النظام السوري ومخابراته العسكرية دعمت تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وساعدته في تنفيذ التفجيرات الانتحارية التي وقعت بالأردن عام 2005، بحسب ما قضت به محكمة أمريكية.
المحكمة قالت إن الدولة السورية وعملاءها قاموا بتقديم “دعم مادي أساسي” ما سمح لأربعة من انتحاريي تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين، والذي انحدر منه تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، ومنه الدولة الإسلامية في العراق والشام لاحقا، سمح لهم بأن ينفذوا ثلاث تفجيرات شبه متزامنة في ثلاث فنادق في عمّان، ما أسفر عن قتل 57 شخصا وجرح 110 آخرين.
الدعم تضمّن تدريبا وتمويلا وحتى الإيواء في بيوت آمنة بحسب وثائق المحكمة التي اطلع عليها نون بوست.
وقالت المحكمة إن “المخابرات العسكرية” التابعة للنظام وقفت خلف التفجيرات، مصدرة حكما غيابياً على النظام السوري بدفع مبلغ 347 مليون دولار كتعويض لأسر الضحايا الأمريكيين، وكان من ضحايا هذه التفجيرات المخرج الأمريكي من أصل سوري “مصطفى العقاد”.
القضية التي قامت برفعها عائلات ضحيتين أمريكيتين قُتلا في الهجمات حُكم فيها الأسبوع الماضي بواسطة القاضي بيريل هاويل من محكمة ولاية كولومبيا.
وقالت المحكمة في بيانها إن الحكومة السورية قامت بدعم نمو تنظيم القاعدة في العراق، وأنه “بدون سوريا، التي عملت كممر آمن، لما أمكن للمقاتلين الأجانب أن يصلوا إلى العراق والأردن و إلى المناطق الأخرى في الشرق الأوسط” وتابع البيان “الدعم السوري لشبكة القاعدة قاد إلى قتل مئات الأمريكيين في العراق ومهد للمجموعة التي قامت بقتل عشرات الأردنيين في 9 نوفمبر 2005”.
وقالت صحيفة “بورتلاند برس هيرالد” إن المحامي الأمريكي “إف آر جينكنز” رفع الدعوى ضد النظام السوري في عام 2012 بالنيابة عن أسر ضحيتين أمريكيتين قتلا في تفجيرات عمان.
وعبر المحامي عن سعادته بأنه تمكن من “جمع الملايين من الدولارات لموكليه من ضحايا الإرهاب” وهم “لينا منصور الذنيبات” عمرها 9 سنوات، والتي قتلت في فندق “راديسون” و”مصعب أحمد خرما” عمره 39 عاماً نائب مدير بنك عمان القاهرة و الذي قتل في فندق “غراند حياة”.
وكانت لينا تجلس على طاولة في عرس ابن عمها بفندق راديسون ساس عندما هاجم انتحاريان الفندق، أحدهما قفز على طاولة لينا وقام بتفجير حزام ناسف كان يرتديه ما أدى إلى مقتل لينا و35 آخرين.
وبالتزامن مع ذلك، كان مصعب خرمة ينتظر وصول أصدقائه باستقبال فندق غراند حياة عندما دخل انتحاري ثالث وقام بتفجير نفسه متسببا في قتل عشرة أشخاص بالإضافة إلى مصعب.
وقال المحامي جينكنز إن الأدلة التي استندت عليها المحكمة في قرارها قد تم جمعها من مصادر المخابرات الأمريكية.
السلطات الأردنية لم تعلق على مسار القرار القضائي الأمريكي بصفة رسمية، كما أن الحكومة السورية من جانبها رفضت التعليق حسبما نقلت الصحفية دانيا العقاد من موقع ميدل إيست آي.
لكن النظرية الأمنية التي تفترض أن مؤسس التشكيلات المقاتلة لداعش بنسختها الحالية، الأردني أبو مصعب الزرقاوي، ولد بدعم سوري، نظرية “سعودية المنشأ” ولا تعارضها المؤسسات الأردنية، حيث سبق لصحيفة القدس العربي أن استمعت لمسؤول سعودي يتحدث للأردنيين عن دورالنظام السوري أصلا في بدايات تأسيس تنظيم الدولة عبر إرسال مقاتلين مجاهدين بكثافة للأراضي العراقية، وهو الأمر الذي تدعمه حيثيات حكم المحكمة الأمريكية.
الأردنيون من جانبهم قلقون، إذ يحذر الأمنيون مرارا وتكرارا من احتمالية وجود “خلايا نائمة” يمكنها أن تتحرك ضد الأمن الداخلي بأوامر من جهات سورية.
الأردن كان قد أعلن عدة مرات عن تنظيمات وخلايا حاولت تنفيذ عمليات في الأردن كانت موجهة من أطراف في سوريا، أهمها مجموعة عزمي الجيوسي، التي قيل إنها خططت لتفجير كيميائي في منطقة مكتظة توجد فيها مقار أمنية في 2004.
ويتحدث المسؤولون الأردنيون علنا عن نقطة غائبة أو “سطر ناقص” في تفسير مبررات انشغال الجيش السوري، ولاحقا الروسي، بمقاتلة جميع الفصائل المعارضة باستثناء تنظيم الدولة التي تسترخي في مناطق كاملة داخل سوريا كما يقول المراقبون، ولا تستهدف لا بعمليات الجيش النظامي ولا بالقصف الروسي وبصورة لا يمكن إنكارها.
وفي ذات السياق تحدثت تقارير سابقة عن النظام السوري باعتباره الشريك الأهم لداعش في تجارة النفط.
من المؤكد أن حكم المحكمة الأمريكية لن يؤثر كثيرا بالنسبة للنظام السوري، لكن السؤال هنا عما إذا كان الأمريكيون سيواصلون التفرقة بين النظام السوري وتنظيم الدولة والمفاضلة بينهما والتي أدت إلى دعم النظام في حربه على الإرهاب، وهو الإرهاب الذي يتم إثبات مرارا أنه من صُنع النظام.