دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر، الأطراف الليبية إلى القبول بحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، بعد وصول أعضاء من المجلس الرئاسي بقيادة السراج إلى طرابلس أمس.
وقال كوبلر في كلمة له في “منتدى الخبراء الليبيين للتعاون الإنمائي”، الذي تستضيفه العاصمة تونس، اليوم الخميس، “المهم اليوم هو دعم شرعية حكومة الوفاق الليبي والضغط من أجل القبول بها”، وأضاف “من الضروري إقناع جميع الأطراف الليبية المنقسمة بسيادة الشعب، ودفعها نحو دعم حكومة الوفاق الوطني؛ فالمسألة لا تتحمل الانتظار أكثر”.
وفي وقت سابق أمس الأربعاء، وصل عدد من أعضاء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية إلى طرابلس، وهي الحكومة التي يعارضها المؤتمر الوطني العام، في العاصمة، حتى إن المطارات غرب ليبيا، أوقفت الأحد الماضي استقبال وتسيير الرحلات الجوية، بحسب بيان المجلس الرئاسي الذي وصفها بـ “المتعمدة” من قِبل حكومة الإنقاذ، لمنع وصول طائرة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، القادمة من تونس إلى طرابلس، وهو الأمر الذي نفته حكومة الغويل لاحقًا.
ولفت المبعوث الأممي إلى أن منظمات دولية على غرار الاتحاد الأوروبي، تفكر في فرض عقوبات على من يرفض دعم حكومة الوفاق، مؤكدًا أنه “يدعم هذا التوجه”، كذلك عبّر عن دعمه لمطالب رفع الحظر الدولي على تصدير السلاح إلى ليبيا، وتوحيد جيشها، عوضًا عن وجود جيشين في هذا البلد، والإسراع بإعداد دستور للبلاد وإقراره.
وفي هذا الصدد قال “إن الجيش الليبي يحتاج لهذا الأمر في حربه على الإرهاب”، معتبرًا أنه بدون أمن لن يكون هناك أي استقرار اقتصادي في ليبيا، وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض حظرًا على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بنظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.
وفي شأن مرتبط، أكد كوبلر على ضرورة الإسراع في تشكيل جيش موحد في ليبيا، حيث قال “يجب أن ننظر في مسألة تشكيل جيش موحد لليبيا، ولا يجب أن يتأخر ذلك كثيرًا”، ومعربًا كوبلر عن “خيبة أمله” بسبب بطء مسار العملية السياسية في ليبيا مقابل توسع داعش بشكل كبير شرقًا وغربًا وجنوبًا”.
وفي مسألة أخرى، أكد المسؤول الأممي على ضرورة الإسراع بإعداد دستور للبلاد وإقراره، قائلًا “الدستور أيضًا يجب أن يكون جاهزًا في غضون سنة، ولا بد من مراجعته وإجراء استفتاء حوله بشكل سريع، ليتم فيما بعد التحول إلى بقية المسارات الانتقالية”.
ولدت حكومة الوفاق الوطني بموجب اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون في كانون أول/ ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة، واختار تشكيلتها المجلس الرئاسي الليبي، وهو مجلس منبثق عن الاتفاق ذاته ويضم تسعة أعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة، وفي 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، رفض مجلس النواب الليبي التشكيلة الحكومية التي تقدم بها فائز السراج، والمكونة من 32 وزيرًا، مطالبًا الأخير بتقديم تشكيلة أخرى لحكومة مصغرة خلال عشرة أيام، وقدم السراج بالفعل تشكيلة جديدة لا زالت تنتظر منحها الثقة، بالتزامن مع فشل مجلس النواب في عقد جلسة مكتملة بسبب خلافات بين النواب.
ولا يُعرف بعد، كيف ستباشر حكومة الوفاق أعمالها من دون الحصول على موافقة مجلس النواب المنعقد في طبرق، وهو شرط ضروري لعمل هذه الحكومة، وفقًا للخطة الأممية.
وتسعى حكومات غربية وعربية لأن تبدأ حكومة الوفاق عملها، وتقول إنها أفضل أمل لإنهاء الاضطراب في البلاد والتصدي لتهديد تنظيم داعش.
من جهتها دعت رابطة “علماء ليبيا”، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، إلى السعي للوصول إلى تشكيلة حكومية توافقية تستطيع أن تحظى بثقة مجلس النواب المنعقد في طبرق، في أقرب وقت، وقالت الرابطة اليوم الخميس في بيان لها: “جلبًا للمصالح الشرعية العامة ودفعًا للمفاسد الشاملة، ندعو المجلس الرئاسي لحكومة التوافق إلى تقوى الله تعالى والعمل على ما يرضيه، والسعي للوصول إلى تشكيلة حكومية توافقية تستطيع أن تحظى بثقة مجلس النواب في أقرب وقت”.
