10 أسباب صنعت كلاسيكو الكرة الأرضيّة

1456744250_531664_1456747168_noticia_normal

كلاسيكو الإياب

مساء اليوم السبت 2 أبريل ، وعند الساعة 6,30 مساءً بتوقيت غرينتش (9,30 بتوقيت مكّة المكرّمة)، سيتسمّر الملايين من عشّاق الساحرة المستديرة بمختلف أطيافهم أمام شاشات التلفاز، لمتابعة الحدث نصف الموسمي المنتظر، ألا وهو مباراة قمّة إسبانيا التقليديّة بين ناديي برشلونة وريال مدريد، والتي يحتضنها ملعب الكامب نو ببرشلونة، في إطار المرحلة ال31 من الليغا الإسبانيّة، التي يحلّق البارسا في صدارة ترتيبها برصيد 76 نقطة، بفارق 10 نقاطٍ كاملةٍ عن غريمه الملكي الذي يحتلّ الترتيب الثالث، متأخّرًا عن أتلتيكو مدريد الثاني بفارق نقطة.

ولن يكون لفارق النقاط ال10 واقتراب البارسا من حسم لقب الليغا قبل 8 مراحل من نهايتها أيّ اعتبارٍ في مباراة الكلاسيكو المقبلة، فلمواجهات الكلاسيكو حساباتها الخاصّة التي تجعل منها بطولاتٍ قائمةً بحدّ ذاتها، لا تجذب محبّي ومتابعي الناديين في المملكة الإسبانيّة فحسب، بل تستقطب جمهورًا كبيرًا من كافة أنحاء المعمورة، يفوق متابعي أيّة مباراةٍ موسميّةٍ أخرى في كرة القدم أو في غيرها من الألعاب الرياضيّة، فما هي الأسباب ال10 التي أسبغت على قمّة إسبانيا الكلاسيكيّة صبغةً عالميّةً دعت إلى تسميتها بكلاسيكو الكرة الأرضية؟  فلنتابع فيما يلي:

1- الإنجازات والألقاب

من تتويج الفريقين ببطولة الشامبيونز ليغ الموسمين الماضيين

لن أتحدّث عن الدّوري المحلّي الذي تزخر سجلّات الفريقين ب55 من ألقابه (32 للريال، و23 للبارسا)، ولا عن كأس إسبانيا التي أحرزا مجتمعين 46 لقبًا فيه (27 للبارسا، و19 للريال)، بل سأتحدّث عن بطولة الأندية الأقوى والأعرق على مستوى أوروبا والعالم، ألا وهي دوري الأبطال، فالملكي يتصدّر سجلّها التاريخيّ برصيد 10 ألقابٍ آخرها عام 2014، والبارسا استطاع إحراز 4 ألقابٍ في السنوات ال10 الأخيرة، جعلته يرتقي إلى المركز الثالث في سلّم المسابقة التاريخيّ برصيد 5 ألقاب، ليرتفع رصيد الفريقين المشترك من ألقاب الشامبيونز ليغ إلى 15، وهو ما يشكّل ربع عدد ألقاب البطولة الأوروبيّة الكبرى بالتّمام والكمال!

2- النجوم

من نجوم الكلاسيكو السابقين: إيتو – زيدان – رونالدينيو – ورونالدو

من دي ستيفانو، بوشكاش، خينتو، ورايمون كوبا، إلى بوتراغينيو، ميشال، هوغو سانشيز، هييرو، وزامورانو، إلى زيدان، فيغو، بيكهام، راؤول، روبيرتو كارلوس، كانافارو، والظاهرة رونالدو، إلى نجوم العقد الأخير: كاسياس، راموس، مارسيلو، مودريتش، بنزيما، كريستيانو رونالدو وغيرهم، يستمرّ النادي الملكيّ باستقطاب وصنع أبرز نجوم المستديرة عبر تاريخها، جنبًا إلى جنب مع غريمه الكتالوني، الذي طرّز أحقابه التاريخية بعددٍ من عباقرة الكرة وأساطيرها، بدءًا بكوبالا، كوشيش، ولويس سواريز ميرامونتيس،  ومرورًا بالأسطورتين يوهان كرويف ومارادونا، ومن بعدهما روماريو، ستويشكوف، لاودروب، وكويمان، ثم ريفالدو، رونالدينيو، إيتو، وبويول، إلى نجوم العقد الأخير بقيادة الأسطورة ميسي، مع تشافي، إنييستا، بوسكيتس، نيمار، لويس سواريز، وغيرهم من النجوم الذين حضروا مواجهات الكلاسيكو فحضرت معهم الأضواء.

