تدخل انتفاضة القدس شهرها السادس وما زالت عمليات المقاومة مستمرة ضد الصهاينة، “ثلاثاء الثأر” 8 مارس، كان يومًا أسود على جنود الاحتلال ومواطنيه، إرباك عام أصاب كيان الاحتلال بعد تنفيذ المقاومين الفلسطينيين عدة عمليات في نفس اليوم، أصابت الإسرائيليين بهلع وخوف بسبب استمرار هذه العمليات وعدم قدرة قوات الاحتلال على فرض الأمن ومنع تنفيذها.
المقدسية “فدوى أبو طير” 51 عامًا، من قرية أم طوبا جنوبي القدس المحتلة، أعدمتها قوات الاحتلال بالقرب من باب الحديد بمحيط المسجد الأقصى، بدعوى محاولتها تنفيذ عملية طعن وهو ما نفاه شهود عيان، أكدوا أن الشهيدة كانت متجهة لأداء صلاة الظهر، طلب منها أحد جنود الاحتلال التوقف، فلم تمتثل لطلبه فأطلق عليها النار بدم بارد، وتُركت 10 دقائق دون إسعاف حتى ارتقت روحها ليضاف اسمها إلى قائمة 17 شهيدة ارتقت أرواحهن خلال انتفاضة القدس، في الضفة والقدس.
بعد ساعات، جاء الرد منتفضًا من الفلسطينيين، فدائيون ثلاث، نفذوا عمليات متفرقة في القدس وداخل الأراضي المحتلة عام 1948.
أولى العمليات كانت في “بتاح تكفا” بالقرب من مدينة تل أبيب وسط كيان الاحتلال، طعن فيها مستوطن، نفذها الشهيد عبدالرحمن رداد (17عامًا) من بلدة الزاوية قضاء مدينة سلفيت، بعد عصر يوم الثلاثاء، وتداول النشطاء فيديو يظهر فيه ترك الشهيد ينزف دون إسعاف من قِبل الاحتلال حتى فارق الحياة.
الفدائي فؤاد أبو رجب التميمي من قرية العيساوية بالقدس، منفذ العملية الثانية في شارع صلاح الدين بالقدس بعد دقائق من وقوع العملية الأولى، أطلق النار بشكل مباشر على جنود الاحتلال وأصاب جنديين، أحدهما وصفت حالته بالخطيرة، وتم الإعلان عن مصرع الجندي الثاني من قبل إسعاف “نجمة داود” الإسرائيلي، أغلقت قوات الاحتلال شوارع البلدة القديمة بالقدس، وقامت بمطاردة الشهيد وإطلاق النار عليه، حيث كان يستقل دراجة نارية.
وفي مدينة يافا المحتلة نفذ عملية الطعن الثالثة الشاب بشار محمد مصالحة (22 عامًا) من بلدة حجة قضاء قلقيلية، أدى لمصرع إسرائيلي وإصابة 11 آخرين قبل استشهاده، جاءت هذه العملية في وقت المساء حيث لم يستطع الاحتلال لملمة جراحه بعد.
اتخذ الاحتلال سلسلة إجراءات تعسفية جديدة ضد الفلسطينيين لمواجهة هذه العمليات وإيقافها، حيث قرر الاحتلال إغلاق أي فتحة في جدار الضم والتوسع المحيط بالقدس، واستكمال بنائه في منطقة ترقوميا بمدينة الخليل وذلك لمنع المنفذين من التسلل للأراضي المحتلة، كما قرر تسريع سن قانون يقضي بمعاقبة من ينقل أو يوفر مبيت لأي مواطن داخل أراضي 48، وكذلك سحب التصاريح التجارية من أقارب وأهالي منفذي العمليات بشكل أوسع من السابق، وإغلاق قنوات إعلامية لعدم التحريض، وتنفيذ عمليات محددة ضد المناطق التي يخرج منها منفذو العمليات وفرض حصار وإغلاق على تلك المناطق.
الفصائل الفلسطينية باركت هذه العمليات، وزفت أرواح الشهداء، مؤكدة أن دماءهم الطاهرة ستكون وقودًا لتصعيد الانتفاضة، حماس صرحت أن هذه العمليات تؤكد على استمرار انتفاضة القدس حتى تحقيق أهدافها، وتمثل دليلاً على فشل كل المؤامرات الهادفة إلى إجهاض الانتفاضة، من جانبها قالت حركة الجهاد الإسلامي، إن استمرار العمليات الفدائية دليل على حيوية الانتفاضة، وإن الشعب الفلسطيني يعي الواجبات الملقاة عليه في مقاومة العدو المركزي لنا ولأمتنا، وهي رد طبيعي على جرائم الاحتلال.
الاحتلال بات قلقًا من تصاعد أحداث انتفاضة القدس، ولم يستطع السيطرة على كرة الغضب الفلسطينية المتدحرجة أمام جرائمه، فهو لا يعرف نهايات هذه الأحداث المتسارعة وهذا التنوع في أساليب تنفيذ العمليات من قبل الفلسطينيين،حيث أصبحت العمليات أكثر تنظيمًا من قبل وتشمل إطلاق نار وتسلل للمستوطنات ولا تقتصر فقط على الطعن، فالاحتلال قلق من أن تتطور العمليات إلى عمليات نوعية كبيرة مفاجئة، مثل تنفيذ هجمات تفجيرية بالعبوات والأحزمة الناسفة في مناطق 48 المحتلة، وكذلك هو قلق من تراجع وضع الرئيس أبو مازن في الشارع الفلسطيني، ومتخوف كذلك من محاولة حماس استغلال الوضع لزيادة نفوذها في الضفة، وذلك حسب تقرير صادر عن جهاز الشاباك الإسرائيلي.
عمليات المقاومة في الضفة في ازدياد، حيث نفذ الشبان الفلسطينيون خلال الشهر الماضي 29 عملية، مقابل 27 عملية في الشهر الذي سبقه، وشهد يوم الأربعاء بعد ثلاثاء الثأر تنفيد عدة عمليات ومحاولات طعن ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه أدت لاستشهاد ثلاثة شبان، اثنان منهما قرب باب الحديد بالقدس المحتلة، وهما الشهيد محمد الكالوتي والشهيد صالح أبو خروب، بعد زعم الاحتلال تنفيذهما عملية دعس وإطلاق للنار تجاه حافلة صهيونية نتج عنها إصابة مستوطن بجراح خطيرة، وكذلك استشهد شاب آخر بعد دقائق قرب مدخل باب الزاوية قضاء سلفيت وهو أحمد يوسف عامر من بلدة مسحة قضاء قلقيلية، جراء إطلاق النار صوبه بزعم تنفيذه لعملية طعن.
الشعب الفلسطيني يتعامل مع الاحتلال بسياسة الردع، فعند ارتكاب الاحتلال جرائمه بحق الفلسطينيين يأتي الرد سريعًا وموجعًا له من حيث لا يحتسب، فطريق تطهير المقدسات من دنس الاحتلال وتحرير الأوطان من ظلمه وجرائمه، يجب أن يعبد بالدماء التي تعيد للقدس قدسيتها وللأرض طهرها، وليس بطريق المفاوضات والمساومة على حقوق ومبادئ الشعب الفلسطيني، الذي يتبنى خيار المقاومة في صراعه مع المحتل.