وافق أعضاء البرلمان الهولندي، يوم الثلاثاء 15 آذار/ مارس، على مقترح يدعو كلاً من الحكومة الهولندية بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي إلى فرض شروط صارمة على بيع وتسليم الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية.
ويعد هذا المقترح الصادر عن أحد أعضاء الائتلاف الحاكم في هولندا بمثابة الخطوة الجديدة التي ستمثل تحديًا لمواقف الأوروبيين تجاه النظام السعودي حيث أنفق هذا الأخير، خلال سنة 2015، مبلغًا يقدر بحوالي 8.7 مليار يورو على اقتناء المعدات العسكرية.
وإذا ما واصلت فرنسا إبرام الصفقات مع حليفها الرئيسي داخل التحالف المناهض لتنظيم الدولة، والتي تتمثل أساسًا في اقتناء الأقمار الصناعية، الأسلحة والمعدات البحرية منذ تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2015، فإن ذلك سيشكل عامل ضغط على بعض الدول الأوروبية التي تربطها علاقات عسكرية مع المملكة العربية السعودية، وفي شهر آذار/ مارس من سنة 2015، دعا كل من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر إلى إنهاء اتفاق التعاون العسكري مع الرياض.
وقد اتهمت وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت والستروم، المملكة العربية السعودية بإلغاء كلمة لها كانت ستلقيها أمام جامعة الدول العربية في آذار/ مارس سنة 2015، وذلك ردًا على الانتقادات التي صرحت بها هذه الأخيرة والمتعلقة بملف حقوق الإنسان على خلفية إدانة المدون رائف البدوي، بالإضافة إلى انتهاك حقوق المرأة داخل المملكة، وتواصلت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، خاصة بعدما استدعت السعودية سفيرها في السويد وعلقت منح تأشيرات عمل للسويديين.
وحذت كل من سويسرا والاتحاد الأوروبي حذو السويد عندما طالبوا بفرض حظر بيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية، وذلك احتجاجًا على الضربات الجوية التي تقودها السعودية، بالإضافة إلى الحصار البحري المفروض على اليمن منذ فترة.
وتجدر الإشارة إلى أن قرارات البرلمان الأوروبي في هذا السياق لا تتخذ صبغة إلزامية من الناحية القانونية، لكنها تمثل عامل ضغط على باقي الدول الأوروبية، ووفقا للأمم المتحدة، فإن تدخل التحالف العربي في اليمن منذ شهر آذار/ مارس سنة 2015، أودى بحياة أكثر من 6000 شخص وجرح حوالي 30000 آخرين.
وتواصلت ردود الفعل الأوروبية حول تسليح السعودية؛ ففي ألمانيا طالب رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي ووزير الاقتصاد الألماني، سيغمار غابرييل، بالحد من تسليم تراخيص تصدير الأسلحة الألمانية في محاولة منه لفرض قيود على صادرات الأسلحة الموجهة إلى الرياض، حيث رفضت برلين لسنوات تصدير دبابات “ليوبارد” وبنادق “جي 36” إلى السعودية.
وفي أواخر شهر شباط/ فبراير، أشار غابرييل إلى إمكانية إعادة النظر في الصفقة التي كان من المقرر إبرامها خلال كانون الثاني/ يناير حيث كانت تعتزم الحكومة الألمانية الموافقة على تصدير حوالي 15 قاربًا مهمتهم مراقبة السواحل البحرية، وسيمثل هذا العقد، الذي تبلغه قيمته حوالي 1.5 مليار يورو، إحدى أهم الاتفاقيات المبرمة بين ألمانيا والسعودية.
أما فيما يتعلق بباقي الأسلحة، فقد صرح الوزير الألماني أن حكومة بلاده سمحت ببيع 23 طائرة هليكوبتر مدنية تابعة لشركة “أيرباص” إلى المملكة العربية السعودية.
أما في المملكة المتحدة، فقد واجهت الحكومة العديد من الانتقادات من قِبل المنظمات التي تُعنى بحقوق الإنسان متهمة إياها بالقيام بممارسات غير قانونية على خلفية مواصلة تصديرها للأسلحة إلى السعودية، بالرغم من تدخل هذه الأخيرة في شؤون اليمن، وخلال ردها على هذه الانتقادات صرحت حكومة كاميرون، التي أذنت سنة 2015 ببيع الطائرات المقاتلة والقنابل الموجهة للسعودية، أن سياسة الرقابة التي تتبعها المملكة المتحدة هي الأكثر صرامة في العالم.
وفي هذا السياق، رفضت المملكة المتحدة حظر بيع الأسلحة للسعودية، ففي غضون خمس سنوات، حققت أرباحًا مالية تقدر بحوالي 8 مليار يورو على خلفية إبرامها لصفقات مماثلة مع الرياض.
وفي بلجيكا، تباينت الآراء بين كل من الفلاميون والولونيين، أبرز مجموعتين سكانيتين في بلجيكا، حول تصدير الأسلحة إلى السعودية من عدمه، حيث رفضت منطقة “الفلاندر” في كانون الثاني/ يناير منح رخصة لتصدير الأسلحة، في المقابل، تحججت والونيا بعدم وجود توافق أوروبي، وذلك لتبرير سواء صادراتها المباشرة إلى السعودية أو تلك التي تتم بواسطة التراخيص الممنوحة لشركة كندية، تقوم بدورها بإعادة تصدير الأسلحة إلى الرياض.
المصدر: لوموند/ ترجمة: إيوان 24