أعلنت الولايات المتحدة أمس عن نجاحها في استهداف الرجل الثاني في تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في سوريا وقتله، وهو عبدالرحمن مصطفى القادولي المعروف باسم “أبو علاء العفري” عن طريق غارة جوية.
هذا الإعلان الأمريكي محل تشكيك وليس لأحد أن يؤكده لأن “العفري” قُتل أكثر من مرة في مثل هذه الإعلانات من وجهة نظر البعض، وتبين لاحقًا أن مستودع أسرار داعش ما زال حيًا متنقلًا بين سوريا والعراق، حيث أعلنت بغداد العام الماضي في وقت شبيه بهذه الأيام أن أبي علاء العفري قتل، وسرعان ما أثبت التنظيم كذب هذه الرواية.
بعيدًا عن صحة الإعلان الأمريكي الأخير، من هو “أبو علاء العفري” الذي تخرج أمريكا بشكل دوري لتعلن مقتله، وما هو الدافع الذي جعلها ترصد مبلغ 7 ملايين دولار كمكافأة لمن يُدلي بمعلومات تساعد في اعتقاله أو قتله؟
العفري هو أحد ثلاثة يقودون مجلس حرب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، وهو أحد القلائل المقربين من زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي”، وقد رشحته الصحافة الأجنبية لتولي قيادة التنظيم خلفًا للبغدادي حين ترددت شائعات عن مقتله.
الرجل وكما تُشير كافة المصادر أنه ابن “الجهاد الأفغاني” حيث سافر إلى أفغانستان للالتحاق بالجماعات الجهادية هناك في العام 1998، بعد أن اعتقل من قِبل الأمن العراقي أكثر من مرة، حيث ينحدر الرجل من أصول تركمانية موصلية بالتحديد مدينة الحضر، وقد عرف العفري بتوجهه الجهادي الذي لم يستطع أن يخوض فيه كثيرًا داخل العراق فاضطر للسفر للقاء زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، ليعود إلى العراق مقاتلًا، وبالتحديد في السليمانية شمال العراق بجانب جماعة أنصار الإسلام.
أصبح العفري أو أبو سجى كأحد أسمائه الكثيرة قياديًا بتنظيم القاعدة في العراق منذ تأسيسه على يد أبي مصعب الزرقاوي في العام 2004، ثم تدرج بعد ذلك في المناصب داخل التنظيم ليصبح بعدها مسؤولًا للهيئات الشرعية للمنطقة الشمالية في العراق ( نينوى وكركوك وصلاح الدين)، ليرشح بعد ذلك من قبل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بعد مقتل أبو عمر البغدادي وأبو أيوب المصري لمنصب “أمير تنظيم القاعدة في العراق” في العام 2010، لكن سرعان ما ترك موقعه بسبب الخلافات الداخلية في التنظيم.
عبدالرحمن مصطفى القادولي مدرس الفيزياء في تلعفر لم يكن ضابطًا في الجيش العراقي كما رددت بعض المصادر التي تبحث في سيرته، لكنه جهادي منذ البداية، اختفى العفري وظهر مبايعًا لخليفة داعش أبو بكر البغدادي عندما توسع التنظيم في سوريا، ليصبح نائبًا له في سوريا، ثم نائبًا عامًا في سوريا والعراق مع مقتل أبو مسلم التركماني الذي ساهم في عودة العفري إلى التنظيم من قبل بوساطة لدى البغدادي.
العفري نجح مجددًا في التدرج داخل “داعش” ليصبح أحد محركي التنظيم وكبار مفكريه وقادته، ويُقال إنه استلم صندوق أسرار التنظيم بعد مقتل “حجي بكر” الرأس المدبر داخل تنظيم الدولة.
حتى حصل العفري على ثقة البغدادي المطلقة رغم الخلافات القديمة بينهما، وصار حلقة وصل الخليفة الداعشي مع أمراء المدن والمناطق والشرعيين ومستشاري التنظيم، ليجمع في جعبته كافة تفاصيل هذا التنظيم، لذا حصرت واشنطن على عملية اعتقاله التي فشلت فيها مرارًا بسبب تخفيه وظهوره بأكثر من اسم، لذلك عملت على استهدافه بالقتل.
يتحدث بعض الباحثين في الشأن الجهادي أن الرجل كان يقود في البداية جناح المصالحة مع جبهة النصرة، وربما يفسر هذا بولائه السابق لأسامة بن لادن حيث كان ولاءًا تامًا، لكنه الآن معروف بقيادة أشرس الحملات الداخلية للحفاظ على أمن الجبهة الداخلية في داعش، وقد سفرها البعض على أنها حملات انتقامية بسبب خلافاته مع قياديين تعود إلى العام 2010.
لا يُعرف حتى الآن مصير الرجل، ولا تحظى البيانات الأمريكية في هذا الصدد بمصداقية كافية بسبب اعتمادها على جواسيس في الداخل لا ينقلون معلومات بدقة كافية، حيث أعلنت الولايات المتحدة منذ أيام مقتل “أبو عمر الشيشاني” المعروف بوزير الحرب لدى التنظيم، لكن تنظيم الدولة نفى هذا الأمر.
ومن المنتظر أن تؤكد القيادة الوسطى للجيش الاميركي التي تشرف على عملياته في الشرق الاوسط، هذه الأنباء التي تناقلتها وزارة الدفاع الأمريكية بشأن مقتل العفري.