أثارت وعدة وقائع جرت في مصر تساؤلات حول خلافات بين أجهزة الامن المصرية، خصوصا الشرطة والمخابرات، وداخل الشرطة وبعضها البعض، أبرزها قضيتي قتل الطالب الايطالي جوليو ريجيني، واتهام حركة حماس بالإرهاب.
وكان من الملفت في حديث السيسي الاخير لصحيفة لاريبوبليكا الايطالية طرحه احتمال أن يكون من أسماهم “أعداء” وراء مقتل الطالب الايطالي لضرب السياحة الأوروبية لمصر، كما لفت ضباط شرطة مجهولين الانظار حينما أبلغوا وكالة رويتر وصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن الشرطة احتجزت الطالب الإيطالي جوليو ريجيني قبل العثور عليه مقتولا.
وقد أثار تقرير جديد لصحيفة نيويورك تايمز، التساؤلات مرة أخري عن هذه الخلافات بقوله “إن توقيت العثور على جثة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر بالتزامن مع زيارة مسؤولين إيطاليين بارزين للقاهرة ربما يعكس خلافا بين الأجهزة الأمنية المصرية”.
وكانت السلطات المصرية عثرت على جثة ريجيني وبها آثار تعذيب في الطريق الصحراوي بين القاهرة والإسكندرية مطلع فبراير الماضي، بعد اختفائه يوم 25 يناير الماضي الذي وافق الذكرى الخامسة لثورة يناير.
وذكر تقرير الصحيفة الأمريكية أن طبيعة الإصابات التي كانت على جثة ريجيني دفعت العديد من المسؤولين الإيطاليين إلى استنتاج أن قوات الأمن المصرية متورطة في مقتله.
وأضاف أن المسؤولين لاحظوا بعض المصادفات المثيرة للقلق، حيث تزامن يوم العثور على جثة ريجيني مع استقبال عبد الفتاح السيسي لوفد تجاري إيطالي، ومع لقاء ألبرتو مانينتي رئيس جهاز المخابرات الخارجية الإيطالي مع نظرائه المصريين في القاهرة.
رسالة لإيطاليا
وقالت “نيويورك تايمز”، أن مسؤولين غربيين تساءلوا حول ما إذا كانت بعض عناصر الأجهزة الأمنية في مصر تعمدت إلقاء جثة ريجيني في هذا اليوم تحديدا لإرسال رسالة لإيطاليا أو حتى للسيسي.
وقال التقرير إن الغضب تجاه مقتل ريجيني، أثناء دراسته للنقابات العمالية سلط الضوء من جديد على مشكلة حقوق الإنسان في مصر.
وقال التقرير إن “الدائرة الداخلية المحيطة بالسيسي غامضة بشكل ملحوظ، لكن العديد من المحللين يقولون إنهم يعتقدون أنه يعمل بوصفه الأول ضمن مجموعة من المتساوين، فهو قائد سلطته مقيدة ببعض العناصر المستقلة من أجهزة الأمن المصرية”.
ونقل التقرير عن “ميشيل دنّ” وهي باحثة أولى في برنامج كارنيجي للشرق الأوسط، قولها إن “هناك الكثير من العلامات على وجود اضطراب في الأجهزة الأمنية (المصرية).. بعد عام 2011 كانت (الأجهزة) موحدة لفترة ضد جماعة الإخوان المسلمين لكن الآن هم في نزاع فيما بينهم مرة أخرى”.
وأشار التقرير إلى أن التحقيق في وفاة ريجيني يمكن أن يتوقف على تقرير التشريح الإيطالي لجثته، الذي لم يصدر بعد، والذي قد يجيب عما إذا كان تعرض للتعذيب لفترة طويل، وهو ما من شأنه أن يشير إلى أنه اعتقل من قبل جهاز أمن الدولة.
وقالت “دن”: “الأمر لا يتعلق فقط بريجيني.. هناك شعور بأن السلطات المصرية مصممة على سحق مجتمع حقوق الإنسان المتواجد منذ 30 عاما.. وإذا أغلقت منظمات حقوق الإنسان لن يعلم أحد ما الذي يحدث”.
