من المرجح أن يكون هذا التسريب هو “ويكيليكس” تنظيم الدولة، فقد حصلت وسائل الإعلام البريطانية والألمانية على قائمة تضم حوالي 22 ألف اسم لمجندين تابعين لهذه المنظمة الإرهابية، كما قدرت وكالة المخابرات المركزية أن قوات تنظيم الدولة تضم نحو 30 ألف مقاتل، وهو ما يعتبر اكتشافًا هامًا.
وبحسب الشرطة الجنائية الاتحادية الألمانية، فإنها ترى أن هذه الوثائق من الممكن أن تكون أصلية وليست مزورة، وبيّن وزير الداخلية توماس دي مايتسيره أن هذه الوثائق تمكّن من فهم “الهياكل الخفية والأساسية للتنظيم الإرهابي”، كما أنها ستمكن من تسهيل وتسريع عمليات التتبع القضائي ضد الأفراد المنخرطين في التنظيم داخل ألمانيا.
وفيما يتعلق بهذه الوثائق فقد رفضت كل من وزارة الداخلية البريطانية ووزارة الداخلية الفرنسية الإدلاء بأي تعليق، فيما صرح متحدث باسم مسؤول بريطاني بأن ليس لديه معلومات كافية حول هذه الوثائق إلى حد الآن أو علم بالطريقة التي يمكن استعمالها فيه لمكافحة تنظيم الدولة، وفي المقابل أكدت الأجهزة الأمنية السويدية، أن لديهم معلومات عن هذه الوثائق.
جهاز تخزين البيانات المسروق
نشرت كل من القناة البريطانية سكاي نيوز والصحيفة الألمانية زود دويتشه تسايتونج وموقع المعارضة السورية زمان الوصل مقتطفات من هذه الوثائق، كما أكدت سكاي نيوز أنها حصلت على هذه المعلومات عبر جهاز تخزين المعلومات (مفتاح اليو آس بي) سُرق من قائد قوات التنظيم ووصل إلى تركيا عن طريق أحد المنشقين عن التنظيم.
وقد ظهر هذا الشخص عبر حوار بثته قناة الإخبارية، دون إظهار ملامحه وباسم مستعار وهو “أبو حامد”، وصرح خلال هذا الحوار بأن هذا التنظيم هو عملية نصب واحتيال، وهو لا يمثل الإسلام الصحيح، آملاً أن تساهم هذه المعلومات في تدمير تنظيم الدولة.
وبحسب سكاي نيوز، تحتوي هذه القوائم على معلومات ثمينة، فإلى جانب بعض الأسماء، تحتوي الوثائق على إجابات لثلاثة وعشرين سؤالاً يملؤها الجهاديون بعد اختيارهم للانضمام إلى صفوف التنظيم، مثل تاريخ ومكان الولادة والمستوى التعليمي والمهارات الخاصة والخبرة القتالية والعنوان والهاتف وزمرة الدم، كما أنها تكشف عن اسم الوسيط في انضمام الجهاديين إلى التنظيم وتاريخ وصولهم إلى سوريا والدول التي عبروها للوصول إليها.
كما يتم ذكر درجة فهم الجهادي للشريعة، ويخصص جزء من هذه الوثيقة لتحديد تاريخ وفاة الجهادي والشخص الذي سيقع الاتصال به في هذه الحالة.
وتضيف سكاي نيوز أنه من بين البيانات، عثر على ملف يحمل عنوان “شهداء”، يتضمن تفاصيل دقيقة حول مجموعة من أفراد تنظيم الدولة وقع تدريبهم كي يصبحوا انتحاريين خلال الهجمات.
“كنز من ذهب”
حسب ريتشارد باريت، ضابط سابق في المخابرات البريطانية، تمثل هذه المعطيات بالنسبة للأجهزة الاستخباراتية، كنزًا من ذهب ذا أهمية كبيرة، معتبرًا أن هذه البيانات يجب أن تسلط الضوء على قنوات استقطاب الجهاديين والوسطاء المسؤولين عن التطرف، إلى جانب تشديد المراقبة أو استجواب الجهاديين عند عودتهم إلى أوروبا.
ويضيف، أنه تم التعرف على العديد من الأسماء التابعة لقائمات الإرهابيين، مثل عبد الباري، وهو مغني راب من لندن يبلغ من العمر 26 عامًا والذي التحق بهذه الجماعات سنة 2013، أو جنيد حسين وهو المسؤول على جناح الدعاية للتنظيم، والذي قتل في هجوم لطائرة بدون طيار.
كما أن العديد من هويات المقاتلين، التي تجهلها أجهزة الاستخبارات، يمكن العثور عليها ضمن هذه الأسماء، حيث إن أكثر من 70% من المقاتلين ينحدرون من الشرق الأوسط، ومنهم من أوروبا حيث تأتي فرنسا في المرتبة الأولى تليها ألمانيا والمملكة المتحدة.
التكرار والأسئلة حول المصداقية
إن وجود هذه الوثائق ليس بأمر مفاجئ للخبراء المختصين في تنظيم الدولة، هذا التنظيم الذي ورث من نظام صدام حسين البعثي ردود فعله البيروقراطية، لكن الخبراء هنا، يعملون على فك البيانات الحقيقية والتثبت من صحة المعلومات المتحصل عليها.
وبحسب موقع زمان الوصل المعارض، فإن العديد من البيانات مكررة قرابة ألفا وسبعمائة اسم، كما أن هذه الملفات يمكن أن تعود إلى وقت ما قبل إعلان الخلافة من قِبل تنظيم الدولة، في حزيران/ يونيو سنة 2014.
في هذا السياق، تطرح العديد من الأسئلة حول صحة هذه الوثائق، بما في ذلك الشعارات والخطابات المستخدمة، والتي لا تتوافق بالضرورة مع عادات تنظيم الدولة.
وفي حال ثبوت صحتها، فإن تسرب هذه المعلومات سيكون ضربة قاسية لتنظيم الدولة، المتمركز في شمال العراق وشرق سوريا، وقد علّق كريس فيليبس، المدير العام للشركة الدولية لحماية وإعداد مكتب الأمن، قائلا: “هذا يبرهن على أن خصوصية تنظيم الدولة عرضة للمخاطر، وقد ينقلب السحر على الساحر”.
وبحسب خبراء في المنظمات الإرهابية فإن وجود معارضين داخل تنظيم الدولة يمكن أن يولد انفجارًا داخليًا، ووفقًا لمراسل سكاي نيوز، ستيوارت رامساي، فقد أكّدت له إحدى المصادر أن تنظيم الدولة على وشك التخلي عن معقله في الرقة، شمال غرب سوريا، وهنا حث المنشق عن التنظيم بحسن توظيف هذه المعلومة قائلا: “يجب استغلال هذه المعلومات، من قبل اللذين يحاربون تنظيم الدولة”.
المصدر: لوفيغارو/ ترجمة إيوان 24