يبحث حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يدين بالولاء للرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح عن دور أكبر في هذه الفترة في الأزمة اليمنية، حيث يطرح تعديلات على الوضع القائم من شأنها أن تلغي الإعلان الدستوري الذي مكن ما يُعرف بـ”اللجنة الثورية” التابعة لجماعة أنصار الله الحوثي من حكم البلاد حتى هذه اللحظة، بانقلاب قاده الحوثيون على الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي وحكومته.
الحوثيون يرون أن تطلعات علي عبدالله صالح بتعديل هذا الإعلان أو إلغائه مرفوضة شكلًا ومضمونًا، حيث يرون أن أي إجراء من شأنه تغيير شرعية لجنتهم من وجهة نظرهم سيمنح السعودية والتحالف العربي مشروعية أكثر في التدخل، بل ويقترحون إعلانًا دستوريًا مكملًا لإحكام السيطرة على المشهد، وإعطاء مزيدًا من الصلاحيات للجنة الحوثية.
محاولات صالح اليت أججت الخلاف بينه وبين حلفائه من الحوثيين تمثلت مؤخرًا في محاولة إعادة البرلمان اليمني المكون في أغلبيته من أعضاء حزبه والموالين له، ويبدو أن تحركات صالح تزداد مع اقتراب جولة المفاوضات القادمة بين السعودية والحوثيين، في شكل أشبه بالبحث عن دور.
السعودية تحاور الحوثيين الآن بعيدًا عن صالح بعد أن أدركت أن فك الارتباط بينهما أحد مفاتيح الحل في اليمن، وقد دب الخلاف بين الحليفين على إثر هذه المحادثات، وربما تكلفت الإمارات بترويض صالح.
مظاهر هذا الانقسام في التحالف الذي قاد الانقلاب في اليمن خرجت إلى السطح في المهرجان الذي أقامه علي عبدالله صالح وأنصاره في ذكرى مرور عام على عاصفة الحزم، حيث ابتعد هذا المهرجان عن الحوثيين تمامًا، وكان احتفاءً كاملًا بالمخلوع صالح.
كما رصدت على المستوى الداخلي تباينات بين الطرفين على المستوى الشكلي لعل أبرزها اختفاء الشعارات الحوثية من بعض التجمعات العسكرية التي يقودها أنصار صالح، مع الاكتفاء بشعارات حزب المؤتمر أو الاكتفاء بصور صالح.
الهزائم الميدانية أيضًا التي توالت على الأراضي اليمينة لصالح التحالف الذي تقوده السعودية ويدعم ما يُعرف باسم المقاومة الشعبية على الأرض، ربما كان لها أثرًا في هذا الخلاف الذي تتسع هوته يومًا بعد يوم، حيث يسعى صالح إلى تحريك المياه الراكدة في المشهد اليمني بعد أن طال الصراع لأكثر من عام بعدما توقع الحوثيون وصالح معًا أن ينتهي مبكرًا.
حتى الآن لم يعلن الطرفان أي تصدع في التحالف بينهما بشكل رسمي، رغم كافة التسريبات التي تُشير إلى ذلك، ورغم حدوث ذلك على المستوى القاعدي بشكل واضح، حيث اختلق الموالون للطرفان شجارات كثيرة في مناطق بالعاصمة اليمنية صنعاء متعلقة بشعارات الحوثيين وصور صالح.
وانتقلت هذه الخلافات إلى الغرف المغلقة بين الساسة الذين يرون كل منهما أحق من الآخر في قيادة المرحلة منفردًا بعيدًا عن الآخر، وقد بدأت عملية صياغة التحالفات والتنازلات بين صالح والحوثي خارجيًا على هذا الأساس، وهو وجود شرخ في العلاقة بين الطرفين.
هذا التجلي الحالي ربما سببه الرئيسي أن التحالف الذي فرض على الطرفين كان فرضًا للوقت حين بدأ الصراع مع السعودية، ومن ثم بدأت الخلافات في التفاصيل تظهر شيئًا فشئ ، فهذا التحالف أقرب إلى مصطلح “تحالف الأزمة” وليس التحالف الاستراتيجي.
بينما تقود السعودية الآن دورًا أكثر حنكة وأهم من التدخل العسكري في الوقت الراهن وهو محاولة استغلال هذا الخلاف بين الطرفين والمرور من خلاله إلى حل ينهي القضية اليمنية لصالحها، ففي الوقت الذي تستقبل فيه السعودية وفدًا العام الماضي لحزب المؤتمر الذي يتزعمه صالح، تقوم بفتح جبهة تفاوض أخرى مع الحوثيين وتستقبل وفدًا لهم هذا العام.
كل هذا سوف ينعكس بالتأكيد على الموقف في المفاوضات القادمة حيث يرجح محللون أن تكون هذه الخلافات حاضرة بين الوفد القادم من اليمن ممثلًا عن الحوثيين وصالح، فبات السؤال هل سيكون الوفد القادم إلى الكويت ممثلًا بالفعل للطرفين، أم أن طرفًا سيستأثر به.
وعلى هذا يروج صالح وأنصاره دائمًا إلى قبولهم بالحل السياسي وكل ما شأنه أو يوقف الاقتتال، حيث دائمًا ما يدعو صالح الحوثيين إلى القبول بقرار مجلس الأمن، حيث أصدر بيانًا في السابق اعتبر فيه أن الدم اليمني أريق من دون سبب، حسب تعبيره، وطالب بانسحاب الميليشيات والقوات الموالية للرئيس اليمني المنقلب عليه عبد ربه منصور هادي.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن هذه من ضمن محاولات صالح للمناورة حيث يطرح نفسه ممثلًا للتفاوض في أي حل سياسي، في الوقت الذي يستعين فيه بالحوثيين في الخيار العسكري، وهو بالطبع ما يُثير غضبة الحوثيين وأنصارهم الذين يرون أنفسهم متحملين لمغارم الحرب بصورة أكبر مما يتحمله صالح، لذلك دخلوا على خط التفاوض وعدم تصفير المعركة مع السعودية.
وفي هذا الإطار يجدر بنا الإشارة إلى أن المعامل الإقليمي الذي يحرك صالح بدأ يضعف وهو ممثل في دولة الإمارات العربية المتحدة، في المقابل ثمة أجندة مختلفة للمعامل الإقليمي الذي يحرك الحوثيين ويتمثل في إيران، لذا لكل منهما أجندة مختلفة بالتأكيد، أهدافها ستقود لخلاف في النهاية بين أطراف هذا التحالف، وهو ما ستسفيد منه السعودية بكل تأكيد في الجولات القادمة.