حقوق الإنسان ليست أولوية لدي امريكا
وقال تقرير الصحيفة إن محاولات الضغط على مصر لتحسين أوضاع حقوق الإنسان والحريات عن طريق وضع قيود على المساعدات العسكرية الأمريكية التي تتلقاها مصر والبالغة 1.3 مليار دولار لم تؤت بثمارها.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية قوله “إن جزءا من المشكلة هو أن الوكالات الأخرى مثل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ووزارة الدفاع لم يضعوا حقوق الإنسان في الأولوية عند التعامل مع مصر”.
وأضاف المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته لأنه ليس مخولا لمناقشة المحادثات الخاصة مع المسؤولين الأجانب: “نشعر بقلق تجاه الرسائل المتضاربة الصادرة من الحكومة الأمريكية”.
ومصر هي ثاني أكبر بلد يتلقى المساعدات الخارجية الأمريكية منذ معاهدة السلام التي وقعتها مع إسرائيل في 1979.
وعلقت واشنطن جزءاً من مساعداتها العسكرية لمصر عقب عزل الجيش المصري الرئيس محمد مرسي في 2013 تنفيذا لما نص عليه الدستور الأمريكي، إلا أن الرئيس الأمريكي قرر في مارس الماضي 2015 رفع تجميد المساعدات بدعوي استخدامها في مكافحة الإرهاب وتأمين الحدود في سيناء، وأرسل طائرات ودبابات لمصر.
كيري ينتقد أوضاع حقوق الإنسان
ولم تبد واشنطن خلال الفترة الماضية انتقادات واضحة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر على الرغم من تصاعد انتقادات دولية أخرى، إلا أنها أعربت أمس البيت عن قلقها إزاء قرار مصر بإعادة فتح التحقيق مع منظمات حقوقية بشأن تلقيهم تمويلا أجنبيا.
وأعرب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري السبت 19 مارس 2016، عن قلقه إزاء ما وصفه بـ “تدهور وضع حقوق الإنسان في مصر”، بما في ذلك قرار الحكومة المصرية الأسبوع الماضي بإعادة فتح التحقيق مع منظمات غير حكومية.
وكانت هيئة قضائية قررت إعادة التحقيق في قضية، تعود لعام 2011، تتهم منظمات مجتمع مدني بتلقي تمويل أجنبي من الخارج بالمخالفة للقانون.
وقال كيري، في بيان نشر على موقع وزارة الخارجية الأمريكية، إن قرار الحكومة بإعادة التحقيق “يوثق انتهاكات لحقوق الإنسان والحريات المنصوص عليها في الدستور المصري”.
الشرطة قتلت ريجيني
ففي الحوار الذي أجراه وزير العدل المصري السابق أحمد الزند الذي أقالته الحكومة، مع الصحفي حمدي رزق بقناة “صدي البلد”، وتسبب في إقالته، ألمح وزير العدل المصري المقال، ضمنا، لمقتل الشاب الإيطالي تحت وطأة التعذيب الذي تعرض له على يد قوات الشرطة المصرية.
في هذا الحوار، أكد الزند، في الدقيقة 3:09 الشريط الذي عرضته القناة، أن الطب الشرعي المصري قدم تقريرا حقيقيا عن الإصابات الموجودة بجثمان الطالب الراحل، وشدد على أنه لا يريد الحديث في الأمر، “حتى لا يستغله اللي بالي بالك”، في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين على ما يبدو.
حيث ذكر أن الطب الشرعي قدم “تقريرا حقيقيا، وفقا لما عرض عليه”، وأشار إلى أن الرواية حول الواقعة هي “الرواية نفسها التي يعلمها الجميع”، وذلك في إشارة لتعذيبه على يد الشرطة المصرية قبل مقتله، باعتبار أنها الرواية الوحيدة المثارة بينما تؤكد السلطات الرسمية أنها لا تعلم ما جري له حتى الان.
