ترجمة حفصة جودة
خرج أكثر من مليون برازيلي وهم يهتفون “الاستقالة الآن” و”ديلما للخارج” في مظاهرات واسعة النطاق ضد حكومة الرئيس البرازيلي ديلما روسيف، في أكثر من 200 مدينة في جميع أنحاء البلاد في نهاية الأسبوع الماضي، مطالبين باستقالتها واعتقال الرئيس السابق لولا دا سيلفا.
لا يتوقف الأمر فقط على مواجهة ديلما للاستقالة وانخافض معدل شعبيتها (حيث بلغ الانخفاض نسبة 11%)، لكن البرازيل تعاني أيضًا من ركود اقتصادي عنيف (يقول البعض إنه الأسوأ منذ قرن) وأكبر فضيحة فساد على الإطلاق.
لماذا يمسك البرازيليون بالعصيّ؟ في الأساس، إنه تضافر عدة عوامل:
في البداية، هناك ما يعرف باسم فضيحة فساد “لافا جاتو”، وطبقا للتحقيقات، فقد قام مديرون تنفيذيون بشركة النفط الحكومية بتروبراس بقبول رشاوى على بعض العقود وقاموا بمنح تخفيض لحزب العمال اليساري الوسطي الذي تنتمي إليه ديلما والذي يتولى السلطة منذ عام 2003، مع منح عمولات للمليونيرات (وحتى المليارديرات)، وقد استعادت اللجنة (المعنية بحل القضية) 700 مليون دولار أمريكي، ومازالت تنتظر 3.6 مليار دولار أمريكي.
وبالرغم من أن ديلما ليست متهمة مباشرة في هذه الفضيحة، إلا أن أحد الشهود قد اتهمها بأنها قامت بتعيين أحد الوزراء في المحكمة العليا للمساعدة في إطلاق سراح بعض المديرين التنفيذيين المتهمين في تلك الفضيحة.
تواجه ديلما محاكمةً لاتهامها باستخدام أموال من البنوك العامة لتغطية العجز في ميزانية حكومتها.
كانت الاحتجاجات سلمية، وبينما كان المتظاهرون في الغالب من الطبقات المتوسطة والعليا فقد ازدادت وتيرة التظاهرات وحصلت على المزيد من الدعم، وأصبحت الحشود المتظاهرة أكثر تنوعًا، بسبب الغضب المتزايد بشأن فضيحة الفساد، والأزمة الاقتصادية التي تؤثر على جميع طبقات المجتمع.
وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، كان هاشتاج #هيا_إلى_الشوارع قد اكتسب تفاعلاً أكثر من #مسيرة_الطبول.
من الضروري أن نفهم أن قضية الفساد تلك ذات استقطاب مجتمعي عميق – فقد عبرت الشرائح الأكثر ثراءً بالمجتمع عن معارضتها للحكومة بينما أظهرت الشرائح الأكثر تواضعًا دعمها لديلما وحكومتها – لذا فهذا التطور الجديد لاتحاد مجتمعي أكثر قليلاً ضد الحكومة يعد أمرًا مميزًا.
قال أنصار ديلما إنهم سينظمون مظاهرة يوم الجمعة ردًا على ما يعتبرونه “انقلاب قضائي”، ففي الواقع، يقول المؤيديون إن القضاة هم من يقومون بتصعيد الأمور، مثل اتهام لولا دا سيلفا، وربطه مع ديلما في فضيحة “لافا جاتو” وأنهم يبحثون عن طرق لتشويه سمعة ديلما، للدفع بها من منصبها. لكن من الصعب عليهم الحصول على حلفاء، وقد اعترف بعضهم بأن تظاهرات المؤيدين لن تكون ضخمة مثل تظاهرات المعارضين، حتى لو أعلنوا أن دا سيلفا سيكون موجودًا.
وكان حزب الحركة الديموقراطية، أحد أكبر حلفاء الحكومة (بما في ذلك نائب الرئيس وست وزراء) قد هدد بالتراجع عن دعمه، وأنه سيناقش اتخاذ المزيد من الإجراءات خلال الثلاثين يومًا القادمة.
وقد اعترف العديد من أعضاء الكونجرس بذنبهم، بعضهم كانوا قريبين جدًا من ديلما ودا سيلفا، وتم الحكم على رجل الصناعة الأول، مارسيلو أودبريشت، بالسجن 19 عامًا بتهمة الرشوة وغسيل الأموال.
ولكن هل سيتم الأمر ذاته مع ديلما ودا سيلفا؟ حتى الآن، لا يبدو أن ديلما متورطة في تلك الفضيحة، بالرغم من أنها ترأست مجلس إدارة شركة بتروبراس لمدة سبع سنوات، إلا أنه ليس هناك أي دليل على تورطها، لذا فإنها تركز كفاحها القانوني الآن على عملية الإقالة.
بالنسبة لـ “دا سيلفا”، فقد تم الكشف عن اعترافاته للشرطة يوم الإثنين، وكان سيلفا متهمًا بامتلاك سقيفة مواجهة للبحر (الدور الأخير في المبنى)، والذي قامت إحدى شركات البناء الكبرى بتجديده على سبيل الرشوة. لكن دفاعه قال إنه لم يمتلك هذا المكان واتهم النيابة العامة بالتعسف والاستبداد، وقال أيضًا إن هذا المكان ليس مناسبًا للعيش فيه، لكنه اعترف بأنه قام بزيارة هذا المجمع وقال “إنه صغير جدًا وليس كافيًا لرجل كبير السن مثلي، وأنا أذهب إلى الشاطئ فقط عندما يكون الجو ممطرًا”، وقد أنكر أيضًا قيامه بطلب تبرعات من الشركات المرتبطة بفضيحة “لافا جاتو”.
وقد اقترح مسؤولون بحزب العمال أن يتم تعيين دا سيلفا وزيرًا لحمايته من التهم الموجهة ضده، لكنه رفض هذه الفكرة.
وبمرور الوقت واستمرار التحقيقات، سيتضح إذا ما كان رجل البرازيل الأكثر تأثيرًا في السنوات الأخيرة سيستطيع الحفاظ على صورته كقائد شعبي، أو أنه سوف يتلاشى مع اتهامات الفساد.
المصدر : ذا ببلير