يواجه أهالي الفلوجة الموت البطيء كل يوم لنقص الغذاء والدواء وتعرض أغلب المنشآت للقصف العشوائي من قبل القوات العراقية والمليشيات الشيعية الموالية لإيران ولا ننسى غارات التحالف الدولي التي تبيد الحجر والشجر، فضلًا عن منع تنظيم الدولة لخروج المدنيين، وحتى من يستطيع الخروج من المدينة تقوم المليشيات الطائفية باعتقاله وتنقله إلى جهة مجهولة، حيث يتم تصفيتهم كما أكد ناشطون وشهود عيان.
ومع استمرار الخناق والحصار، أطلق الناشطون هاشتاج تحت اسم «الفلوجة تقتل جوعاً» وهدفها إيصال معاناة عشرات الآلاف من أهالي الفلوجة إلى الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان حول العالم مع اشتداد الحصار والقصف وتعرض المستشفى الرئيسي في المدينة إلى الدمار جراء قصفه المتكرر من قبل القوات العراقية والميليشيات المدعومه من إيران.
ولكن أمريكا لها ثأر قديم مع الفلوجة “مدينة”، فهي من مرغت أنف المشروع الأمريكي في العراق بالتراب وأفشلته، وكانت رأس الحربة في هزيمة أمريكا المذلة في العراق، وقد رأت أمريكا أن تنتقم لشرفها العسكري المهان ولكن عن طريق دعم الحكومة الطائفية ومليشياتها الإرهابية في العراق !!.
إبادة جماعية
أكد الشيخ وضاح مالك الصديد الشمري الأمين العام لـ “ائتلاف القوى السنية العراقية”، أن مساجد الفلوجة تناشد الأهالي عبر مكبرات الصوت التوجه للمستشفى للتبرع بكل صنوف الدم بعد القصف العنيف من قبل الجيش الحكومي الذي يطال المدينة ولايكاد يتوقف، وتابع “حصار المدنيين العُزّل وقتلهم جوعاً ومرضاً في الفلوجة بحجة محاربة الإرهاب هو الإرهاب بعينه”، وأردف: نناشد ملك عاصفة الحزم أن ينقذ أهل السنة من التطهير العرقي، وأن لايعول على سياسي السنة في العراق”.
فيما قال طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، “المدنيين المحاصرين في الفلوجة يتعرضون لجريمة القتل العمد، سواء بالقصف أو بالجوع أو بالمرض، ومات كثير من الأطفال والنساء بسبب ذلك»، من جهته، أفاد قائم مقام قضاء الفلوجة، سعدون عبيد الشعلان، بأن “الفلوجة محاصرة بسورين، خارجي يتمثل بقوات الجيش العراقي، وسور داخلي مفروض من قبل مقاتلي داعش”.
في حين، أكد السياسي العراقي البارز الدكتور رافع العيساوي، أن “مدينة الفلوجة الصابرة مدينة العلماء ومدينة الرجال الكرام تقتل اليوم على يد مليشيات اجرامية تعاقب المدنيين حتى الموت بجريرة داعش والكل يعلم إن السنة هم المتضرر الاول من داعش، كل ذلك وسط صمت حكومي وتخاذل عن إنقاذ المدنيين في الفلوجة وفك حصارها وهذا دليل اخر على سلوك طائفي للحكومة الطائفية التي هي امتداد للحكومة السابقة التي ضربت الحويجة والفلوجة والموصل وديالى بالدبابات يوم خرجت في اعتصاماتها ضد سياسات الحكومة الاجرامية”.
وتابع القيادي السني “المجتمع الدولي وقوات التحالف التي القت مواد الاغاثة على سنجار مطالبة اليوم بنفس العمل في الفلوجة وعدم الكيل بمكيالين، اما ممثلوا السنة الذين نسوا أُم المساجد وبنگ الرجال فهولاء لايستحقون ان يمر اسم الفلوجة على شفاههم الصامته بل المخرسة عن قول الحق”
ردود الأفعال العربية
كما طالب الجروان جميع الجهات المعنية والهيئات الإغاثية بالعمل على فتح ممرات آمنة لإيصال المواد الغذائية والطبية وإنقاذ حياة آلاف العوائل المحاصرة في ظل توقف معظم الخدمات الحيوية بالمدينة.
في حين شارك وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة في وسم #الفلوجة_تستغيث قائلا: “ليس عربيا من يرى اخاه يموت جوعا و هو صامت كالصنم ، إن لم يكن شريك في تجويعه، و حصار مدينة و قتلهم جوعا بجريرة كم ارهابي مختبئ بينهم هي ايضا جريمة لا تغتفر “..
من جهته، وافق مجلس النواب البحريني، على إصدار بيان استنكار لـ”حصار الفلوجة”، وأكّد النائب جمال بوحسن أن ما يحصل من حصار أليم يخالف الفطرة الإنسانية، ويجب أن يكون للنواب موقف واضح مناصر للأبرياء.
وكان مركز جنيف الدولي للعدالة اعتبر، أن صمت الأمم المتحدة عن الحصار الشامل الذي تفرضه السلطات العراقية على مدينة الفلوجة منذ أشهر يجعلها مشاركة بشكل مباشر في ما يحصل من موت جماعي لسكانها وجريمة “الإبادة الجماعية” التي تحصل فيها.
المرجعيات الإسلامية العراقية
وقد أعلنت هيئة علماء المسلمين في العراق، ان مدينة الفلوجة تتعرض لجريمة حرب بكل ما لهذه الكلمة من معان وأبعاد؛ حيث تنتهج حكومة بغداد نهجا إجراميا باستخدام التجويع وسيلة من وسائل الحرب الظالمة على أبناء المدينة الذين حالت ظروف قاهرة بينهم وبين الخروج منها”.
