جهود كبيرة تبذل لفتح ملف أسرى الاحتلال لدى المقاومة الفلسطينية، أدت لتحرك بعض الأطراف الدولية بطلب إسرائيلي يهدف لجس نبض المقاومة حول ملف الأسرى والإمساك بطرف خيط من خلال تنشيطه، وفتحه على طاولة المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة والاحتلال.
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قال في تصريحات له مؤخرًا، إن هناك جهود مضنية تجري بشأن الجنود المفقودين بقطاع غزة منذ العدوان الأخير في صيف 2014، وأشار إلى متابعته شخصيًا مسألة الجنود الذين أسرتهم المقاومة، وأنه يجري لقاءات بهذا الشان كل عدة أيام، حيث تم إطلاعه قبل يومين على تطور مهم في هذا الملف.
ولفت نتنياهو إلى أنه يستحيل تحقيق أي تقدم في هذه القضايا إلا بعيدًا عن الأضواء، وأن هذه القضية ليست الوحيدة الجاري دفعها قدمًا بهذه الطريقة، عبر ما أسماها القنوات السرية.
بدورها، نفت حركة حماس وجود مفاوضات عملية بشأن تبادل أسرى مع الاحتلال، غير أنها أكدت وجود وساطات تقوم بها جهات خارجية من أجل فحص إمكانية إتمام صفقة تبادل مع الاحتلال.
حركة حماس وضعت شرطين أولين لجميع الوسطاء قبل إطلاق أي مفاوضات: الأول، أن تقوم إسرائيل بإطلاق سراح أسرى صفقة وفاء الأحرار السابقة، والتي تمت في العام 2011، والثاني، أن تكون مفاوضات الأسرى منفصلة عن أي ملف آخر.
وقال نتنياهو خلال جلسة حكومته الأسبوعية: “إن إسرائيل تنتظر من الأسرة الدولية أن تحث حماس على إعادة الجنود”، مؤكدًا أن حكومته تعمل كل ما بوسعها لإعادتهم”.
سلطات الاحتلال تنصلت من اتفاق صفقة وفاء الأحرار مع المقاومة “صفقة شاليط” ، حيث أعادت اعتقال بعض الأسرى المحررين، وسحبت بعض الإنجازات والخدمات من الأسرى داخل السجون وعملت على التضييق عليهم مرة أخرى، وهذا ما لا تريده المقاومة في الصفقة القادمة، وتريد إخضاع الاحتلال لشروطها السابقة وأخذ ضمانات دولية على ذلك قبل البدء بأي مفاوضات جديدة.
الفشل الاستخباري للاحتلال في الوصول لمعلومات حول مكان ومصير الجنود الأسرى في قطاع غزة، دفعه للتوجه للعمل التفاوضي الدبلوماسي في ظل زيادة الضغوطات من عائلات الأسرى لمعرفة مصير أبنائهم، ولم تصل هذه المساعي لنتيجة عملية وحقيقية في هذا الملف.
الاحتلال في مفاوضات وقف النار في القاهرة نهاية عام 2014، عرض على المقاومة الإفراج عن 25 فلسطينيًا اعتقلهم خلال الحرب، إضافة إلى 18 جثة لفلسطينيين، مقابل تسليم جثتي الجنديين في غزة، تم رفض العرض بشكل قاطع من قِبل المقاومة، وطلبت فصل المفاوضات، ولم يوافق الاحتلال على طلب المقاومة آنذاك.
نتنياهو تحدث مرة سابقة حول جنوده في غزة، حيث طلب قبل شهرين تدخلاً مباشرًا من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، لإعادة جثث جنوده في قطاع غزة، وهما شاؤول أورون، وهدارغولدن.
وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس أعلنت مساء 20 يوليو 2014 أسرها جنديًا إسرائيليًا يدعى شاؤول أرون خلال عملية شرق حي الشجاعية شرق مدينة غزة إبان العدوان البري؛ لكن جيش الاحتلال أعلن عن مقتله.
وفي الأول من أغسطس من العام الماضي، أعلن جيش الاحتلال فقد الاتصال بضابط يدعى هدار جولدن في رفح جنوب قطاع غزة، وأعلنت كتائب القسام حينها أنها فقدت الاتصال بمجموعتها المقاتلة التي كانت في المكان، ورجحت استشهادها ومقتل الضابط الإسرائيلي.
وفي يوليو 2015 سمحت الرقابة الإسرائيلية بنشر نبأ اختفاء الإسرائيلي أبراهام منغستو من ذوي الأصول الإثيوبية بقطاع غزة قبل 10 أشهر “سبتمبر 2014” بعد تسلله من السياج الأمني شمال القطاع، إلا أن حركة حماس، لم تصرح بأي معلومة حول أسر منجستو.
ودعت عائلة الجندي منجستو، الشارع الإسرائيلي للتحرك بهدف الضغط على حكومة الاحتلال للإفراج عن ابنهم، حيث تستعد العائلة للسفر إلى الأمم المتحدة للمطالبة بالضغط على حركة “حماس”، لإطلاق سراح “ابنهم لدواع إنسانية”.
وطالبت عائلة الجندي الصهيوني شاؤول أورون قبل أشهر، حكومة الاحتلال باستعادة الجندي الأسير لدى كتائب القسام في قطاع غزة، ودعت حماس إلى إثبات أنه على قيد الحياة من أجل أن تضغط لإبرام صفقة تبادل في مقابله، على حد تعبيرها، وهي تسعى دائما لتحريك المفاوضات للإفراج عن ابنها.
المؤشرات تتكلم عن دور تركي في ملف الأسرى خلال المفاوضات الجارية مع الاحتلال وتركيا، للوصول إلى حل لجميع القضايا المطروحة بينهم، من ضمنها حصارغزة وملف الجنود الأسرى، والعلاقات التركية الإسرائيلية، كذلك إلى وجود أدوار دول أخرى مثل ألمانيا ومصر وقطر.
تصريحات نتنياهو لم تأت عفوية، وهناك تحركات ووساطات في ملف أسرى جنود الاحتلال وإن لم يعلن عنها إعلاميًا، خصوصًا بعد ضغط الرأي العام الإسرائيلي على حكومة الاحتلال للإفراج عنهم وعقد صفة تبادل أسرى مع المقاومة، ويبدو أن مفاوضات صفقة تبادل أسرى جديدة بين المقاومة والاحتلال بوجود طرف ثالث، قد تبدأ قريبًا ويعانق الأسرى الفلسطينيون الحرية.