نقلت وكالة رويترز عن منظمة الغذاء والزراعة العالمية للأمم المتحدة “فاو” توقعاتها أن تشهد أسعار الغذاء العالمية المزيد من الهبوط هذا العام، بعد أن استقرت قرب أدنى مستوى لها في سبع سنوات تحت ضغط تباطؤ نمو الاقتصادي العالمي.
حيث هبط مؤشر فاو الذي يقيس التغيرات الشهرية لسلة من الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان واللحوم والسكر كل سنة من السنوات الأربع الأخيرة الماضية.
أثر الانخفاض العالمي للغذاء في البلدان العربية
ما يهمنا نحن في الوطن العربي معرفة فيما إذا كانت أسعار الغذاء العالمية تنخفض بالفعل في بلداننا العربية أم لا! وقوفا على هذه الحقيقة نجد أن الواقع يقول أن أسعار الغذاء والمواد الأساسية ارتفعت وترتفع في عدة بلدان عربية من بينها مصر وفي سوريا واليمن وليبيا وبلدان تشهد صراعات يكاد الغذاء والمواد الأساسية لا تتوفر حتى نقول أن أسعارها انخفضت أو ارتفعت.
تشابه حالة انخفاض أسعار الغذاء انخفاض أسعار الطاقة حيث وصل سعر برميل النفط العالمي إلى قرابة 30 دولار بدون أن نشهد انخفاضا ملموسا في أسعار الوقود والمشتقات النفطية في البلدان العربية، والسبب الرئيسي يعود إلى أن المواطن العربي في غالب البلدان لا يتحمل السعر الحقيقي للمواد الأساسية، ولكن تقوم الحكومة بدعم جزء كبير من أسعار تلك المواد، لذلك فإن الانخفاض في الأسعار يظهر لدى فاتورة الحكومة وليس في فاتورة المواطن أولا، وثانيا على الحكومة أن تترجم الانحفاضات العالمية على أسعار السلع التي تدعمها للمواطن ولكن هذا لا يتم لإنها تعاني بالأساس من عجز مالي في الموازنة المالية لديها فإذا ما انخفضت فاتورة الغذاء أو الحبوب أو الوقود التي تؤمنها من الخارج فإنها تعمد إلى ضخ ما وفرته لسداد العجز المالي لديها وبهذا لا يظهر الانخفاض العالمي في الأسعار الأساسية للمواد على المواد في البلدان العربية.
ونظريا لو كان المواطن يدفع ثمن السلعة الحقيقي، والسعر محرر بالكامل بمعنى أن قوى السوق العرض والطلب هي من تقوم بتحديد السعر من خلال ما تستورده أو مانتتجه، فإن الانخفاض في السعر العالمي سينعكس بشكل مباشر على المواطن، فهب أن بلدا عربيا لا يزرع القمح وتقوم الحكومة بإيكال التجار باستيراد القمح من وجهات عديدة وبيعه للمطاحن المحلية بعد زيادة طفيفة عليه كربح للمستورد، ليتحول إلى طحين ومن ثم خبز، والمواطن هنا يشتري الخبز بسعره الحقيقي غير مدعوم من الحكومة إطلاقا، سنجد عندها أن سعر الخبز يختلف بحسب سعر القمح العالمي الذي يستورده التجار من الخارج، في حين لو تدخلت الحكومة واشترت القمح بنفسها من الخارج أو عن طريق وكلاء لها وقامت باقتسام التكلفة مع المواطن فإن الانخفاض في السعر العالمي سيؤثر على فاتورة الدولة وعليه يتولد خيارات أمامها: إما أن تُخفض السعر أو تقوم الحكومة بسحب المبلغ الزائد وتدخره لديها أو تصرفه على خدمات ومنتجات أخرى أو تسدد بها العجز المالي لديها إن وجد.
وبالعودة لمنظمة الفاو فبحسب ما جاء في رويترز فإن الأسعار الشهر الماضي استقرت قرب أدنى مستوياتها في سبع سنوات، حيث بدد ارتفاع أسعار الزيوت النباتية واللحوم أثر تراجع أسعار الحبوب والسكر ومنتجات الألبان.
وقال المدير العام للمنظمة أن ” تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي وبخاصة الصين يضع الكثير من الضغوط النزولية على السلع الأولية” وأضاف أنه “على المدى القصير سيكون هذا الضعف لأسعار الغذاء نوعا من التعويض للأكثر فقرا بين مشتري الغذاء، لكن على المدى الطويل نود أن نرى الأسعار تتعافى من جديد”.
وقالت الفاو هذا الشهر إن إنتاج العالم من الحبوب سيتوازن مع الطلب لموسم 2015 – 2016 حيث سيبلغ إجمالي حجم كل منهما 2.52 مليار طن بما سيبقى حجم المخزونات النهائية دون تغير يذكر تقريبا عن العام السابق.
منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة
منظمة دولية تابعة للأمم المتحدة تعنى بأمور الغذاء ولديها أهداف استراتيجية تعمل عليها أهمها ما يلي:
1.زيادة قدرة سبل العيش على الصمود أمام التهديدات والأزمات
2.تمكين نظم زراعية وغذائية شاملة وفعالة
3.الحد من الفقر في الريف
4.زيادة وتحسين توفير المنافع والخدمات من الزراعة والغابات ومصايد الأسماك بطريقة مستدامة
5.الإساهم في استئصال الجوع وانعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية.
ولديها مؤشر يستخدم لقياس التغير الشهري في الأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية الأساسية. وهو يتألف من متوسط مؤشرات الأسعار الخمسة للمجموعات السلعية مرجّحة بنصيب كل مجموعة من المجموعات من الصادرات خلال الفترة من 2002 – 2004. وتصدر نتائج القياس في كل شهر ومواعيد الإصدارات الشهرية لهذا الشهر كانت في 3 مارس / آذار والشهر القادم في 7 أبريل /نيسان. ومؤشرات الأسعار هي: أسعار الغذاء والحبوب والزيوت النباتية والسكر واللحوم ومنتجات الألبان.
وفي النهاية لابد لنا أن نشير أن الطريقة التي تدير بها الحكومة مقدرات البلاد ونموذج الاقتصاد السياسي الذي تتيعه فيما إذا كان اشتراكيا أو رأسماليا أو اقتصادا مختلطا، هي ما يؤثر على أسعار السلع والغذاء والمشتقات النفطية القادمة من الخارج. والأجدر بدل أن تكون اقتصادياتنا منكشفة على الخارج نتأثر بكل شاردة وواردة، انخفضت أو ارتفعت الأسعار، أن نعتمد على مواردنا الخام المتوفرة لدينا وأن نسعى بدل تصدير الخامات أن نصنعها محليا ونحاول قدر المستطاع التخفيف من الواردات واستبدالها بالمنتجات المحلية، وتشجيع الصنف المحلي. وإن كنا بلد غير زراعي أو لا يمتلك موارد نفطية فالحلول المستدامة اليوم وفيرة من قبيل الاستفادة من الطاقة المتجددة والنظيفة، كما يجدر التنويه أيضا أن تحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية يعزز التبادل التجاري بين الأقطار العربية، فما ينقص في دولة ما موجود في دولة أخرى محاذية لي.