أجمع تونسيون تحدثوا لنون بوست على ضرورة ان ينال الشعب السوري حريته و ان يحقق مطالب ثورة بدأت ذات يوم من سنة 2011 في سياق ثورات مرت بدول عربية عدة، نجحت في احداها او كادت و مازالت تتخبط في باقي الدول. غير ان البعض من التونسيين اختلفوا حول مألات الثورة السورية التي وصفها البعض منهم ب”الاقسى من نوعها”.
هبة المثناني، طالبة في الجامعة التونسية، بلغت العقدين، اعتبرت ان الشعب السوري يدفع ثمن التدخل الاجنبي الذي شهدته ثورته وقالت لنون بوست” خمس سنوات بالتمام و الكمال مرّت على اندلاع الثورة السورية ضمن سلسلة ثورات الربيع العربي ، ثورةٌ أراد من خلالها شعبها المطالبة بالحرية و الاطاحة بنظام القمع و الاستبداد فكانت مظاهرات واحتجاجات شعبية سلمية سرعان ما جُوبهت بقمع الأمن و اعتقالات في صفوف المواطنين العزل أمام إرادة شعب قوية في التغيير و أمام تمسك حاكم مستبد بالسلطة ، تواصل الحال على ماهو عليه و ازداد الوضع تأزما و تعقيدا ليصبح المجال مفتوحا لتدخلات أطراف خارجية لها مصالحها في الداخل و تخشى على انهيارها بمجرّد انهيار نظام كان يخدمها فتشابكت و تعددت القوى المتناحرة على الميدان ليبقى الضحية حينها هو الشعب السوري الذي لا تعنيه كل تلك الصراعات بل خرج أعزلا مناديا بإسقاط نظام أذاقهم ويلات القمع و الغطرسة و هاهو اليوم يدفع فاتورة صراعات جيوسياسية تخدم حلفاء بشار في المنطقة.”
وأضافت ” خمس سنوات مرّت ، لم يتغير شيء فيها لكنّ اصرار الشعب على افتكاك حريته يبقينا على أمل انتصار الثورة السورية عاجلا أم آجلا و بعد سحب بوتين لقواته من الأراضي السورية يمكن لنا أن نستخلص أن هناك بوادر خسارة في الميدان و هناك ورقات سياسية لم تعد مربحة و لعلها تكون الضربة القاصمة لظهر النظام لأن الكل يعلم أن بوتين الحليف القوي لبشار الأسد .”
و اعتبر الشاب التونسي محمد صويدي (22 سنة)، ان الشعب السوري اكبر المتضررين من ثورة بلاده وقال صويدي في حديثه مع “نون بوست” مألات الثورة السورية كانت الاقسى من نوعها، فقد تحولت الى حرب اهلية كانت نتائجها على سوريا والشرق الاوسط باهظة جدا. و اكبر المتضررين منها هو الشعب السوري الذي شرد على كامل خريطة الكرة الارضية بحثا عن الحياة.” وأضاف “هذا الشعب تجده عرضة لك المخاطر: الموت تحت القصف الروسي و قصف النظام و الجماعات المسلحة في سوريا و الغرق في البحار او الوقوع في يد مافيا تجارة الاعضاء أو مافيا المرتزقة.”
وأوضح صويدي ان الشعب السوري خاطر بحياته الاولى حياة الذل و المهانة تحت النظام العسكري من احل حياة افضل و مازال هذا الشعب يبذل الارواح و الاجساد و الدماء من أجل حياة افضل، و لعله الوحيد الغير قادر على اخذ القرار بشأن حياته، فالقوى الكبرى هي التي تحدد له مستقبله و حاضره بدوره رأى الصحفي التونسي “محمد مبارك” ان الثورة السورية انحرفت عن مسارها والهدف الذي خرجت من اجله وقال مبارك لنون بوست “أعتقد ان الثورة السورية انحرفت عن مسارها منذ خروج اول رصاصة من المحتجين كرد فعل أريد له أن يكون كذلك . فعسكرة الثورة ساهم في تعقيد الأمور ولم تأتي بالحرية على خلاف بدايتها التي كانت تبشر بالخير و بشعب واعي”.
