الله .. يا أبو صلاح!
يمتلك سرعة كبار العدائين، وحماس كبار المقاتلين، وبراعة وإبداع كبار الفنانين، وفكر وعقلية كبار الأساتذة الجامعيين!
لا نتحدث عن الأسطورة الحية ليو ميسي، ولا عن الأسطورة الخالدة دييغو مارادونا، بل عن أسطورتنا العربية المصرية محمد صلاح، الذي ما انفك يبدع ويمتع في ملاعب الكرة الإيطالية والأوروبية، مقدمًا أجمل اللمحات الكروية، ومسجلًا أروع الأهداف العالمية، التي حولته خلال فترة وجيزة إلى معشوق لجماهير نادي العاصمة الإيطالية روما، وملك متوَج على عرش قلوبهم.
مع المقاولين كانت البداية
محمد صلاح يحكي قصة حياته كلاعبٍ بالرسومات
ولد محمد صلاح حامد غالي طه في قرية نجريج التابعة لمدينة بسيون في محافظة الغربية، في 15 يونيو 1992، وعرف منذ صغره بولعه بالكرة، حيث كان يداعبها وهو ابن 7 أعوام على أرصفة شوارع قريته، قبل أن يلتحق بنادي اتحاد بسيون وهو ابن 13 عامًا، ثم اتجه إلى مدينة طنطا المجاورة للعب في صفوف ناشئي نادي المقاولين الفرعي، ومنه انتقل إلى نادي المقاولين العرب الرئيسي في القاهرة عام 2007، حيث بقي في صفوف شباب النادي حتى عام 2010، حين قام مدرب فريق المقاولين الأول الكابتن (محمد رضوان) بتصعيده إلى فريق الرجال.
خاض صلاح مباراته الأولى في الدوري المصري في 3 مايو 2010، حين شارك كبديل خلال مباراة المنصورة وهو لم يتجاوز الـ 18 من عمره، وبعدها ببضعة أشهر تحول صلاح إلى نجم جماهيري، بعد نجاحه في تسجيل هدف فريقه الوحيد في مرمى النادي الأهلي، في المباراة التي أقيمت في 25 ديسمبر وانتهت بالتعادل 1-1، وكان هذا أول أهدافه مع النادي الأصفر، والتي استمرت وتزايدت مع تزايد مشاركاته لتبلغ 41 مباراةً حتى مطلع فبراير 2012، نجح خلالها بتسجيل 11 هدفًا، ليتوقف بعدها الدوري المصري اعتبارًا من 12 فبراير 2012، إثر أحداث ملعب بور سعيد المأساوية.
جوهرة بازل
بداية قصة المجد مع بازل السويسري
لم يطل مكوث صلاح بعيدًا عن الملاعب، حيث استفاد نادي بازل السويسري من فرصة توقف الدوري المصري، لاستضافة مباراة وديةً أمام منتخب مصر الأوليمبي، الذي كان صلاح ينشط في صفوفه، حيث لعبت المباراة في 16 مارس 2012، وانتهت بفوز الفراعنة بنتيجة 4-3، كان نصيب صلاح منها هدفين سجلهما إثر مشاركته في الشوط الثاني، والتي خطف من خلالها أنظار مراد يقين مدرب فريق بازل، الذي طالب إدارة ناديه بالتعاقد مع الجوهرة المصرية، فكان له ما أراد في 15 يونيو 2012، حين وقع صلاح عقد انتقاله رسميًا إلى النادي السويسري مقابل حوالي مليوني يورو، شكلت حينها ثروةً حقيقيةً لناديه السابق المقاولين.
في 8 أغسطس 2012، سجل صلاح ظهوره الرسمي الأول مع ناديه الجديد، وذلك خلال مواجهة مولدة النرويجي ضمن تصفيات دوري أبطال أوروبا، وبعدها بـ 4 أيام كان صلاح ضمن تشكيلة فريقه الأساسية التي خاضت أولى مباريات الدوري السويسري أمام نادي ثون، ولم يتأخر هدفه الأول مع بازل، حيث سجل هدف فوز فريقه الثاني على لوزان في الأسبوع التالي، وتابع مسيرته التصاعدية خلال الموسم، فسجل هدفًا قاد به فريقه لعبور توتنهام الإنجليزي في طريقه نحو نصف نهائي بطولة اليوروبا ليغ، الذي شهد تألق صلاح وتسجيله في مرمى تشيلسي رغم خسارة السويسريين في المحصلة، والتي لم تمنعهم من استكمال موسمهم المحلي الممتاز، الذي انتهى بتتويجهم أبطالًا للدوري، مع اختيار نجمهم محمد صلاح كأفضل لاعب في الدوري لموسم 2012-2013.
واستمر تألق الفرعون المصري في موسمه الثاني مع ناديه السويسري، فقادهم للفوز على تشيلسي الإنجليزي مرتين، خلال مرحلة المجموعات من منافسات دوري أبطال أوروبا لموسم 2013-2014، بعد أن سجل في مرمى البلوز ذهابًا وإيابًا، مثبتًا نفاسة معدنه عبر تألقه في المواعيد الكبرى، ومغريًا أبرز أندية أوروبا بالتعاقد معه.