واكدت الهيئة في بيان صدر عنها، ان القصف الحكومي وقصف التحالف الدولي المتواصل على المدينة أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين، كما خلّف جيشا من المعاقين والأرامل والأيتام .. مشيرا الى ان المدنيين المحاصرين في المدينة الذين يعانون منذ شهور من سياسة التجويع والحصار القاتلة أصبحوا بين مطرقة القصف المدمر وسندان فقدان الممرات والملاذات الآمنة.
في حين ناشد الشيخ حسين الدليمي “العالم الإسلامي” قائلا: “يا أمة المليار الفلوجة تموت جوعا لقد كانت يوما عروس عروبتكم وقلعة عزتكم هلا أرسلتم فتات موائدكم”.
فيما دعا المجمع الفقهي العراقي، أصحاب الضمائر والشرفاء في العالم إلى إنقاذ أهالي الفلوجة من الموت جوعاً.
وقال المجمع الفقهي العراقي في بيان له، إن كل الشرائع السماوية والقوانين الدولية ترفض معاقبة سكان الفلوجة بحجة محاربة “داعش”، وذلك في إشارة للحصار المفروض على المدينة من الجليش العراقي ومليشيا الحشد.
موقف العالم الإسلامي
كما استنكر الأزهر الشريف، الوضع المأساوي التي تعاني منه مدينة الفلوجة منذ عدة أشهر، والذي تسبب في مقتل المئات من أبنائها، وتشريد العديد من الأسر، ونقص في الطعام والدواء، في مشهد مؤسف لا يقره عرف ولا دين ولا ضمير إنساني.
وأكد الأزهر على أن إغاثة المسلمين المقهورين في مختلف أنحاء العالم واجب شرعي على جميع الدول الإسلامية، مطالبًا الهيئات الإغاثية بالعمل سريعا على إغاثة المحاصرين في هذه المدينة.
فيما ناشدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء السعودية، المجتمع العربي والإسلامي أن يسارع ويوحد جهوده لإغاثة آلاف المدنيين في مدينة الفلوجة العراقية الذين يواجهون الموت جوعاً في مأساة إنسانية، ولا يجوز التغافل عن مأساة أهالي الفلوجة، فالمسلم أخو المسلم في كل الظروف والأحوال.
أما “رابطة علماء المسلمين” فأكدت أن هذا الحصار الظالم وما ترتب عليه من تجويع وإزهاق للأنفس المعصومة؛ هو من أشد الظلم ومن السعي في الأرض بالفساد وإهلاك الحرث والنسل ﴿وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ [البقرة 205]
وقال الدكتور عصام بن صالح العويد، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد عبدالله بن سعود، إن خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجه بسرعة إغاثة أهالي الفلوجة المحاصرين.
وأضاف العويد في مداخلة على قناة «المجد»، أنه يتم التواصل مع السفارة العراقية بالمملكة، وكذلك بسفارة المملكة بالعراق، لتقديم المساعدات الطبية والغذائية وإدخالها إلى المناطق المحاصرة، في محاولة لتخفيف الألم عن العراقيين.
وتابع “نشعر بالألم والحرقة لما يتعرض له أهل العراق جميعا، والفلوجة بشكل خاص”.
حراك على مواقع التواصل
في سياق متصل، دعا ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفع الحصار في وسم #الفلوجة_تقتل_جوعا.
حيث دعا الشيخ سلمان العودة، ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز وزعماء الخليج كافة لإنقاذ أهل السنة في العراق .الداعية العراقي طه حامد الدليمي: “يقول أحد أقاربي المحاصرين في الفلوجة متهكما: لقد تعودنا أكل الطعام العفن حتى صار غيره يضر بأمعائنا..!، اللهم رحمتك بهم وبكل المظلومين. يا رب!”.
أما الدكتور يحيى الكبيسي فقال: الفلوجة محاصرة بالكامل وهناك قرار رسمي بعدم الاعتراف بما يجري فيها، وقال محمد الجميلي، مدير قناة “الرافدين” الفضائية: إن “مسؤولية تنظيم الدولة في منع المدنيين من مغادرة الفلوجة معروفة معلومة، ولكن من يحاصرها ويمنع الغذاء والدواء عنها هي الحكومة ومليشياتها”.
كما اتهم عدد من الناشطين المشاركين في الهاشتاج، المُجتمع الدولي والحكومات الغربية بالازدواجية في المواقف، حيث لم يجد المحاصرون في الفلوجة أي تعاطف رسمي معهم، على غرار اهتمام المجتمع الدولي بتفجيرات بروكسل.
ويتساءل أهالي الفلوجة وأطفالها وشبابها وشيوخها، في هذه اللحظات، إلى متى سنصبح بلا قيمة ؟، ولا يتم الاهتمام بنا كما فعل العالم الذي يتشدق بحقوق الإنسان في سنجار وكوباني وغيرها، ولماذا الكيل بمكيالين، أليس الجميع بشرا يستحقون الحياة أم أن الفلوجة التي غيرت مجرى التاريخ يتم حسابها على وقفتها أمام الاحتلال ومشاريعه في العراق.
ونتساءل نحن كذلك، ما معنى هدم المدن السنية في العراق بحجة محاربة داعش، واعتقال شبابها، ومنع النازحين من العودة إليها، إن ما يجري في العراق من تغيير ديمغرافي ممنهج بإشراف إيراني وتعاون دولي، إذا لم يقابل بحزم وحسم من الدول العربية فستكون النتائج وخيمة، وستدفع المنطقة الثمن.