من جهته وصف عادل سنوات الثورة السورية ب “السنين العجاف” وقال لنون بوست” مرّ على اندلاع الثورة السورية خمس سنوات دون ان تتضح بعد معالم ما طمح اليه الشعب السوري و بون ان تتشكل بعد الصورة التي رسمها الثائر السوري الحالم في مخيلته … صورة الوطن الحرّ المتماسك و الجامع لكل أبناء سوريا الأبية … صورة الوطن المتحرر من براثن الاستبداد الأسدي و الدكتاتورية الخانقة و التعسف الشبيحي المقيت …. صورة وطن يطغى عليه التسامح و يعيش أهله الحرية و السلم و الأمن واقعا ملموسا…”
وتابع” خمس سنين مرت من عمر الثورة التي بدئها الثائر بهتافات و فعاليات احتجاجية و رفع فيها مطالب شعبية تدعوا للإصلاح و التغيير و الحرية و محاربة الفساد و قمع السلطة … مطالب واجهها النظام بالقمع و الرصاص و القتل … ووجه نحوها قذائف الموت بنكهة الممانعة الكاذبة …. و اشتد نزيف الحلم السوري و ضربت السلمية حتى غرقت في دماء أطفال سوريا … و طورد الثوار و غصت المعتقلات و سقط الآلاف قتلى و جرحى.
وأكد عادل انه رغم “إدارة العالم ضهره لصراخ أهل سوريا و رغم هذا الصمت المطبق فان شعب سوريا واصل كتابة ملحمة فصل من فصول الربيع العربي …. ربيع أرادت الأنظمة العالمية و عملائها من العرب تشويهه حتى يبدو خريفا … و حتى تتلاشى أحلام الثائرين و تغدوا أوهاما … و مدت الأيادي العفنة و رتعت المخابرات و استقدمت المجموعات المخربة و تشكلت التحالفات و تعددت الخطط و ضخ السلاح و تأزمت الأوضاع … حتى صارت تراب بلاد الشام الذي ارتوت به دماء الشهداء وحلا علق به الجميع و تخبطت فيه الأنظمة العربية و القوى الأجنبة المتواطئة مع البراميل المتفجرة … و زاد تعرج طريق الثائر السوري نحو التحرر و بلغ الموت أقصاه حنى تجاوز العداد ربع مليون قتيل و ملايين المشردين و اللاجئين و المهجرين و عشرات الآلاف من المعتقلين” .
وختم بقوله ” خمس سنوات ازدادت خلالها كثافة السحب في سماء بلاد الشام .. و تشابكت الأيادي المديرة للصراع السوري … و تعالى صراخ الطفل السوري و عمت رائحة الموت … فمتى تتهاطل أمطار الخير لتغسل الدم الذي غطى البلد … و متى تنقشع السحب الأسدية الروسية و متى تختفي غيوم داعش و حزب الله … و متى ينبت الزرع و متى تنمو زهرة الثورة و متى يبتسم الطفل السوري .؟؟”. و اعتبر حمدي الوسلاتي ان “الثورة السورية أصبحت حرب بالوكالة بين قوى أجنبية بغاية تقوية نفوذها و مركزها” و اكد الوسلاتي ان الجماعات المسلحة في سوريا ” هي نتاج عادي أولا لما قام به النظام من ردة فعل تجاه الثورة السلمية ، و ثانيا للاختلافات العقائدية و التناحر الطائفي بالمنطقة خاصة بعد سقوط صدام حسين و ثالثا سهولة اختراقها من طرف القوى الدولية التي تتصارع بالوكالة عن طريق هذه الجماعات و أخيرا لإجهاض الثورة السورية و تشويه القوى الثورية الحقيقة .”