآن عاجزون عن شراء مستلزمات لعلاج المرضى والجرحى”، على الرغم من أن لبلاده “مليارات الدولارات مجمدة” في الخارج.
وأضاف “جئت لأوجه رسالة الى المجتمع الدولي: يجب تسهيل توفير مبلغ من الأموال المجمدة”، لافتًا إلى أن نسبة واحد بالمئة من الأموال المجمدة تكفي لشراء دواء للشعب الليبي لمدة سنة.
وأفاد أن “حجة انتظار حكومة وفاق (في ليبيا) هي حجة واهية يمكن أن تصل إلى درجة الجريمة في حق الشعب الليبي”، قائلاً “المجتمع الدولي يجب أن يعلم أنه لا يمكن ربط احتياجات الشعب بحكومة ما، المريض هو الذي يدفع الثمن، يجب أن نجد حلاً، علينا مسؤولية إنسانية”.
وتابع أن لليبيا أموالاً مجمدة بقيمة 295 مليون دولار في بنوك تونسية وأن حكومته أجرت اتصالات منذ سنة مع البنك المركزي التونسي لاسترجاع هذه الأرصدة لكنها لم تتلق ردًا.
من ناحيته قدر سيد جعفر حسين ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، التمويلات التي يحتاجها حاليًا قطاع الصحة في ليبيا، بـ 50 مليون دولار.
ونهاية 2015، أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 2.4 مليون شخص في ليبيا التي يقطنها 6 ملايين ساكن، يحتاجون مساعدات إنسانية بأكثر من 165 مليون دولار في 2016.
وتعيش ليبيا حالة من الفوضى بعد إسقاط نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، حيث تتنازع حكومتان وبرلمانان السلطة في البلاد، وتدور معارك مسلحة بين الجانبين أدت إلى تدهور الحالة الأمنية وانتشار التنظيمات المتطرفة في أنحاء البلاد.