3- عباقرة التدريب

بيب غوارديولا وجوزيه مورينو خلال إحدى مواجهات الكلاسيكو

لا تعتبر مواجهات الكلاسيكو مجرّد مباريات كرة قدم فحسب، بل هي أشبه بمعارك وحروب تكتيكيّة، ينتصر فيها في النهاية من يخطّط ويدير بشكلٍ سليم، ومازال عشّاق المعارك التكتيكيّة يذكرون بخيرٍ مواجهات بيب غوارديولا وجوزيه مورينو في الكلاسيكو قبل بضعة سنوات، وليسا بالطّبع الوحيدين في هذا الصدد، فقد مرّت على دفة تدريب الملكي أسماءٌ كميغيل مونوز، ليو بنهاكر، فيسنتي ديل بوسكي، وكارلو أنشيلوتي، وكذلك الأمر في البارسا مع أسماءٍ كهيلينو هيريرا، رينوس ميشلز، يوهان كرويف، ولويس فان خال، وكلّهم من عباقرة التدريب الذين أغنوا مواجهات الكلاسيكو بعصارة فكرهم الكروي العبقري.

4- التنافسيّة

إحصائيةٌ مباريات الفريقين الرسميّة – قبل كلاسيكو الذهاب

حافظ طرفا الكلاسيكو عبر تاريخهما الطّويل على مستوى عالٍ من التنافسيّة، فلم يسبق لأحدهما أن هبط إلى الدرجة الثانية على مدى تاريخه، ولا أن طغى على الآخر مُخلًّا بميزان التوازن، الذي إن حدث ومال لأحدهما بضعة أعوام، عاد الطرف الآخر لتسويته ولو بعد حين، وهذا ما تعبّر عنه إحصائيّة مواجهات الفريقين الرسميّة، التي وصل عدّادها إلى 230 مباراة، فاز الريال في 92 منها، مقابل 90 للبارسا، فيما التعادل الفريقان في 48 مناسبة، وحتى في عدد الأهداف المسجّلة نلاحظ التقارب، فقد سجّل الريال 388 هدفًا مقابل 375 للبارسا.

5- المفاجآت!

 أكبر النتائج في مواجهة الفريقين

لم يمنع تقارب مستوى الفريقين تاريخيًّا والتنافسيّة العالية التي تحكم لقاءاتهما من تسجيل بعض النتائج العريضة، التي يمكن تصنيفها عمومًا ضمن خانة المفاجآت التي تزيد من حدّة وإثارة مواجهات الكلاسيكو على المدى الطّويل، فالخماسيّات والسداسيّات تبقى دينّا في عنق الخاسر حتّى يردّها بمثلها ولو بعد حين، علمًا بأن أعلى نتيجةٍ سُجّلت على الإطلاق في مباريات الفريقين الرسميّة، كانت فوز الريال بنتيجة 11-1 في مباراة إياب كأس إسبانيا عام 1943، فيما سجّل البارسا أكبر انتصاراته الرسميّة في الكلاسيكو عام 1950، بفوزه بنتيجة 7-2 في الليغا.

