أين ما وليت وجهك في بلدان إفريقيا البيضاء والسوداء تطالعك أخبار الجماعات الجهادية المنتشرة في أكثر من دولة وفي أكثر من مكان وربما تطالعك أخبار أكثر من تنظيم جهادي في دولة واحدة.
أسباب انتشار الجماعات الجهادية في إفريقيا عديدة ولعل أبرزها الأرضية الملائمة للتوسع والانتشار والاختباء والمباغتة عسكريًا، والثروات الباطنية اقتصاديًا، والطبيعة السكانية والحاضنة الشعبية في بعض الدول لأسباب تاريخية.
بلدان المغرب العربي، الكاميرون، نيجيريا، الصومال وغيرها من الدول الإفريقية كانت ولازالت حاضنة لعدد من المجموعات الجهادية وتعيش حربًا وصراعًا معها ربما لأكثر من عقدين من الزمن مثلما حدث مع الجزائر.
في هذا التقرير نستعرض أبرز الجماعات الجهادية المنتشرة في القارة الإفريقية.
الجزائر
تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي
يقول مراقبون إن جذور الجماعات الجهادية في الجزائر تعود إلى تسعينات القرن الماضي عندما التحق أمير تنظيم القاعدة في بلاد المغرب عبد المالك درودكال المكنى بـ “أبي مصعب عبد الودود” بالجبال لقتال السلطات الجزائرية وقاتل خلالها بشراسة في صفوف تنظيم الجماعة الإسلامية المسلحة ثم تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال ثم الفرع المغاربي لتنظيم القاعدة الدولي.
جند الخلافة في الجزائر
قامت جماعة إسلامية مسلحة، تطلق على نفسها “جند الخلافة” بخطف مواطن فرنسي بعد أيام من إعلان مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية.
وفرضت جماعة “جند الخلافة” الجزائرية اسمها على ساحة الإعلام الدولي بعد إعلانها خطف مواطن فرنسي الإثنين 22 سبتمبر/ أيلول، وكانت هذه الجماعة المتشددة أعلنت مبايعتها لتنظيم الدولة الإسلامية قبل أيام.
وتقرر تأسيس التنظيم، بحسب بيان رسمي للجماعة الوليدة، “بعد اجتماع لمجلس شورى منطقة الوسط في كتيبة الهدى وبعض السرايا التي كانت تتبع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، حيث تم الاتفاق على تأسيس جند الخلافة في أرض الجزائر بقيادة خالد أبي سليمان وبيعة البغدادي”.
وجاء في البيان الذي حمل رقم واحد لـ “جند الخلافة في أرض الجزائر”، أن مؤسسي التنظيم الجديد قرروا الانشقاق عن تنظيم القاعدة الأم وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بعد انحراف التنظيم عن الجادة، وأعلنوا البراءة من منهج القاعدة، ليعلنوا مبايعة أبوبكر البغدادي.
ويتزعم الجماعة “قوري عبد المالك” المدعو”خالد أبو سليمان”، البالغ من العمر 37 عامًا، وهو مسؤول كتيبة “الهدى” سابقًا، وينحدر من بومرداس بشمال الجزائر.
تونس
كتيبة عقبة بن نافع
هي إحدى الجماعات المبايعة لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وقيل إن مقاتليها موالون لتنظيم أنصار الشريعة التي يترأسه أبو القيادي أبو عياض التونسي وتنشط بجبال الشعانبي وسمامة والمناطق المجاورة لها بمحافظة القصرين وظهرت تقريبًا سنة 2021.
جند الخلافة
هي جماعة حديثة التشكل والبنـاء ويعـــود تأسيسها إلى أوائل 2015 بعد أن بايعت تنظيم الدولة الإسلامية وقد سبق للبعض من عناصرها النشاط ضمن عناصر كتيبة “عقبة ابن نافع” قبل حصول خلافات بينهما حول مبايعة تنظيم الدولة والانصهار صلبه من عدمه وتتمركز هي الأخرى أساسًا في جبال الشعانبي وسمامة والمغيلة بمحافظة القصرين.
