أثار القرار المفاجئ لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، بالسماح لسكان قطاع غزة بالسفر إلى الخارج عبر جسر الملك حسين”معبر اللنبي”مع الأردن، شريطة ألا يعودوا بنفس الطريقة خلال سنة على الأقل، حالة من القلق والخوف لدى الغزيين والمراقبين.
فمنهم من اعتبر هذا القرار الذي تم إلغاؤه منذ 20عامًا، مصيدة للفلسطينيين على معبر “اللنبي”، فيما اعتبر آخرون بأنه جزء من مخطط إسرائيلي لـ”تهجير سكان غزة”، قبل وقوع الانفجار بسبب الضغوطات والحصار الذي يتعرض له سكان القطاع منذ 10 سنوات.
ونشرت صحيفة “هآرتس” تفاصيل التعليمات الجديدة التي تعكس تغييرًا في السياسة الإسرائيلية التي كانت متبعة خلال العشرين سنة الأخيرة، على حد زعمها.
وقالت الصحيفة إن: “هذا القرار يأتي بالإضافة إلى الحصة الأسبوعية التي لا تتجاوز المائة تصريح للسكان الراغبين في الخروج من القطاع، في واحدة من الحالات التالية: تلقي العلاج الطبي الخاص والمشاركة في مؤتمرات خاصة وطلبة الدراسات العليا في الخارج”.
قلق فلسطيني
المواطن ناصر الشوربجي، 25 عامًا، وصف القرار الإسرائيلي بأنه “مصيدة” جديدة لاعتقال الفلسطينيين مباشرة بعد خروجهم من قطاع غزة، معبرًا عن تخوفه من هذه القرار الإسرائيلي المفاجئ.
وأوضح الشوربجي، الذي يسعى للسفر لاستكمال علاجه في ألمانيا وقد رفض أمنيًا أكثر من مرة مما منعه ذلك من السفر، أن القرار تم إلغاؤه من قِبل إسرائيل قبل 20 عامًا تقريبًا، والعودة له في هذا التوقيت في ظل الحصار المشدد على قطاع غزة والتهديد بشن حرب جديدة أو انفجار القطاع، يثير تساؤلات كبيرة.
ولفت إلى أنه لا توجد أي ضمانات لا فلسطينية ولا حتى إسرائيلية، لعدم ملاحقة الفلسطينية من قِبل قوات الاحتلال، مشيرًا إلى أن الأمر ما زال غامضًا والمجازفة أمر لا يمكن أن نخوضها في هذا الوقت.
ويربط جسر الملك حسين بين الضفة الغربية والأردن فوق نهر الأردن، ويستخدم كمعبر حدودي بين الأردن والضفة الغربية، وبحسب الإعلام الإسرائيلي، فإن هناك شروطًا وتعليمات من أجل تمكين الغزيين من السفر عبر جسر الملك حسين، وأبرزها ألا يعودوا بنفس الطريقة بعد سفرهم عبر الجسر إلا بعد عام على الأقل.
محاولة دعائية كاذبة
بدوره أكد المحلل السياسي طلال عوكل أن هذا التوجه الإسرائيلي هو “محاولة دعائية كاذبة، لا يوجد من خلفها حلول لقطاع غزة، بل تسعى إلى إلقاء الكرة في ملعب أطراف عربية أخرى”، وأوضح عوكل أن إسرائيل ستعمل على السماح للناس بالعبور من قطاع غزة، ولكن الأردن منذ فترة لا تعطي تصريحات العدم ممانعة لسكان قطاع غزة، مشددًا على أن إسرائيل تريد أن تبدو كمن يقوم بواجبه تجاه معاناة قطاع غزة بصورة إعلامية مضللة فقط.
ولفت إلى أن هذه التوجهات قد تكون مدفوعة من بعض الأطراف الخارجية التي تدخلت من أجل الوصول إلى هدنة مع قطاع غزة، في ظل انغلاق الأفق، منوهًا إلى أن إسرائيل تريد أن تظهر أن المشكلة لدى السلطة الفلسطينية والسلطات الأردنية، في حين تظهر هي كمن يقوم بالتخفيف عن سكان قطاع غزة.
وأضاف، “هذا التوجه الإسرائيلي لا يمكن أن يحد من الانتفاضة الفلسطينية، والإجراءات الإسرائيلية السابقة كانت أوسع من هذا وأعمق ولم تنجح في إخماد الانتفاضة الفلسطينية، حيث استخدمت إسرائيل كل أسباب الضغط والعنف والقوة ضد الانتفاضة الفلسطينية، وحاولت من خلال التسهيلات الاقتصادية وتسهيلات الحركة لسكان الضفة، لكنها فشلت في التأثير على الانتفاضة”.
من جهته قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية عطا القيمري، أن “هناك احساسًا بمحافل الأمن الإسرائيلي، بأن الضغط المتزايد سواء في الضفة أو في غزة، هو مبرر لمزيد من التوتر والاشتعال وزيادة الاضطرابات الأخيرة”، وأشار القيمري، إلى أن سياسة التخفيف وخاصة عن قطاع غزة، يمكن أن تبعد احتمالات اشتعال متجدد للعنف، أو تبادل إطلاق النار من جديد، موضحًا أن “هناك دوائر سياسية إسرائيلية تميل إلى فهم الأمور ومعرفة المبررات الحقيقية لإمكانيات الاشتعال”.
ونوّه إلى أن التخفيف الإسرائيلي قد يؤدي إلى تأخير الاشتعال من جديد إذا لم يلغيه، مؤكدًا أن إمكانية شن حرب جديدة على قطاع غزة لم تتراجع، كون غزة “برميلاً متفجرًا من السكان والفقر والضائقة المستمرة التي تسببت فيها إسرائيل”.