اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منظمة “كسر الصمت” اليسارية الإسرائيلية بتجاوزها خط أحمر آخر والتجسس على الجيش الإسرائيلي، مما أثار ضجة واسعة في الأوساط السياسية للاحتلال.
جاء ذلك بعد نشر القناة العبرية الثانية تقريرًا لمنظمة “كسر الصمت” تقوم من خلاله بتوثيق جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين وهو ما اعتبره الاحتلال محاولة لجمع معلومات سرية واستخبارية حول نشاطات الجيش.
وبحسب التقرير، فإن تساؤلات تطرح حول تجاوز المنظمة لأهدافها المعلنة، وأخذ إفادات جنود إسرائيليين حول انتهاكات لحقوق الفلسطينيين في الضفة.
وزير الجيش الإسرائيلي موشيه يعلون أصدر أوامره للنيابة العسكرية بفتح تحقيق بشأن الاتهامات التي وجهت للمنظمة واحتمالية حصولهم على معلومات سرية من جنود مسرحين من الخدمة العسكرية، وبدورها أكدت وزيرة القضاء إييليت شاكيد أن السلطات المختصة تفحص التقرير لمعرفة ما إذا كان يشير إلى أبعاد جنائية في نشاطات منظمة “كسر الصمت”.
منظمة “كسر الصمت” وغيرها من المنظمات اليسارية اليهودية المعنية بقضايا حقوق الإنسان تتعرض لحملة منظمة رسمية وشعبية، لكشفها ممارسات جيش الاحتلال ضد الفلسطينيين، وسبق أن واجهت المنظمة اتهامات بـ”تقاضي دعم مالي من منظمات معادية للسامية لتعزيز الكراهية ضد إسرائيل، ونزع الشرعية عنها، وبث دعاية سياسية ضد إسرائيل”، وفق اتهامات الاحتلال لها.
رئيس حزب “هناك مستقبل” يائير لبيد، وصف المنظمة بأنها منظمة “مقيتة تسعى إلى التآمر على دولة إسرائيل وتقويضها”، وقال إن توجيه الانتقاد إلى الجيش داخل الدولة أمر مشروع، غير أن منظمة كسر الصمت تعمل على تشويه سمعة إسرائيل في الخارج وتلحق بها أضرارًا فادحة”، وفي السياق ذاته، اتهم الوزير الإسرائيلي، زئيف إلكين، منظمة كسر الصمت الحقوقية بـ “نقل معلومات عسكرية سرية إلى جهات أجنبية بما فيها فلسطينية”.
في المقابل، نفت المنظمة الاتهامات المنسوبة إليها، وبينت أن المعلومات التي زعم التقرير أنها سرية للغاية سبق أن صادقت الرقابة العسكرية على نشرها، ما يعني أن الرقابة لا ترى إشكالية في هذه المزاعم، وقالت المنطمة بأن المستوطنين واليمين يواصلون حملتهم الهجومية على منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية لإسكات من يعملون على إنهاء الاحتلال.
تأسست منظمة “كسر الصمت” عام 2004 على يد مجموعة من الجنود المسرحين من الجيش الإسرائيلي الذين قضوا خدمتهم العسكرية في الأراضي الفلسطينية، حيث توثق المنظمة من خلال إفادات لمئات الجنود حجم الانحطاط الأخلاقي للجيش وجرائم المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني الذي حولت حياته إلى جحيم تحت ذريعة الأمن القومي، وتنشر ما توثقه على موقعها الإلكتروني باللغتين الإنجليزية والعبرية.
تقارير المنظمة تثبت حدوث تجاوزات وإفراط في استخدام السلاح والذخيرة الحية، وانتهاكات صارخة وتجاهل تام لحياة البشر ولحقوقهم الأساسية، والمضايقات اليومية والمستمرة للمواطنين الفلسطينيين بلا مبرر وسبب واضح.
جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين لم تتوقف، في كل يوم هنالك انتهاكات وإعدامات بدم بارد للشبان، حملات اعتقال وتفتيش تطال العديد من المدن والقرى الفلسطينية يوميًا، بحجة البحث عن إرهابيين كما يزعم الاحتلال.
يحاول الاحتلال بانتهاكاته تلك إحكام قبضته الأمنية والعسكرية القمعية على الأراضي المحتلة، وإيقاف انتفاضة القدس والتخفيف من تبعاتها على أمن مستوطنيه، فهل تنجح المنظمة في “كسر الصمت” العربي والدولي أمام انتهاكات الاحتلال وفضحه؟ أم أن هنالك مزيد من فصول حكاية محتل غاصب لم ترو بعد؟