وطالبت الرابطة الدينية، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا بـ “الاهتمامِ بأحوال البلد ومن فيه وما يعانيه من مشاكل اجتماعية واقتصادية وفكرية”، الرابطة ذاتها، حثت المجلس الرئاسي أيضًا على الانتباه لما يعمله تنظيم داعش الإرهابي في البلاد وبذل الوقت والجهد لأجل ذلك والابتعادعن التيارات المؤدلجة والمصالح الخاصة والأجنداتِ المختلفة، كما دعت الرابطة، أعضاء المجلس الرئاسي، إلى سرعة الجلوس مع كافة أطياف المجتمع الليبي دون إقصاءٍ أو إبعادٍ أو أذيةٍ وذلك ليشارك الجميع في إنقاذ الوطن الذي يعاني ويقاسي الأمرين أهله ومواطنوه، كما دعت الليبيين إلى “المحافظة على المال العام والمباني الحكومية وحفظ الدّماء وحفظ ممتلكات الناس وأموالهم فإن من ضروريات شرعنا المحافظةَ على الدين والعرض والمال” بحسب البيان.
وفي الشأن الميداني اقتحم مسلحون في ساعة متأخرة من الليلة الماضية مقر قناة “النبأ” الفضائية، المحسوبة على حكومة طرابلس في العاصمة الليبية، وطردوا العاملين بها بعد إيقاف البث وإجبارهم على كتابة خبر عاجل بسيطرتهم على القناة بعد ساعات من بث القناة بيانًا متلفزًا لرئيس الحكومة خليفة الغويل دعا فيه رئيس حكومة الوفاق المدعومة من الأمم المتحدة فايز السراج إلى مغادرة المدينة بعدما دخلها فجأة عن طريق البحر، كما بثت القناة تصريحات لأعضاء برلمانيين في طرابلس استنكروا فيها دخول حكومة السراج إلى المدينة من دون موافقة سلطاتها.
ولم تتمكن حكومة الوفاق المؤلفة من 18 عضوًا من الحصول على تصويت بالموافقة من برلمان طبرق شرق ليبيا كما ينص الاتفاق الذي أبرم بوساطة الأمم المتحدة وقال المتحدث باسم رئيس البرلمان المتمركز في شرق البلاد إن وصول حكومة الوفاق “سابق لأوانه”.
من جانب آخر رحب الاتحاد الأوروبي ووزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بوصول السراج إلى طرابلس؛ حيث قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند “نحن جاهزون للرد بشكل إيجابي على طلبات حكومة الوفاق الوطني بتوفير الدعم والمساعدة في استعادة الاستقرار في ليبيا وإعادة بناء الاقتصاد ومحاربة داعش (تنظيم الدولة الإسلامية) والعصابات الإجرامية التي تهدد أمن الليبيين وتستغل المهاجرين غير الشرعيين”.
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فديريكا موغيريني إن “وصول المجلس الرئاسي إلى العاصمة الليبية يمثل فرصة وحيدة لليبيين من جميع الفصائل للاتحاد والمصالحة”، وتحدثت موغيريني عن مرحلة مهمة في الانتقال الديمقراطي للبلاد، واعتبرت أنه أمر أساسي بالنسبة للمؤسسات واللاعبين والأطراف المعنيين الليبيين بدء دعمهم والعمل مع المجلس وحكومة الوفاق الوطني.
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني أن وصول السراج إلى طرابلس يمثل “خطوة إلى الأمام لاستقرار ليبيا”، وقال “إنها خطوة جديدة إلى الأمام لاستقرار ليبيا، فبفضل تصميم رئيس الوزراء فايز السراج والمجلس الرئاسي بات ممكنًا تحقيق تقدم جديد من أجل الشعب الليبي”.
كما اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت أن وصول السراج “خبر سار وقرار شجاع بالنسبة لليبيا”.
من جهتها رحبت الولايات المتحدة أمس الأربعاء بوصول رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج إلى العاصمة طرابلس، مؤكدة دعمها لحكومته المعترف بها دوليًا والتي تواجه رفضًا من السلطات المحلية لتسليمها السلطة.
وبعيد وصول السراج من تونس إلى طرابلس بحرًا، اعرب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في بيان عن ترحيبه بهذه الخطوة، معتبرًا إياها تدشينًا لمرحلة جديدة من العمل الحاسم، وقال كيري: “بإمكان الحكومة الآن أن تبدأ عملها الحاسم في التصدي للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية والإنسانية التي تواجه ليبيا”.