ما ستقرأونه الآن حدث يوم الخميس 24 مارس في مصر، ما ستقرأونه الآن سيكتبه التاريخ يومًا.
يوم الخميس الساعة الثامنة والنصف مساءً
أهالي شمال سيناء بمنطقة رفح يرصدون اختراق 4 طائرات بدون طيار قادمة من إسرائيل للأجواء المصرية لتحلق فوق منطقتي جنوب رفح وجنوب الشيخ زويد.
الساعة العاشرة مساءً
القبائل التي تسكن المنطقة الحدودية بشمال سيناء يرصدون دخول طائرات حربية F16 لأجواء سيناء قادمة من ناحية فلسطين لتقوم بقصف مناطق جنوب الشيخ زويد ثم تقوم بالدوران من داخل رفح الفلسطينية ومن ثم العودة مرة أخرى.
الساعة العاشرة والنصف مساءً
صفحة سيناء24 الإخبارية تعلن عن قصف عنيف وعشوائي بالمدفعية والطيران الحربي لم يسبق له مثيل على المناطق الحدودية جنوب رفح وجنوب الشيخ زويد.
الساعة العاشرة وخمس وأربعون دقيقة مساءً
نشطاء يقررون تفعيل هاشتاج #سيناء_تحت_القصف لحصر جميع الأخبار تحته ولفضح ما يجري في سيناء وسط صمت إعلامي.
الساعة الحادية عشر مساءً
نشطاء ميدانيون يرصدون دخول طائرات الأباتشي المصرية لسماء المنطقة واتجاها لمناطق جنوب رفح والشيخ زويد.
لتبدأ الاستغاثات تتوالى من بعض أهالي سيناء وسط خوفهم ورعبهم على الأطفال الذين يبكون رعبًا وخوفًا من أزيز الطائرات وقصف الصواريخ والمدفعية التي بدأت في القصف هي الأخرى، ليقرر مجموعة من الأهالي من مناطق القصاقصة وبلعا برفح بأن يخاطروا بأسرهم فيخرجون من منازلهم مسرعين بأطفالهم ونسائهم ناحية الحدود خشية القصف العنيف للمدفعيه والطيران الحربي ويجلسون على مقربة كيلو من الحدود المصرية.
بعد منتصف الليل يُحصي أهالي رفح أكثر من 40 غارة جوية على قرى ومناطق “التومة، اللفيتات، الظهير، أبو العراج، السدرة، البرث، المهدية، المقاطعة، الحسينات، بلعا، دوار رفيعة”، وسط منع سيارات الإسعاف من التحرك لنجدة أي مصابين محتملين.
ووسط هدوء مشوب بالرعب تعود طائرات الـ F16 مرة أخرى لأجواء المنطقة ليتمكن الأهالي من التقاط صور لإحدى الطائرات.
ثم تقوم صفحة سيناء 24 بنشر فيديو من الميدان يسمع فيه بوضوح صوت الطائرات دون طيار “الزنانة” التي تحوم في سماء المنطقة كما يظهر في الرابط التالي:
مع حلول نسمات الفجر كانت عدد غارات الطائرات الحربية قد اقترب من 50 غارة جوية من طائرات استخدمت السماء المصرية والفلسطينية المحتلة في شن غاراتها، وسط تساؤلات هل هذه الطائرات مصرية أم إسرائيلية؟
فإن كانت إسرائيلية فكيف سمح لها جيش خير أجناد الأرض بالعبور؟ وإن كانت الطائرات مصرية فكيف يتعاون جيش خير أجناد الأرض مع العدو الإسرائيلي؟
ومع ساعات الصباح يكتشف الأهالي جثة أحد الشباب المصاب بمرض عقلي ويبلغ من العمر 33 سنة ومقيم بمنطقة الماسورة بجنوب رفح داخل إحدى مزارع الخوخ بالمنطقة وجسده معبأ بالطلقات النارية العشوائية التي أطلقت عليه من قوات الجيش المصري.
ساعات لتقوم الصفحة الرسمية للمتحدث العسكري للجيش المصري بإنزال بيان عسكري نصه:
قامت يوم الجمعة 25 مارس 2016 عناصر قوات مكافحة الإرهاب تعاونها القوات الجوية بملاحقة العناصر التكفيرية وتوجيه ضربات مؤثرة للبؤر الإرهابية جنوب مدينتى رفح/ الشيخ زويد وقد تمكنت القوات من تحقيق الآتي:
1- القضاء على عدد (60) فردًا إرهابيًا وإصابة عدد (40) آخرين.
2- تدمير عدد (27 سيارة دفع رباعى ونصف نقل – 2 دراجة بخارية بدون لوحات معدنية – 2 لودر – 1 حفار)، كما تم تدمير عدد (32) ملجأ/ مخزن للسلاح والذخيرة يستخدمها الإرهابيون في تنفيذ أعمالهم.
وتأتى هذه العملية فى إطار استكمال عملية حق الشهيد والقصاص لشهدائنا من القوات المسلحة والشرطة المدنية والمواطنين الأبرياء وسوف تواصل القوات عملياتها للقضاء الكامل على كافة العناصر الإرهابية.
