بالرغم من مشاركة الأردن العالم، بإحياء اليوم العالمي للقضاء على الفقر، في شهر تشرين أول/ أكتوبر من كل عام، إضافة إلى جهود الجمعيات الخيرية التي تعمل في مكافحة الفقر، ويصل عددها إلى 3700 جمعية، إلى جانب الجهود الحكومية في هذا الميدان، إلا أن نسب الفقر التي أعلن عنها رسميا مؤخرا كانت صادمة وقاسية.
النتائج الجديدة ظهرت بالتزامن مع الانتهاء من التعداد العام للسكان ومسح دخل ونفقات الأسرة، للعام 2015، وبما يعكس حجم التردي في أوضاع كثير من الأردنيين خلال السنوات الماضية، فقد أظهرت النتائج أن نسبة الفقر ارتفعت إلى 20 % ، مقارنة مع 14.4 % ، في العام 2010، ما يعني أن معدل الفقر ارتفع محليا بنسبة تصل 5.5 %.
للتعليق على الموضوع، بين الناطق باسم وزارة التنمية الاجتماعية فواز الرطروط أن “عدد الجمعيات الخيرية التي تعمل في مجال مكافحة الفقر، سواء من خلال الدعم المادي أو إقامة المشروعات التجارية للأسر الفقيرة، يبلغ 3700 جمعية”.
وقال الرطروط ” إن الوزارة تعمل على تقديم منح لمشاريع عبر الجمعيات الخيرية، وذلك بهدف خفض معدلات الفقر والبطالة، وذلك من خلال صناديق الائتمان المحلية، التي وصل عددها إلى أكثر من 120 صندوقا برأسمال 20 ألف دينار لكل صندوق”، موضحا أن “مئات الأسر استفادت من خلال الصناديق بتحسين مستواها المعيشي”.
ولفت الرطروط إلى أن “89 ألف أسرة فقيرة، تستفيد من خدمات صندوق المعونة الوطنية، حيث تشكل هذه الأسر حوالي ربع مليون شخص”.
وكان تقرير صدر عن البنك الدولي ، كشف أن 18.6 بالمئة من مجموع السكان مهددون بالانضمام إلى الفقراء، في الوقت الذي أشار فيه تقرير البنك إلى فئة جديدة من الفقراء، أطلق عليهم “الفقراء العابرون” ونسبتهم 18.6 بالمئة من مجموع السكان.
وهذه الفئة التي تطرق إليها التقرير مختلفة عن الفقراء؛ إذ يؤكد التقرير أن هؤلاء يختبرون الفقر لفترة 3 أشهر في السنة أو أكثر وتبلغ نسبتهم 18.6 بالمئة.
وفي لقاء مع المواطنين، لمعرفة وجهات نظرهم في الأرقام الأخيرة حول الفقر والفقراء، قال محمود مسودة: “الالتزامات المالية كثيرة، فإيجار المنزل والمواصلات وفواتير الكهرباء والمياه والهاتف، والطعام والشراب، ومصارف الأولاد، كل ذلك يقضي على راتبي.
مسودة يعمل مندوب مبيعات، وهو رب لأسرة عدد أفرادها 4 أفراد، في الوقت الذي أبدى فيه امتعاضه واستيائه من الظروف المعيشية والالتزامات المالية الكثيرة والكبيرة، الأمر الذي يحول بينه وبين توفير ولو مبلغ بسيط.
أما الأربعيني، عمر سيف، فقال: “بسبب المصاريف الكثيرة التي تلاحقني، فإني أبحث عن عمل إضافي، للمساعدة في توفير المال من أجل الحاجات الحياتية المختلفة للأسرة، لقد أصبحت فقيرا فراتبي لا يكفيني وأسرتي”.
وتابع سيف الذي يعمل بائع في محل ألبسة، قائلا: “أتمنى لو أني مشمول بالضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، فراتبي لا يغطي الالتزامات الحياتية المفروضة علي، خصوصا في ظل ارتفاع الأسعار المستمر في أسعار المواد الغذائية، إضافة في ارتفاع الرسوم والضرائب الحكومية”.
من جهته، رأى ياسر مفيد أن “الطبقة الوسطى بدأت تتلاشى، على وقع موجات الغلاء وارتفاع الأسعار، في بلد من أغلى البلدان بمستوى المعيشة، في وقت لا يقابله تحسن في مستوى دخل مواطنيه، الذين ترزح أغلبيتهم تحت خط الفقر”.
وقال مفيد: “هناك جانب من حياة المواطنين يتعلق بالوضع الاقتصادي، لو نظرنا إليه جيدا لوجدنا كم الوضع الاقتصادي تراجع، وهو أن كثيرا من الأسر قامت بنقل أبنائها من المدارس الخاصة إلى الحكومية، نظرا لعدم مقدرتهم على دفع تكاليفها، فهذا يشير إلى تآكل مداخيل تلك الأسر وتراجعها بكل حاد”.
في هذا الإطار، تحدث الخبير الاقتصادي حسام عايش عن نسب الفقر والفقراء المرتفعة، قائلا: “إن الارتفاع الكبير في تكاليف المعيشة وارتفاع الأسعار، زاد من الضغوط على المواطنين، التي أصبح الكثير منهم في عداد الفقراء”.
وقال عايش: ” تعرض الأمن المعيشي في السنوات الأخيرة إلى مخاطر وهزات متنوعة، الأمر الذي أقلق الجميع، وزاد من حجم المخاطر والأعباء”.
وأشار عايش إلى أن “من أسباب ارتفاع مستويات الفقر الفقراء، سياسات الحكومات السابقة، التي تمثلت في زيادة الضرائب والرسوم وتكاليف المعيشة”.
ونوه عايش إلى أن “تشدد البنوك في منح القروض والتسهيلات والتمويل، بعد بدء الأزمة الاقتصادية، زاد من أعباء المواطنين وعمل على التضييق عليهم في مشاريعهم الاستثمارية والإنتاجية، الأمر الذي ساهم في رفع الأعباء والضغوط الكبيرة على الحياة المعيشية”.
ورأى عايش أنه “نتيجة السياسات الحكومية الاقتصادية، وغياب الخطط الاقتصادية الجادة، لم يعد للطبقة الاقتصادية الوسطى أي وجود أو ذكر، ما يعمل على زيادة نسبة الفقر في المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة معدلات البطالة”.
إلى ذلك، كشف مسح دخل ونفقات الأسرة لعام عن أنّ 230 ألف أسرة (قرابة مليون فرد من أصل 6.3 مليون عدد سكان المملكة) دخلها أقل من 350 دينار شهريا، ويمثل هؤلاء 18 بالمئة من إجمالي الأسر الأردنية البالغ عددها 1.253 مليون أسرة بحسب إحصائيات 2013.
وأشار المسح إلى أنّ هناك 92.556 ألف شخص في الأردن دخله أقل من 150 دينارا شهريا، فيما هناك 122.4 ألف شخص دخله يتراوح ما بين 150 إلى 200 دينار، وهناك 174 ألف شخص دخله بين 200 و250 دينارا، كما أن هناك 225.6 شخص دخله بين 250 و300 دينار، وهناك 338 ألف شخص يتراوح دخلهم ما بين 300 إلى 350 دينارا شهريا.
وكان التقرير الذي يتم الاعتماد على أرقامه لاستخراج أرقام الفقر لعام 2013 قسم شرائح المجتمع إلى 15 فئة ابتداء من (دخل أقل من 1800 دينار سنويا) وصولا إلى فئة (دخل أكثر من 14 ألف دينار سنويا).
نُشر الموضوع لأول مرة في شبكة أردن الإخبارية