تضارب روايات الشرطة
ونقلت صحف غربية عن مصادر أمنية مصرية أول اعتراف بأن قوات الشرطة المصرية احتجزت الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني” قبل العثور على جثته لاحقا، بعد إنكار نظام السيسي لأكثر من أسبوع.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن مسؤولين أمنيين مصريين أكدوا اعتقال ريجيني يوم 25 يناير الماضي، في تأكيد لشكوك إيطاليا بأن النظام المصري متورط في تعذيب الطالب الإيطالي وقتله.
وأضافت الصحيفة أن ثلاثة مسؤولين أمنيين التقتهم قالوا إن “ريجيني” تم اعتقاله؛ لأنه كان “وقحا جدا مع رجال الشرطة، وتصرف وكأنه رجل قوي”، وأضافوا أن شكوك رجال الأمن حول ريجيني تزايدت بعدما فحصوا هاتفه المحمول ووجدوا أرقاما لأشخاص على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل، اللتين تعدّهما حكومة السيسي أعداء للدولة.
وأوضح أحد المسؤولين الأمنيين أن الشرطة ظنت أن ريجيني كان جاسوسا، فليس طبيعيا أن يأتي أحد الأجانب إلى مصر لدراسة أوضاع النقابات العمالية.
السيسي يلمح لجهة مجهولة
وألمح عبد الفتاح السيسي لأن “توقيت هذا الحادث يطرح العديد من الأسئلة، من بينها توقيت الكشف عن الحادث أثناء زيارة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية لمصر على رأس وفد من ممثلي مجتمع الأعمال الإيطالي، وفي الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين زخماً سياسيا واقتصاديا غير مسبوق”.
وألمح لأن هناك “أطراف لديها مصلحة في عرقلة هذا التعاون”، مشيرا لأهمية تعامل الجانبين المصري والإيطالي مع هذا الحادث، وأهمية تفويت الفرصة على تلك الأطراف، بحسب قوله، ما أثار تساؤلات حول هوية هذه الاطراف؟
وربط السيسي، في حوار مع صحيفة “لاريبوبليكا” الإيطالية، بين حادث إخفاء وتعذيب وقتل المواطن الإيطالي، وما قال انه محاولات لـ “ضرب الاقتصاد المصري وعزل البلاد والانتقام من مصر بسبب دورها الكبير في الحرب على قوى التطرف والإرهاب.
من سرب أنباء تعذيب ريجيني؟
وسبق أن نقلت صحف غربية عن مصادر أمنية مصرية اعتراف بأن قوات الشرطة المصرية احتجزت الطالب الإيطالي “جوليو ريجيني” قبل العثور على جثته لاحقا.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن مسؤولين أمنيين مصريين أكدوا اعتقال ريجيني يوم 25 يناير الماضي، وأن ثلاثة مسؤولين أمنيين التقتهم قالوا إن “ريجيني” تم اعتقاله؛ لأنه كان “وقحا جدا مع رجال الشرطة، وتصرف وكأنه رجل قوي”.
وأضافوا أن شكوك رجال الأمن حول ريجيني تزايدت بعدما فحصوا هاتفه المحمول ووجدوا أرقاما لأشخاص على صلة بجماعة الإخوان المسلمين وحركة 6 أبريل، اللتين تعدّهما حكومة السيسي أعداء للدولة.
وأوضح أحد المسؤولين الأمنيين أن الشرطة ظنت أن ريجيني كان جاسوسا، فليس طبيعيا أن يأتي أحد الأجانب إلى مصر لدراسة أوضاع النقابات العمالية.
وفيما جاءت هذه الاعترافات من ضباط شرطة، رفض وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار بشدة توجيه أي اتهامات للسلطات المصرية بالمسؤولية عن مقتل ريجيني مؤكدا أن هذه الطريقة ليست متبعة من قبل الأمن المصري.
المصدر: إيوان 24