مصر ما بعد قانون التظاهر

aa_picture_20131126_1052140_web

قبل يوم الأحد الماضي، كانت قوات الأمن تستخدم العنف لفض “مظاهرات إخوانية”، وأما بعد يوم الأحد فإن قوات الأمن أصبحت تتدخل لفض “مظاهرات غير قانونية”، فعملا بقانون التظاهر المعلن مؤخرا، قامت قوات الشرطة المصرية باستخدام القنابل المسيلة للدموع لفض تظاهرة، وصفت بأنها “غير قانونية”، نظمتها حركة جابر صلاح الشهير بـ”جيكا” أمام نقابة الصحفيين يوم أمس الثلاثاء للمطالبة بإسقاط قانون التظاهر الجديد.

وبنفس الطريقة قامت قوات الأمن بالاعتداء على مظاهرة نظمتها حركة “لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين” أمام مجلس الشورى بالقاهرة للاحتجاجات على المحاكمات العسكرية، حيث قالت الحركة في بيان لها أن قوات الأمن ألقت القبض على أكثر من 47 متظاهرًا منهم 9 أعضاء من الحركة، ومن بينهم عضوان بالجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، وذلك بعد أن قامت قوات الأمن بالاعتداء عليهم بالضرب وتحرش عدد من رجال الشرطة ببعض المتظاهرات.

لحظة اعتداء قوات الأمن على المتظاهرين أمام مجلس الشورى، ووصف رجال الشرطة للمتظاهرين بأنهم “إرهابيون وخونة”، وتعنيفهم للشباب والفتيات:

شهادة صحفية مصرية كانت حاضرة على تدخل الشرطة لفض المظاهرات:

https://www.youtube.com/watch?v=Gf4dR-DaD5I

ومن بين المعتقلين المحامي والحقوقي، أحمد حشمت، عضو الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان، وكذلك عدد الصحفيين، ذكرتهم حركة صحفيون ضد الانقلاب في بيان صدر عنها مساء أمس، من بينهم أحمد رجب وإيمان عوف ومصطفى يسري مصطفى، بالإضافة إلى الصحفي محمد آمر مراسل جريدة الحرية والعدالة بأسيوط والذي تم اعتقاله من منزله بتهمة تغطية “أحداث الشورى”.

ومن بين المعتقلات، اللواتي تم احتجازهن لساعات قبل أن يتم “إلقاؤهن من سيارة الترحيلات على الطريق الصحراوي على بعد ساعتين من وسط القاهرة، مي سعد، ابنة الإعلامي الشهير محمد سعد المعروف بدعمه للانقلاب العسكري وللجنرال عبد الفتاح السيسي، ورغم أنه لم ينتقد الواقعة حتى الآن، ولم يعلق بعد على ما تداوله نشطاء من أن بعض أفراد الشرطة تحرشوا بالفتيات، فإنه كتب ما يلي على صفحته الخاصة على تويتر:

وردا على الاعتقالات وعلى الطريقة التي اعتمدتها قوات الأمن في فض المظاهرات، أعلن 11 عضوا بلجنة الخمسين لتعديل الدستور تعليق عضويتهم باللجنة لحين الإفراج عن المتظاهرين اللذين ألقت قوات الأمن القبض عليهم من أمام مجلس الشورى، وحسب مراسل الأناضول فإن الأعضاء الـ11 هم، نقيب الصحفيين ضياء رشوان، والناشطين عمرو صلاح وأحمد عيد، ومقررة لجنة الحريات بلجنة الخمسين هدى الصدة، والفنان التشكيلي محمد عبلة، وممثل سيناء مسعد أبو فجر، ورئيس الحزب الديموقراطي الاجتماعي محمد أبو الغار، والمخرج السينمائي خالد يوسف، ومؤسس حركة “تمرد” الشبابية محمود بدر، والشاعر سيد حجاب، وحجاج أدول ممثل النوبيين (جنوب مصر).

وبدورها انتقدت المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة “نافي بيلاي”، قانون التظاهر الجديد في مصر، مطالبة بتعديله أو بإلغائه، مشيرة، حسب البيان الذي نقلته وكالة الأناضول، إلى أن “القانون يمنح السلطات الأمنية صلاحيات واسعة لحظر التجمعات، وينتهك بشكل جدي حق التجمع السلمي”، مضيفة أن “المصريين طالبوا بوضوح وبشجاعة بأن تكون قوانين التظاهر متوافقة مع القانون الدولي لحقوق الإنسان”، وأن “منظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان في مصر أعربوا عن الكثير من المخاوف بخصوص القانون، إلا أن ذلك لم يؤخذ في عين الاعتبار”.

وأما منظمة “هيومن رايتس ووتش” الأمريكية، فقد أصدرت بيانا قالت فيه أن “القانون المصري الجديد الخاص بالاجتماعات العامة سيقيد المظاهرات السياسية السلمية بما يخالف المعايير الدولية”، مشيرة إلى أن العبارات التي وردت في القانون مثل “التأثير على سير العدالة” أو “تعطيل مصالح المواطنين” أو “تعطيل حركة المرور” تتسم بـ”الغموض بوجه خاص، ومن شأنها السماح للسلطات بتجريم طيف واسع من الاجتماعات والمظاهرات العامة السلمية”.

ورغم الرفض الذي وجده قانون التظاهر الجديد، حتى من داخل الطيف المؤيد للانقلاب العسكري وللجنرال عبد الفتاح السيسي، فإن نسبة كبيرة من الأثرياء وأصحاب الأموال يعلقون آمالا كبيرة على هذا القانون، حيث يأملون في أن يساهم في وقف الاحتجاجات والاعتصامات العمالية التي طالبت طيلة السنتين ونصف الماضيتين بزيادات في الرواتب وبجملة من الحقوق العملية التي حرموا منها طيلة العقود الماضية، كما يفترض أن القانون، في حال نجاح السلطات الأمنية في تطبيقه، سيرسي حالة من الهدوء في الشارع المصري مما سيؤدي إلى فتح شهية المستثمرين على الاستثمار.