قضاةٌ وضحايا!
إذا كان لاعبو كرة القدم ومدربوها يحظون بقدر من الشهرة والمال كفيل بأن ينسيهم مشقة مهنتهم وعنائها، فما الذي يمكن أن يغري حكام الكرة بمهنة هي الأخف وزنًا على ميزان الشهرة والمال، والأثقل على ميزان الأعباء والمشقات والمتاعب في عالم المستديرة؟
إنه الشغف والمتعة وعشق المهنة الذي يتملك قضاة الملاعب، فينسيهم ما يتعرضون إليه من ضغوطات ومضايقات واعتراضات من قِبل الجماهير أو حتى المدربين واللاعبين، الذين قد تستبد حمى الغضب برؤوسهم نتيجة قرار تحكيمي لم يعجبهم، فيقدمون على حماقات غير محسوبة، كشتم الحكم وإهانته لفظيًا، بل وضربه وإيذائه أحيانًا، في مشاهد حولت أصحاب الصافرات من قضاة يتسيدون الملاعب إلى ضحايا يرثى لهم، كما يظهر في مقطع الفيديو التالي، الذي يوثق عشرًا من أخطر حالات التعدي السافر على حكام الكرة:
معايير تقييم الحكم الناجح
كي يبلغ حكمٌ ما درجة النجاح في ميادين الكرة، فعليه أن يتمتع بقدر كاف من معايير التقييم الـ 5 التالية:
– العدل والحيادية: الحكم ملك الملعب، والعدل أساس الملك، وكي ينجح الحكم في عمله فعليه أولًا أن يترك مشاعره وأهواءه جانبًا.
– استيعاب القوانين: ليس المطلوب من الحكام حفظ القوانين فحسب، بل المطلوب فهمها واستيعابها وتسخيرها بذكاء من أجل إيصال المباراة إلى بر الأمان.
– اللياقة البدنية: إذا كان اللاعبون يركضون حينًا ويرتاحون حينًا، فإن الحكام مطالبون بالاستمرار في الركض، لمراقبة جميع الأحداث التي قد تشهدها دقائق المباراة الـ 90 عن كثب.
– الشخصية: الحزم من غير تعنت، واللين والبشاشة في غير ضعف، فضلًا عن الهدوء والتحكم بالأعصاب، هي الصفات المطلوبة في قضاة الملاعب كي يحسنوا الإمساك بزمام المباريات.
– فريق العمل: شأنهم شأن جميع فرق العمل مع قائديها، يعتبر نجاح الحكام المساعدين في عملهم نجاحًا لحكم الساحة، وفشلهم فشلًا له.
حكام نهائيات كؤوس العالم
طاقم تحكيم نهائي كأس العالم 2010 بقيادة الإنجليزي هاوارد ويب
نظرًا للمكانة العظمى التي تحتلها بطولات كأس العالم في عالم المستديرة، تولي الفيفا مبارياتها النهائية أهميةً كبرى، فتختار لإدارتها أفضل أصحاب الصافرات في أزمنتهم، لتمثل تلك الاختيارات بحد ذاتها أوسمة شرف رفيعةً، يعلقها حكام الكرة على صدورهم مدى الحياة.
وفيما يلي أسماء وجنسيات حكام الساحة الـ 20، الذين تعاقبوا على إدارة المباريات النهائية لجميع بطولات كأس العالم منذ انطلاقتها الأولى قبل 86 عامًا:
– مونديال الأورغواي 1930: البلجيكي يان لانجينوس
– مونديال إيطاليا 1934: السويدي إيفان إيكلند
– مونديال فرنسا 1938: الفرنسي بيير جورج كابدوفيل
– مونديال البرازيل 1950: الإنجليزي جورج ريدر
– مونديال سويسرا 1954: الإنجليزي ويليام لينغ
– مونديال السويد 1958: الفرنسي موريس جيج
– مونديال تشيلي 1962: السوفييتي نيكولاي لايتشيف
– مونديال إنجلترا 1966: السويسري جوتفريد دينست
– مونديال المكسيك 1970: الألماني رودولف غلوكنر
– مونديال ألمانيا 1974: الإنجليزي جاك تايلور
– مونديال الأرجنتين 1978: الإيطالي سيرجيو جونيلا
– مونديال إسبانيا 1982: البرازيلي أرنالدو كويلهو
– مونديال المكسيك 1986: البرازيلي روماودو فيليو
– مونديال إيطاليا 1990: الأرجنتيني إدواردو كوديسال
– مونديال الولايات المتحدة 1994: المجري ساندر بول
– مونديال فرنسا 1998: المغربي سعيد بلقولة
– مونديال كوريا واليابان 2002: الإيطالي بيير لويجي كولينا
– مونديال ألمانيا 2006: الأرجنتيني هوراسيو إلزيوندو
– مونديال جنوب أفريقيا 2010: الإنجليزي هاوارد ويب
– مونديال البرازيل 2014: الإيطالي نيكولا ريزولي
حكم العام
الإيطالي نيكولا ريزولي أفضل حكام العالم في العامين الماضيين
يعتبر الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصائيات كرة القدم (IFFHS)، الجهة الوحيدة الموثوقة والمعتمدة لدى الفيفا في تقييم أداء حكام الكرة، وقد دأب الاتحاد منذ عام 1987 على إصدار قائمة سنوية بأسماء أفضل حكام الكرة في العالم، اعتمادًا على نظام إلكتروني دقيق وضعه نخبةٌ من خبراء اللعبة والحكام السابقين، آخذين بعين الاعتبار معايير تقييم الحكام الـ 5 الواردة أعلاه.