التجربة الإنجليزية المريرة
بقميص نادي تشيلسي
في 26 يناير 2014، أنهى صلاح مسيرة عام ونصف من التألق مع بازل، عنوانها 78 مباراةً و20 هدفًا، ليلتحق بصفوف نادي تشيلسي اللندني في صفقة قدرت بـ 12 مليون يورو، حيث سجل ظهوره الأول في البريمير ليغ من خلال مباراة نيوكاسل في 8 فبراير 2014، حين شارك كبديل في تشكيلة المدرب البرتغالي الشهير مورينو، قبل أن يسجل أول أهدافه في 22 مارس، مساهمًا في فوز فريقه العريض على أرسنال بسداسية، لينهي الموسم وفي جعبته 10 مباريات وهدفين سجلهما خلال إياب الموسم فقط، مما حدا بأغلب المتابعين إلى التنبؤ بموسم ثان رائع للفرعون المصري مع البلوز، ولكن الرياح جرت بما لا تشتهي سفنه، فوجد نفسه ضحيةً لعقلية الرجل البرتغالي الخاص، الذي لم يشركه في أكثر من 3 مباريات ضمن ذهاب الموسم التالي، لم تكن كافيةً لإرضاء طموحات النجم المصري الذي شعر بمرارة التهميش والإهمال، فقرر الرحيل بعيدًا عن أسوار النادي الأزرق.
عودة التألق مع الفيولا
في 2 فبراير 2015، كان صلاح جزءًا من صفقة اللحظة الأخيرة، التي انتقل بموجبها الكولومبي خوان كوادرادو من فيورنتينا إلى تشيلسي، فيما رحل النجم المصري في الاتجاه المعاكس، عبر عقد إعارة حتى نهاية الموسم، لتكون ملاعب السيري آ شاهدةً على عودة تألق الفرعون المصري، الذي صال وجال مع نادي مدينة فلورنسا، مسجلًا 9 أهداف خلال مشاركاته الـ26 في جميع مسابقات إياب الموسم، منها هدفان قاد بهما الفيولا لقهر يوفنتوس في ذهاب نصف نهائي كأس إيطاليا، ليصبح بقاؤه في الفريق مطلبًا جماهيريًا ملحًا، سعت إدارة النادي لتحقيقه بشتى الوسائل، ولكنها اصطدمت برغبة الفرعون المصري في الانتقال إلى ناد يؤمن له مستوى تنافسيًا أعلى.
ملك روما الجديد
من مباراة روما وريال مدريد الأخيرة في دوري الأبطال
كان نادي العاصمة الإيطالية التاريخية روما، هو من وقع عليه اختيار صلاح لمتابعة مسيرته في الملاعب الإيطالية، فوقع معه عقد إعارة طويل الأمد مع أحقية الشراء، ليكتب مع الذئاب فصلًا جديدًا من فصول النجومية والتميز، سواءً مع المدرب الفرنسي السابق رودري غارسيا، أو مع المدرب الحالي لوشيانو سباليتي، الذي أعاد الذئاب إلى درب الانتصارات، مستفيدًا من تألق الفرعون المصري، الذي لم تمنعه الإصابة التي ألمت به مطلع نوفمبر وأبعدته عن الملاعب حوالي الشهر، من تسجيل 12 هدفًا وصناعة 6 أهداف، خلال المباريات الـ 32 التي خاضها في مختلف مسابقات الموسم حتى الآن، والتي كان آخرها مباراة إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا قبل أيام، حيث صال النجم المصري وجال أمام عمالقة الميرينغي، وكان على وشك التسجيل في مرماهم خلال أكثر من مناسبة، لولا سوء الطالع وقلة التركيز أمام المرمى.
الفرعون المصري
بقميص منتخب مصر
منذ بداية ظهوره في الدوري المصري، لفت صلاح أنظار القائمين على المنتخبات الوطنية المصرية، فاستدعي للعب مع منتخب مصر (تحت 20) خلال كأس العالم للشباب التي أقيمت في كولومبيا عام 2011، قبل أن يتألق مع المنتخب الأولمبي (تحت 23 عامًا) خلال أولمبياد لندن عام 2012، حيث سجل 3 أهدف في دور المجموعات قادت منتخب الفراعنة إلى الدور ربع النهائي، لينهي العام ذاته متوجًا بجائزة أفضل لاعب إفريقي صاعد من قبل الاتحاد الأفريقي (الكاف).
أما مع منتخب الفراعنة الأول، فقد حظي صلاح باستدعائه الدولي الأول في 3 سبتمبر 2011، من قبل الناخب الوطني هاني رمزي، حيث شارك في الفوز على منتخب سيراليون بنتيجة 2-1 ضمن تصفيات أمم أفريقيا، وبعدها بشهر واحد سجل صلاح هدفه الدولي الأول في مرمى النيجر، خلال المباراة التي انتهت مصريةً بنتيجة 3-0، واستمر على ذات المنوال بأهدافه الغزيرة، حيث سجل ثلاثيةً (هاتريك) في 9 يونيو 2013، قاد بها منتخبه للفوز على زيمبابوي بنتيجة 4-2 خلال تصفيات مونديال 2014، والذي لم ينجح منتخب الفراعنة في بلوغه، رغم تسجيل صلاح 6 أهداف، اعتلى من خلالها صدارة ترتيب هدافي التصفيات الأفريقية.
وحاليًا، بلغ عدد مباريات صلاح مع منتخب مصر الأول 40، نجح خلالها بتسجيل 24 هدفًا، وهو رقم يضعه ضمن خانة أفضل مهاجمي العقد الأخير في منتخب الفراعنة، الذي يأمل جميع المصريين والعرب أن يعود إلى سابق عهده في التألق القاري، ليستعيد موقعه الطبيعي في طليعة منتخبات القارة السمراء عبر تاريخها الكروي.