اعتذر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو عن قبول دعوة نظيره الأمريكي باراك أوباما للقائه في البيت الأبيض في وقتٍ لاحق من الشهر الجاري، فيما فُسرت تلك الخطوة على أنها استمرارًا للعلاقات التى توترت بين البلدين في الآونة الأخيرة منذ إبرام الاتفاق النووي مع إيران والقوى الدولية، التي تعارضها إسرائيل بشدة، فيما حاول نتنياهو إرجاع سبب اعتذاره إلى الحملة الانتخابية الرئاسية في أمريكا.
كان مقررًا أن يحضر نتنياهو مؤتمر اللوبي الأمريكي المساند لإسرائيل (آيباك)، كما يجري لقاء مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وذلك بعد طلبٍ من إسرائيل لعقد اللقاء دعت على إثره أمريكا نتنياهو لحضوره في 18 من الشهر الحالي في العاصة الأمريكية واشنطن، حيث تزامن وقت تلك الزيارة التي كان من المزمع عقدها مع المؤتمر السنوي للجنة الشؤون العامة اﻷمريكية الإسرائيلية (آيباك)، وتعد تلك اللجنة إحدى جماعات الضغط الأمريكية الموالية ﻹسرائيل، وقد شارك نتنياهو عدة مرات سابقًا في اجتماعات اللجنة.
أمريكا قالت أنها علمت من خلال وسائل الإعلام قرار إلغاء رئيس الحكومة الإسرائيلية الزيارة، بينما أكد مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية أن نتنياهو يقدر رغبة أوباما بلقائه لكنه يريد تجنب السفر إلى أمريكا في خضم الحملات الانتخابية، كما أكد أن نتنياهو سيحضر مؤتمر الآيباك عن طريق الأقمار الاصطناعية، غير أن البيت الأبيض رفض حجة نتنياهو، مؤكدًا أنه تغاضى عن قبول الدعوة التي وجهها له.
في بادىء الأمر ذكرت تل أبيب في تصريحات مسؤولين إسرائيليين لصحيفة هآرتس أن البيت الأبيض لم يستطع تحديد موعد للقاء نتنياهو بأوباما قبل سفر الأخير إلى هافانا هو السبب وراء إلغاء الزيارة، وقد أثارت تل التصريحات حفيظة البيت الأبيض الذي أكد أنه وجه دعوة لنتنياهو للقاء أوباما لكنه رفض، وذلك بحسب ما جاء في مجلة فورين بوليسي المعنية بالسياسة الخارجية الأميركية.
حتى أن المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني الأميركي نيد برايس خرج في تصريحات يؤكد ما أوردته الصحيفة، حيث قال أن البيت الأبيض كان متطلعًا لاستضافة اللقاء الثنائي، وجرى بالفعل تحديد موعد خلال يومي 17،18 مارس، أي قبيل رحلة أوباما لكوبا بأيام، فيما تفاجىء بتقارير إعلامية تقول أن رئيس الوزراء آثر إلغاء الزيارة بسبب عجزه في إيجاد متسع من الوقت في جدول زيارة رئيس الوزراء، مؤكدًا أن تلك الأحاديث مضللة وغير حقيقية.
وزارة الخارجية الأمريكية شككت في مصداقية نتنياهو، وقالت في تصريحاتٍ لها عن نتنياهو: “عندما تقول شيئا، فإن الكلمات مهمة، وعندما تقول كلامًا مغايرًا له بعد يومين، فماذا ينبغي علينا أن نصدق؟ من يعلم؟ فنحن لا نستطيع قراءة أفكاره”.
فيما نفى عضو مجلس الوزراء الإسرائيلي المقرب من نتنياهو “زئيف الكين” أن تكون إدارة أوباما تفاجئت بقرار نتنياهو إلغاء الزيارة، وقال إن السفير الإسرائيلي رون درمر أعطى إخطارًا مسبقًا للبيت الأبيض يوضح فيه عدم احتمالية حدوث تلك الزيارة.
هذا وقد وصل نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى إسرائيل بعد قدومه من دولة الإمارات، مساء اليوم، وذلك لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في زيارة تستغرق يومين، ويتوقع مسؤولون أمريكيون عدم حدوث انفراجة بشأن السلام خلال تلك الزيارة، فيما كانت آخر زيارة لبايدن إلى إسرائيل في 2010، وقد شابها توتر بسبب خطة استيطان يهودية أُعلنت خلال زيارته.
أكد محللون سياسيون على وجود قواعد تحكم العلاقات الأمريكية الإسرائيلية منذ الاعتراف الأمريكي بإسرائيل في العام 1948، مستبعدين أن تكون الانتخابات الأمريكية هي سبب إلغاء الزيارة كما برر نتنياهو، لافتين إلى وجود اتفاق بين الرؤساء الأمريكيين السابقيين والمرشحين الحاليين على حماية أمريكا لمصالح إسرائيل والعكس، فيما أرجع المحللون إلغاء الزيارة إلى أسبابٍ أخرى.
وهنا يجدر الإشارة إلى موقف نتنياهو خلال الانتخابات الأمريكية الأخيرة في عام 2012، حيث أعطى نتنياهو انطباع مساند للمرشح الجمهوري ميت روني على حساب أوباما، وربما يكون نتنياهو حريص هذه المرة على عدم إعطاء أي انطباعات حول الانتخابات أو تأييدة لأحد المرشحين في السابق الرئاسي الجاري حاليًا، ويفضل أن ينتظر لحين اختيار الإدارة الأمريكية الجديدة لوضع آلية تتناسب للتعامل معها.
كانت العلاقات الأمريكية الإسرائيلية قد شهدت توترًا مؤخرًا منذ توقيع الاتفاق النووي بين القمة السداسية وإيران في يوليو 2015، حيث تم رفع العقوبات الأوروبية والأمريكية عن طهران بموجب الاتفاق، وذلك بعد 21 شهرًا من المفاوضات بين الطرفين، فيما رأت إسرائيل أن الاتفاق خطأ تاريخي ويهدد بقاءها.
كان آخر اجتماع جمع الرجلين جري في نوفمبر الماضي في واشنطن، وأشارت تقارير إعلامية أن الاجتماع كان محاولة من نتنياهو لإصلاح العلاقات المتوترة بينهما، لكن البلدين لم يتمكنا من تجاوز الخلاف الذي نشأ بينهما نتاج الاتفاق النووي، وقد ألمح نتنياهو في تصريحات في فبراير الماضي أنه في حال عدم تمكن إسرائيل من التوصل لاتفاق مع أوباما فإنه يمكن انتظار الرئيس القادم لضمان الحصول على شروط أفضل.
سعت إسرائيل إلى عدم إتمام الاتفاق النووي الإيراني، وكان تقرير صحفي نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” اتهم إسرائيل بالتجسس على المفاوضات حول الملف النووي الإيراني بين طهران والقوى الكبرى، وحاولت كذلك اختراق المحادثات لوقف أي مسودة اتفاق، كما أطلعت أعضاء في الكونغرس الأمريكي على معلومات سرية على أمل نسف الاتفاقات، وذلك بحسب تصريحات أدلى بها مسؤولون أمريكيون للصحيفة، بينما نفت إسرائيل تلك الاتهامات.
كما أثار نتنياهو غضب البيت الأبيض خلال كلمة ألقاها خطابا أمام الكونغرس ندد فيها بالمفاوضات مع إيران، وذلك خلال زيارته إلى واشنطن بدعوة من الجمهوريين إبان حملته الانتخابية، ووصف متابعون العلاقات المحتدمة بين البلدين بالأسوأ على الإطلاق.