بعد يوم حافل من التسريبات التي صدرت عن موقع “ميدل إيست أي” خلال لقاء خاص جمع الملك الأردني عبد الله الثاني مع عدد من المسؤولين في واشنطن في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي، ضم هذا اللقاء أعضاء من الكونغرس الأمريكي من بينهم السيناتور جون ماكين قال فيه الملك عبد الله معلومات ضد تركيا والرئيس التركي، فكيف تلقت أنقرة وعمان هذه التسريبات وكيف انعكست على العلاقة بينهما؟
1– هل تعكر صفو العلاقة بين الأردن وتركيا؟
وفق معلومات حصلت عليها صحيفة الميدل إيست آي فإن الملك عبد الثاني اتهم تركيا بتصدير الإرهابيين إلى أوروبا، حيث قال فيها “حقيقة أن الإرهابيين يذهبون إلى أوروبا هي جزء من السياسة التركية وعلى الرغم من تقريع تركيا جراء تلك السياسة إلا أنه لم تجر محاسبتها على ذلك”.
واتهم تركيا أيضًا أن الدولة الإسلامية “داعش” تصدر النفط إليها، وأن “التشدد يجري تصنيعه في تركيا”، وقال عن أردوغان بأنه يؤمن بالحل الإسلامي الراديكالي في المنطقة، بالإضافة لتسريبات أخرى حوى عليها التقرير حول اللاجئين السوريين والدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وبعد التسريبات بيومين ذهب داوود أوغلو إلى عمان وتم توقيع عدة اتفاقيات وتشاور الطرفان بشأن التسريبات الأخيرة وصرّح الأردن بأن تلك التسريبات تفتقر لأدنى معايير المهنية.
أما الحكومة الأردنية فقد ردت على لسان الناطق باسم الحكومة حول هذه التسريبات أنها “تفتقر إلى أدنى درجات المهنية” ورحب بزيارة رئيس الحكومة داوود أوغلو الذي توجه إلى عمان البارحة الأحد بعد يوم واحد من التسريبات، حيث قال المومني بأن العلاقات بين البلدين تستند إلى “علاقات تاريخية وقواسم مشتركة بين البلدين”، وقال أوغلو بعد لقائه بنظيره النّسور “إن تحقيق الاستقرار في سوريا بات ذا أهمية كبيرة لكل الأطراف”، وطالب بضرورة التعاون المشترك لإنهاء الصراع فيها.
2- ما هي الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين أثناء زيارة أوغلو؟
على الرغم من أن الميزان التجاري بين البلدين لصالح تركيا، ولكن الأردن ضاعف 6 مرات من صادراته إلى تركيا خلال الفترة الماضية، وفي هذه الزيارة فقد تم توقيع اتفاقية إطار لتنظيم العلاقات في مجال المنح والمساعدات؛ حيث سيتم تحديد الإطار العام الذي ينظم العلاقات بين الحكومتين خصوصًا في مجال المنح والمساعدات التي ستقدمها مستقبلاً الحكومة التركية للأردن، حيث تشمل الاتفاقية الشروط العامة والالتزامات المطلوبة من قِبل كل جانب والتي سيتم تطبيقها في التعاون التنموي المستقبلي بين البلدين.
ويشمل التعاون تنفيذ مشاريع برامج ومشاريع تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مع التركيز على قطاعات منها تبادل المعرفة والتنمية وتقوية الإدارة الوطنية والمحلية والبيئة والمصادر المتجددة والثقافة والتعاون العلمي والزراعة والتنمية الريفية ودعم تطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والصحة والنقل والمياه والصرف الصحي والتبادل العلمي والثقافي.
واتفاقيات أخرى في مجال التعاون في الملاحة الجوية والأرصاد الجوية، كما وُقعت اتفاقيات أخرى في مجال حماية الغابات وتشجيع الاستثمارات المتبادلة، ومشروع ترميم الخط الحديدي الحجازي.
حضر داوود أوغلو على هامش الزيارة مساء الأحد منتدى الأعمال الأردني التركي الذي يرعاه مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية التركية في عمان، وأكد فيه دعم أنقرة لعمان من أجل حماية استقرارها السياسي وتحقيق تنميتها اقتصاديًا، وشدد على تسهيل الطريق أمام المستثمرين الأتراك والأردنيين في كلا البلدين ورفع الحواجز التجارية بينهما؛ ففي عام 2009 ارتفع حجم التبادل التجاري إلى مليار دولار جراء توقيع اتفاقية التجارة الحرة بعدما كان بحدود 500 مليون دولار، قال “نهدف لرفع التبادل التجاري بين البلدين إلى 5 مليارات دولار”، وأبدى أوغلو رغبته في بدء رحلات الملاحة التجارية “الرورو” بين مينائي العقبة الأردني واسكندرون التركي في إطار تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين أكثر في عام 2017.
3- ما هو القاسم المشترك الذي تتقاسمه تركيا والأردن في الخمس سنوات الماضية؟
تشترك كل من الأردن وتركيا بحدود طويلة مع سوريا تسيطر المعارضة المسلحة على المعابر الحدودية معهما، تواجه تركيا على حدودها تهديد القوات الكردية التي أعلنت الفيدرالية على الأراضي التي تسيطر عليها وتحاول التوسع لضم مدينة حلب ويصبح الشريط الحدودي مع تركيا بيد الأكرد وهذا ما ترفضه تركيا.
في حين الأردن يخشى من سيطرة قوات متطرفة من الدولة الإسلامية أو من يؤيدها من فصائل المعارضة المسلحة مثل حركة المثنى ولواء شهداء اليرموك، كما تشترك البلدان باستضافة اللاجئين السوريين على أراضيها حيث تستقبل تركيا قرابة 2.7 مليون لاجئ في داخل المخيمات وخارجها بينما يستقبل الأردن قرابة المليون لاجئ في عدة مخيمات أهمها الزعتري والأزرق ويعيش عدد كبير منهم خارج المخيمات.
يظهر الخلاف بين أنقرة وعمان بشكل واضح بعد ثورات الربيع العربي حيث انحازت أنقرة لدعم الإخوان المسلمين في المنطقة بينما لم يناسب عمان هذا الدور الذي تلعبه تركيا فتباعدت وجهات النظر بينهما.
4- كيف تنظر كل من تركيا والأدرن إلى الجارة سوريا؟
تختلف كلا البلدين في النظر إلى الأزمة السورية؛ حيث قطعت تركيا العلاقات الدبلوماسية مع دمشق منذ العام 2012 وتم سحب سفراء البلدين، وهي ترى ضرورة وقف حمام الدم في سوريا ودعت ولاتزال تدعو لإسقاط النظام السوري برموزه لأنه السبب الأول والأخير في هذه الأزمة، في حين أن الأردن لايزال يحتفظ بالتمثيل الدبلوماسي بين البلدين والسفارة السورية في عمان لاتزال تعمل، ويدعو الأردن إلى حل الأزمة السورية بشكل سلمي يتخللها مرحلة انتقالية يشترك فيه كل الأطراف.
5- كيف تتسم العلاقات العسكرية بين تركيا والأردن؟
العام 2014 شهد 43 نشاطًا مشتركًا إضافة إلى أن حوالي 400 ضابط أردني تلقو تدريبهم العسكري في تركيا، كما تشترك كل من الأردن وتركيا بتحالفات عسكرية عربية مثل التحالف الإسلامي العسكري بقيادة الرياض الذي أعلنت عنه نهاية العام الماضي، كما أن كلاهما يعملان تحت مظلة التحالف الدولي بقيادة واشنطن لضرب داعش في العراق وسوريا.