ثم يتبع ذلك بنشر فيديو عن عمليات القصف كما يظهر في الرابط التالي:
هنا عقدت المفاجأة ألسنة بعض المتابعين، لقد اعترف الجيش المصري بأنه من قام بتلك الغارات، إذن فلقد سمحت إسرائيل للطيران الحربي المصري باختراق أجواء رفح الفلسطينية من أجل ضرب جنوب رفح وجنوب الشيخ زويد كما رصد وتحدث عنه أهالى المناطق الحدودية المصرية الفلسطينية.
جيش مصر الذي يتباهى أفراده وقيادته أنهم خير أجناد مصر صاروا الآن شركاءً استراتيجيين تتعاون معهم إسرائيل في حربها على الإرهاب، ولكن السؤال إرهاب من؟
ولماذا لم نر تلك الضربات الانتقامية للجيش المصري ضد القوات الإسرائيلية التي قتلت في السنوات الماضية الكثير من أبناء الجيش المصري؟
لم تمهلنا الأحداث الإجابة على تلك الأسئلة فلقد صدمنا بتعليق من الصفحة الرسمية للمتحدث باسم المتحدث العسكري للجيش المصري على أحد التعليقات يقول فيها أحد المعلقين واسمه أحمد مغازي: “هجروا سيناء ودكو الكلاب”، فيقوم المتحدث العسكري بالرد عليه قائلًا: “وافر الشكر والتقدير والاحترام لوطنيتك ونبلك”، لتنتشر صورة التعليق فتقوم صفحة المتحدث العسكري بحذفها ولكنني استطعت الحصول من موقع سيناء 24 على صورة للتعليق كما يظهر هنا:
ولكن رغم حذف الصورة يبدو أن المتحدث العسكري للجيش المصري أخذ بنصيحة صاحب التعليق، فلقد قامت قوات الأمن المصرية بأمر أهالي بعض سكان منازل حي الصفا جنوب مدينة العريش بإخلائها فورًا في خطوة تهجير جديدة تطال هذه المرة مدينة العريش، ليبدأ أهلنا بالعريش بالإخلاء الفوري لمنازلهم تنفيذًا لرغبة جيش مصر العظيم كما يظهر في تلك الصورة الميدانية:
خطوة للتهجير نفذت بينما كانت وزارة الأوقاف توزع على خطباء الجمعة في شمال سيناء ورقة تأمرهم فيها بالحديث في الخطبة عن فضائل الصحابة رضوان الله عليهم، صحابة لو كانوا بيننا هذه الأيام لكان لهم رأي تهتز له السنان.
وبينما كانت تلك المآسي تحدث نشرت صفحات وحسابات موالية للنظام العسكري المصري صورة تظهر جثة لأحد الأشخاص جسده به حروق نتيجة القصف بينما يعتليه جندي من الجيش المصري يرفع علامة النصر:
تلك العلامة التي ترفع فقط فوق جثث أهل مصر، لم نرها ترفع سابقًا فوق جثث من قام سابقًا بقتل ضباط وجنود الجيش المصري على الحدود من جيش الاحتلال الإسرائيلي في السنوات القليلة الماضية.
قد يستغرب البعض ويتساءل وهل قتلت القوات الإسرائيلية من ضباط وجنود الجيش المصري أحدًا في السنوات القليلة الماضية؟
نعم، قد قتلت إسرائيل ضباطًا وجنودًا، ولم نر الخطاب الإعلامي الثأري الموجهه للثأر لهم مثلما يحدث الآن ضد أبناء مصر بسيناء، ولمن لا يصدق فتلك قائمة بأسماء جنود وضباط في الجيش المصري قامت القوات الإسرائيلية بقتلهم ولم نر طائرات الـ F16 أو الأباتشي تقلع للأخذ بثأرهم
– يونيو 2001: قتلت القوات الإسرائيلية مجند يدعى السيد الغريب محمد أحمد على الحدود.
– نوفمبر 2004: دبابة إسرائيلية تقتل ثلاثة جنود مصريين على الجانب المصري من الحدود وهم: علي صبحى النجار 21 سنة، ومحمد عبدالفتاح 22 سنة، وعامر أبو بكر عامر 22 سنة.
– ديسمبر2007: قتلت القوات الإسرائيلية المجند محمد عبد المحسن الجنيدي.
– يوليو 2008: قتلت القوات الإسرائيلية الضابط محمد القرشي.
– أغسطس 2011: دخلت مروحية إسرائيلية إلى داخل الحدود المصرية وقتلت 6 جنود مصريين.
والسؤال هنا هل كانت اتفاقية كامب ديفيد هي بداية تحول عقيدة الجيش المصري القتالية؟ وما العوامل التي أدت لتحول الجيش الإسرائيلي من عدو لصديق بالنسبة للجيش المصري وقياداته الحالية؟ وما الثمن الذي دفعته القيادة العسكرية المصرية من كرامتها ووطنيتها وأمن مصر لصالح إسرائيل؟
أسئلة كثيرة بدأت بانتهاء يوم الجمعة 25 مارس 2016، يوم قد انتهى ومازلنا نعجز عن معرفة ما حدث في مناطق جنوب رفح وجنوب الشيخ زويد، ولا نملك لهم سوى الدعاء والنشر عما يحدث تحت هاشتاج #سيناء_تحت_القصف ومتابعة صفحة سيناء 24 على الـ Facebook وTwitter لأنها هي من تنيير عتمة الظلم في سيناء.
ورغم أن للحقيقة ثمن، فإننا نرى أن هذا الثمن واجب الدفع لبداية عهد أمة اشتاقت لمجدها .. ولن نصمت