المغرب
تكاد تكون المغرب الدولة المغربية الوحيدة التي لا تتمركز على أراضيها جماعة جهادية، رغم أنها عاشت فترات عصيبة خلال السنوات الماضية وذلك بعد أن ضربت تفجيرات عديدة مناطق متفرقة من البلاد تبناها تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي.
ليبيا
أنصار الشرعية الليبية ومجلس شورى مجاهدي درنة وتنظيم الدولة الإسلامية
أنصار الشريعة في ليبيا
تسيطر هذه الجماعة على أجزاء كبيرة من بنغازي ودرنة شرقي ليبيا، اتهمتها واشنطن بالهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي 2012 الذي قتل فيه السفير الأمريكي و4 مواطنين أمريكيين، وتتهمها القوات الحكومية الليبية بتنفيذ عدد من الاغتيالات لمدنيين ومسؤولين وعسكريين، وهي إحدى أقوى الجماعات المسلحة في ليبيا.
مجلس شورى مجاهدي درنة
تشكل مجلس شورى مجاهدي درنة من قبل عضو الجماعة الليبية المقاتلة سالم دربي في 12 ديسمبر 2014.
في يونيو 2015، قتل مسلحو الدولة الإسلامية أحد قيادي مجلس شورى مجاهدي درنة ناصر العكر، بعد ذلك أعلنت الجماعة النفير العام ضد الدولة الإسلامية وأخرجوها من مدينة درنة وقتل قائد المجلس سالم دربي في وقتٍ لاحق أثناء المعارك مع التنظيم.
تنظيم الدولة الإسلامية الفرع الليبي
تعتبر مدينة درنة المعقل الأول للدولة الإسلامية في ليبيا، حيث بسطت هيمنتها على هذه المدينة منذ أوائل أكتوبر/ تشرين الأول 2014 لكن، ومنذ أشهر، وقع سيطرت الجماعة الجهادية الليبية “مجلس شورى شباب مجاهدي درنة” بالكامل على المدينة.
ويشكل تنظيم الدولة 3 معاقل له في ليبيا، حول مدن درنة وبنغازي شرقي البلاد، وسرت الواقعة في غربها، وتخضع مدينة سرت، منذ يناير/ كانون الثاني 2015، لسيطرته.
مصر
ولاية سيناء
ولاية سيناء هي مجموعة مسلحة ترفع راية تنظيم الدولة في مصر، نشطت، منذ 2011، في شبه جزيرة سيناء، تحت اسم “أنصار بيت المقدس”، لتعلن، أواخر 2014، ولاءها للتنظيم ومبايعتها له.
جماعة المرابطين
في شهر يوليو 2015 ظهر بالأمس تسجيل صوتي منسوب إلى ضابط صاعقة المصري السابق “هشام علي عشماوي مسعد إبراهيم” لقب نفسه في المقطع المسجل بأبي عمر المهاجر، وأعلن عن إنشاء جماعة المرابطين في مصر وأعلن ولاءه للقاعدة وزعيمها أيمن الظواهري.
نيجيريا
جماعة أهل السنة للتوحيد والجهاد “بوكو حرام”
تأسست عام 2002، تنشط منذ سنوات في ولاية “بورنو” شمال شرقي نيجيريا، توسعت لتدرك هجماتها منطقة أقصى الشمال الكاميرونية المحاذية لمعقلها، وبلدان حوض بحيرة تشاد عمومًا في تشاد وفي منطقة ديفا، جنوب شرقي النيجر، حيث تشن هجماتها بشكل شبه منتظم، وترتكر عملياتها بالأساس على التفجيرات الانتحارية أو الهجمات، بلغ مداها، في الصيف الماضي، العاصمة التشادية نجامينا.