ويتصدر الإيطالي الشهير بيير لويجي كولينا ترتيب عدد مرات الفائزين بجائزة (حكم العام) منذ انطلاقها، بفوزه بها 6 مرات متتالية بين عامي 1998 و2003، يليه المجري ساندر بول بفوزه بها 4 مرات متتالية بين عامي 1994 و1997، فيما يحتل الألماني ماركوس ميرك المركز الثالث بفوزه بالجائزة 3 مرات أعوام: 2004، 2005، و2007، أما جائزة العام الماضي فقد حافظ عليها الإيطالي نيكولا ريزولي للعام الثاني على التوالي، بعد أن أحرزها أول مرة عام 2014، إثر نجاحه في قيادة نهائي مونديال البرازيل الأخير.
إليكم قائمة بأسماء وجنسيات أفضل 10 حكام لعام 2015 بحسب IFFHS:
- الإيطالي نيكولا ريزولي
- الإنجليزي مارتن إتكنسون
- التركي جونيت شاكير
- الألماني فيليكس بريش
- الهولندي بيورن كويبرس
- الإنجليزي مارتن كلاتنبيرغ
- الكولومبي ويليام رولدان
- السويدي يوناس إريكسون
- الإسباني كارلوس فيلاسكو كاربالو
- الأسترالي بين ويليامس
الصافرات الذهبية العربية
الحكم المغربي سعيد بلقولة أدار المباراة النهائية لكأس العالم 1998
لم تقف سهام النقد الجارحة التي اعتاد حكام الكرة العرب على تلقيها محليًا، حائلًا دون تألقهم على الصعيدين القاري والدولي على مر العقود، ويكفي أن نعود إلى سجلات كؤوس العالم، لنجد أسماء العشرات من سفراء التحكيم العربي وقد طرزت ضمن لوائح الأفضل فيها، ولا أدل على ذلك من وصول حكمنا العربي المغربي الراحل سعيد بلقولة إلى قمة المجد التحكيمي، بعد أن عهد إليه بإدارة المباراة النهائية لكأس العالم التي استضافتها فرنسا عام 1998، وفازت بلقبها على حساب البرازيل، بعد أن نجح سفيرنا العربي في قيادة المباراة إلى بر الأمان، وهو ما نجح فيه أيضًا بكل امتياز حكمنا الإماراتي علي بوجسيم، الذي أدار 7 مباريات في 3 بطولات متتالية، اعتبارًا من مونديال عام 1994 الذي أدار خلاله مباراة المركزين الثالث والرابع، ومرورًا بمونديال 1998 الذي قاد خلاله موقعة نصف النهائي بين البرازيل وهولندا، وختامًا بمونديال 2002 الذي شرف العرب بقيادته مباراة الافتتاح.
وتطل علينا أسماءٌ تحكيميةٌ عربيةٌ أخرى أدارت العديد من مباريات بطولات كأس العالم، نذكر منها:
المصري علي قنديل الذي كان أول حكم ساحة يمثل العرب في بطولات كأس العالم عامي 1966 و1970، والسوري جمال الشريف الذي شارك في 3 مونديالات متتالية أعوام 1986، 1990، و1994، والتونسي ناجي الجويني الذي ظهر في مونديالي 1990 و1994، والمصري جمال الغندور المشارك في مونديالي 1998 و2002، والكويتي سعد كميل الذي قاد مباراة المركزين الثالث والرابع في مونديال 2002، والمصري عصام عبد الفتاح ممثل التحكيم العربي الوحيد في مونديال 2006، والسعودي خليل جلال الممثل الوحيد للتحكيم العربي في مونديال 2010، وأخيرًا الجزائري جمال حيمودي والبحريني نواف شكر الله، اللذان مثلا التحكيم العربي بكل كفاءة خلال مونديال البرازيل الأخير عام 2014.
ختامها ابتسامة
ونختتم موضوعنا بمقطع الفيديو التالي الذي يصور بعضًا من الطرائف الكروية المضحكة حينًا والمؤلمة حينًا، والتي كان أبطالها من قضاة الملاعب الخضراء: