لم يتوقف حديث الأوساط السورية عن تشكيل ما أطلق عليه الجبهة الاسلامية باتحاد أكبر الكتائب المقاتلة في سوريا في تشكيل واحد مما يوحد الجهود ويوجهها في سبيل تحرير مزيد من المناطق والضغط على قوات النظام السوري أكثر.
الحديث تجاوز ذلك الى جزئية ذكرها أحمد عيسى الشيخ رئيس مجلس الشورى في الجبهة الاسلامية حين قال في البيان الذي تلاه في اعلان الجبهة، فقال معرفاً اياها: “تكوين سياسي عسكري اجتماعي مستقلّ ، يهدف الى اسقاط النظام الاسدي في سوريا اسقاطاً كاملاً ، وبناء دولة اسلامية راشد تكون فيه السيادة لله عز وجل وحده مرجعاً وحاكماً وناظماً لتصرفات الفرد والدولة”.
هل يريد الثوار دولة اسلامية في سوريا ؟ ، هذا السؤال تم تداوله بشكل واسع مؤخراً بعد اعلان الجبهة الاسلامية في الوقت الذي لا ينكر فيه كثيرون من المعترضون على جزئية “الدولة الاسلامية” جهود وعظم عمل الكتائب المشاركة في الجبهة المعلنة حديثاً، الا أنهم يظنون أن اسقاط النظام واتباعه بنظام اجتماعي واقتصادي عادل واعادة اعمار البلد مع حفظ حقوق جميع الطوائف والمذاهب قيمة أعظم من الحرص على اقامة دولة اسلامية والوقوف على حرفية النص وحسب.
وفي حديث لمذيعة قناة الجزيرة غادة عويس مع القائد العسكري للجبهة الاسلامية زهران علوش سألته غادة :”لم الاعلان عن اقامة الدولة الاسلامية أليس الحري التركيز الان على الاسد بدل التفكير بعد الأسد؟”، فأجاب علوش: ” من حقنا الاعلان عمّا يريده شعبنا وما نريده نحن، دون أي تحفظ في هذه الفترة”، لترد عويس: “كيف تعلم ما يريده الشعب السوري، هناك من لا يريد دولة اسلامية”، ليرد علّوش ويقول : “بنفس الطريقة التي يعلمها من لا يريد فيها دولة اسلامية”، متهماً بعض الموجودين في الخارج بالترويج لعدم رضاهم او نيتهم عن اقامة دولة اسلامية في سوريا.
بعض الناشطين المحسوبين على التيار الاسلامي عبّر عن غضبه ازاء تصرّف الاعلامية غادة عويس وطريقة طرحها متهماً اياها بالتحامل على الاسلاميين وأنها “تعبّر عن فكرها السقيم تجاه كل ما هو اسلامي”، في الوقت الذي ردّ آخرون على أن عويس اعلامية تطرح تساؤلات مشروعة مهنياً ولكن ليس من حق زهران علوش أن يجزم أن الشعب السوري يريد دولة اسلامية وهذا يتم تحديد عندما يتم تنظيم انتخابات حرة بعد سقوط بشار وعصابته، وعبّر آخر كذلك على أن الاستمرار في التهليل للاسلاميين ليس من المهنيّة وأسئلة غادة عويس كانت عبارة عن أسئلة متداولة بين الناس، وزهران علوش لم يستطع أن يرد ولو بجواب واحد منطقي.
من جهة أخرى، كانت عدة كتائب وفصائل سورية مقاتلة – منها من قد أعلن انضمامه للجبهة الاسلامية الجديدة – قد أعلن في وقت سابق عن سحب الشرعية من الائتلاف الوطني السوري والذي يعتبر الذراع السياسيّ للثورة السورية والمتحدث باسمها في المحافل الدولية والاقليمية، مما شكّل مساحة أقوى للخطاب لهذه الكتائب بالاعلان عن شكل الدولة التي ينوون اقامتها حال اسقاط النظام، وتخفيف تمثيل الائتلاف عسكرياً على أرض الواقع، في الوقت الذي ما زال الائتلاف يفاوض على شكل مؤتمر جنيف 2 ، فكيف يتحدث عن شكل الدولة ؟
الدولة الاسلامية والحديث عنها ليست حديث عهد بالشارع السوري كـ كلمة واحد دون أي جهود لتحرير مصطلح “دولة اسلامية” بحد ذاته، فلربما كانت الدولة حلماً منذ بدايات الثورة السورية في بعض اللافتات التي كانت تدعو لذلك، ولكن مع تعقد المسألة وازدياد عمر الثورة أصبح لدينا العديد من أشكال الدولة الاسلامية، فالدولة الاسلامية في العراق والشام – داعش – صاحبة المشروع المعلن منذ البداية ونيّتها اقامة دولة اسلامية تصول وتجول وتقتل بعض الأحيان باسم الدين دون أي جهود لمنعها أو ايقاف ذلك، والآن تعلن الجبهة الاسلامية نيتها اقامة دولة اسلامية في الوقت الذي يرفض بعض أتباع داعش الجبهة الاسلامية متهمين اياها بالصحوات، وكثير من الكتائب المقاتلة من الجيش الحر وغيره لديه توجه لاقامة دولة مدنية يكون الدين الاسلاميّ جزء من التشريع، فضلاً على أن عموم الشعب السوري بما نسبته 70 % مسلم سنيّ يشكل الدين الاسلامي دينه الفطري ويسيطر على حياته وتعاملاته، فهل يجتمع ذلك كله في سلة دولة اسلامية واحدة ؟