من اسمها، يبدو أن الحركة الجديدة لحماية يهودية القدس، تبدو وكأنها حركة يمينية إسرائيلية أخرى، متبنية لدعاية عداء العرب كشعار لها، ويحوي شعارها على أسد (رمز للقدس) تحيط به عدد من الدروع (دروع داود) وهو ما يحمل نفس الرسالة أيضًا: “القدس يجب أن تبقى مدينة يهودية، والفلسطينيون غير مرحب بهم فيها”.
يرأس هذه المنظمة المنشأة حديثًا وزير العمل السابق، المعروف بكونه أحد أبرز الشخصيات في معسكر السلام الإسرائيلي، وإيمي أيالون نائب إيهود أولمرت إبان عمله كرئيس للوزراء، من جهة أخرى، قام يتسحاق هرتسوغ، الزعيم الحالي لحزب العمل، بإعطاء مباركته لهذا التجمع خاصة مع تنامي دعوات الانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين في صفوف اليسار الإسرائيلي.
تقوم هذه الحركة على فكرة أساسية تتمثل في بناء جدار يفصل بين الأحياء الفلسطينية في شرقي القدس، والتي قام الاحتلال بضمها في 1967، وقلب مدينة القدس، وفعليًا نقلت “إسرائيل” السيطرة على هذه الأحياء للسلطة الفلسطينية، حيث يقطن بها ما يصل إلى 200 ألف نسمة، تعتبرهم إسرائيل مقيمين مؤقتين مسموح لهم الوصول إلى القدس.
ووفق المبادرة فإن إسرائيل ستستمر في سيطرتها على الأحياء اليهودية الكبيرة التي بينتها وضمتها بعد عام 1967، وهو ما من شأنه أن يعزز الأمن في المدينة وفق مروجي المبادرة عدا عن توفيره ما يتراوح بين 500 و700 مليون دولار أمريكي، تصرفها إسرائيل على الخدمات الاجتماعية للسكان الفلسطينيين هناك.
ولعل النقطة الأهم هنا تتعلق بإمكانية جعل القدس “يهودية ” مرة أخرى، بحيث تنخفض بهذه الخطوة نسبة الفلسطينيين في المدينة إلى حدود 20%، علمًا بأن نسبتهم الآن تصل إلى 37% من سكان المدينة.
يسوق مروجو المبادرة أنها ستحقق هذه الأهداف الثلاثة، لكنهم يتجاهلون تماماً مصير الفلسطينيين الذي سيجدون أنفسهم مقسمين مجدداً. وسيحرمون فرص العمل والدراسة أو حتى التواصل مع أقاربهم والأهم إمكانية وصولهم إلى القدس والمسجد الأقصى.
ويمتلك داعمو المبادرة نزعة عالية، إذ بينوا أكثر من مرة أنهم لا يكترثون للرأي الفلسطيني حول هذه المبادرة، ويشير رامون في تصريحاته إلى قناعته بعدم ضرورة التشاور مع الفلسطينيين حول مصيرهم.
الحكومة الإسرائيلية بلا شك سترفض تطبيق هذه الخطة، خاصة أن اليمينيين يرفضون تمامًا التخلي عن الحدود التي يعتبرونها تاريخية للقدس، ولكن استطلاعات الرأي تشير إلى موافقة كبيرة بين صفوف الإسرائيليين على هذه الخطة، وهو ما يعني بشكل آخر انهيار مشروع القدس الكبرى.
وفعليًا، ضمت إسرائيل إلى حدود بلدية القدس ما يصل إلى 70 كيلومترًا منذ عام 1967، يقطن هذه المساحات الآن ما يصل إلى 66 ألف فلسطيني، يشكلون 24% من سكان ما تسميه إسرائيل “القدس الكبرى”.
القدس الآن تعاني من هجرات كبيرة من قِبل سكانها اليهود، فوفق الإحصائيات فإن القدس استقبلت خلال العام الماضي 10 آلاف ساكن يهودي جديد، بينما غادرها 17 ألف، ووفق تقديرات معاهد الدراسات الإسرائيلية فإن الأعوام ما بين 2007 و2011 شهدت صافي هجرة من اليهود خارج المدينة بقرابة 33 ألف نسمة.
الأسوأ بالنسبة للإسرائيلين كان على الجانب الفلسطيني، فعلى الرغم من الإجراءات التي تحاصر إسرائيل بها فلسطينيي القدس، إلا أن الإحصاءات تشير إلى زيادة النمو السكاني من 66 ألف فلسطيني عام 1967 إلى 307 ألف فلسطيني اليوم داخل حدود بلدية القدس، وهو ما رفع نسبة الفلسطينيين إلى 36% من سكان المدينة.
وحتى الجدار الفاصل فشل في تقليل هذه النسب، وعلى الرغم من نجاحه في تدمير جزء كبير من حياة الفلسطينيين واقتصادهم إلا أنهم تمكنوا من البقاء والصمود بشكل أسطوري.
وعلى الرغم من ضخامة المشروع، إلا أن إسرائيل تبدو غير قادرة على ابتلاع مناطق شرقي القدس أو التخلي عنها، وبلا شك فإن حلم القدس الكبري انهار الآن، ويعيش سكان القدس على أنقاضه فحسب.
المصدر: ميدل إيست آي – ترجمة: قدس الإخبارية