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت المجموعة النيجيرية مبايعتها لـ “الدولة الإسلامية”، وأطلقت على نفسها (ولاية غرب إفريقيا) غير أنها تواجه، حاليًا، تحالفًا إفريقيًا تشكل، مؤخرًا، من قوات من كل من النيجر ونيجيريا وتشاد والكاميرون، بغرض محاربتها.
الصومال
حركة الشباب المجاهدين
جماعة صومالية مسلحة، تشكلت في 2006 في أعقاب الغزو الأثيوبي على الصومال، وتتبع فكريا لتنظيم “القاعدة”.
نفذت المجموعة المسلحة أعمالاً هجومية خصوصًا في كينيا، وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أعلن عبد القادر منعم، أحد قادة الحركة التي تضم، بحسب تقارير أمنية “المئات من الصوماليين”، ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية.
مالي
“المرابطون” في منطقة الساحل الإفريقي
في شهر مايو 2014 أعلن أحد قادة جماعة “المرابطون” المدعو عدنان أبو الوليد الصحراوي مبايعة تنظيم “الدولة”، غير أن نفي أمير الجماعة مختار بلمختار لهذه المبايعة، أبرز بوضوح أن المبايعة لا تتعلق إلا بشق من هذه الجماعة المسلحة الناشطة في مالي، والتي تأسست في 2013، إثر دمج “حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا”، وجماعة “الموقعون بالدم” لمختار بلمختار.
حركة أنصار الدين
“أنصار الدين”، جماعة إسلامية مسلحة، ذات توجه سلفي، تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية على كامل التراب المالي، لكن لا تطالب باستقلال شمال البلاد على عكس حركة “تحرير أزواد” العلمانية التي تسعى إلى انفصال الشمال لإقامة دولة أزواد.
مؤسس أنصار الدين هو الزعيم التقليدي ”إياد آغ غالي”، وهو من أبناء أسر القيادات القبلية التاريخية لقبائل ”الإيفوغاس”، عسكري سابق، وشخصية بارزة، وزعيم تاريخي في تمرد قبائل الطوارق خلال التسعينات من القرن الماضي، ينحدر من أسرة أزوادية عريقة في (كيدال) بأقصى الشمال الشرقي لمالي.
خلاصة
بعد كل هذا يمكننا القول إن خارطة توزع الجماعات الجهادية في القارة الإفريقية تبين لنا تقاسم المنطقة بين تنظيم الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة مع غلبة وأسبقية لتنظيم الدولة في كل من مصر ونيجيريا وليبيا.
تعتبر ولاية سيناء وولاية غرب إفريقيا “بوكو حرام” والفرع الليبي لتنظيم الدولة في ليبيا القوى الضاربة للدولة الإسلامية في إفرقيا وذلك لما تتمتع به هذه الفروع الثلاثة من إمكانيات مادية وبشرية وخاصة في ليبيا.
تمكنت المغرب وموريتانيا من النأي بأنفسهما عن الهجمات الإرهابية التي استهدفت أكثر من دولة في السنوات الأخيرة على غرار تونس والجزائر ومالي والصومال وأسباب ذلك عديدة.
ظلت الجماعات الجهادية في مالي في عزلة بعد إقرار التدخل الفرنسي الذي مكن الدولة المالية من إعادة بسط نفوذها على كامل التراب المالي.
جبهة الصومال هي من أكثر الجبهات اشتعالاً في السنوات الأخيرة وذلك لامتداد العمليات التي تقوم بها حركة الشباب المجاهدين إلى قلب الصومال بالإضافة إلى مدن متفرقة من كينيا.
على صعيد متصل، ظلت القاعدة في إفريقيا متماسكة نسبيًا وذلك عن طريق تنفيذها لبعض العمليات “النوعية” على غرار الهجوم على فندق راديسون في العاصمة المالية باماكو في شهر نوفمبر الماضي بالإضافة إلى الهجوم على المنتجع السياحي في الكوت ديفوار في 13 من مارس الجاري.