6- قيمة الكرة الإسبانيّة

شعار الليغا الإسبانيّة

تحتفظ الليغا الإسبانيّة بصدارة ترتيب أفضل الدّوريّات الأوروبيّة منذ أكثر من 5 مواسم، وذلك بفعل النتائج الممتازة التي تسجّلها أغلب أنديتها في المسابقات الأوروبيّة، ففضلًا عن إنجازات الريال والبارسا في الشامبيونز ليغ، نجحت فرقٌ كأتلتيكو مدريد، إشبيلية، وفالنسيا، في إحراز لقب بطولة اليوروبا ليغ أكثر من مرّة، وحتّى بعض أندية الليغا المتوسطة كفياريال، لاكورونيا، ومالقا، نجحت في ترك بصمةٍ أوروبيّةٍ واضحةٍ خلال مشاركاتها القليلة، ممّا عزّز من القيمة الفنّية لبطولة الليغا.

وجاءت سيطرة منتخب إسبانيا المطلقة على الكرة العالميّة بين عامي 2008 و2012، بإحرازه كأس العالم عام 2010 وكأس أمم أوروبا عامي 2008 و2012، لتضاعف من شهرة وشعبيّة الكرة الإسبانيّة عمومًا، وطرفي الكلاسيكو خصوصًا، باعتبارهما المصدر الرئيس للاعبي منتخب لاروخا.

7- الأبعاد السياسيّة

 ألفريدو دي ستيفانو نجم الملكي في الخمسينيات

منذ اندلاع الحرب الأهليّة الإسبانيّة أواخر ثلاثينيّات القرن الماضي، لم تعد مواجهات الكلاسيكو مجرّد مبارياتٍ رياضيّةٍ فحسب، بل اكتست أبعادًا سياسيّة اجتماعيّةً خاصّةً زادت من أهمّيتها، بكونها أصبحت تمثّل جزءًا من الصراع الدائر بين أكبر مدينتين إسبانيتين، مدريد العاصمة بهويّتها القوميّة الإسبانيّة، وبرشلونة ذات الهويّة الكتالونيّة والميول الانفصاليّة، وقد أزكت الفظائع التي ارتكبها الديكتاتور فرانكو في حقّ رموز إقليم كاتالونيا وساسته إبّان فترة حكمه بين عامي 1939 و1975، روح العداوة في قلوب أنصار النادي الكتالوني تجاه نادي العاصمة الملكيّ، الذين رأى فيه الكتلان طفل الحاكم المدّلل، وخاصّةً بعد حادثة اللاعب دي ستيفانو الشهيرة، التي تدخّل فيها فرانكو لتغيير وجهة النجم الآرجنتيني من برشلونة إلى مدريد.

8- الحقد!

من حادثة إلقاء رأس خنزير على اللاعب لويس فيغو

قد لا يستحبّ الكثيرون إطلاق كلمة (الحقد) على علاقةٍ يحكمها الإطار الرياضي، ولكنّها اللفظ الأمثل للتعبير عن الكمّ الهائل من الشدّ العصبيّ والشحن المعنويّ والعنف الذي غلّف الكثير من مباريات الكلاسيكو، والذي دعا جماهير الفريقين لإطلاق لقب (الخونة) على من ينتقل من لاعبيها إلى الطرف الآخر، كما حصل مع البرتغالي لويس فيغو الذي قُذف في أحد مواجهات الكلاسيكو برأس خنزير!

ولم تقتصر مشاهد الحقد في الكلاسيكو على الجمهور، فحوادث: إصبع مورينو في عين فيلانوفا، ودهس بيبي على يد ميسي وبوسكيتس على رأس بيبي، وصفع راموس لبويول، ماتزال حاضرةً في الأذهان بعنفها وقسوتها وبعدها عن الروح الرياضيّة، ولكنّ ذلك لا يمنعنا من الاعتراف بتأثيرها الإيجابي على شعبية وشهرة الكلاسيكو!

9- الملتيميديا

 الكلاسيكو على شبكة beIN SPORT

لا يمكن إغفال الدّور الكبير الذي تلعبه الثورة التكنولوجيّة المعاصرة في رفع شعبيّة كرة القدم عمومًا، ومباريات الكلاسيكو خصوصًا، فالتغطية التي تحظى بها مواجهات الكلاسيكو اليوم عبر جميع وسائل الإعلام المرئيّة والمسموعة والعنكبوتيّة ليس لها مثيل، سواءً على صعيد الكمّ الهائل من الإعلاميين والصحفيين والمعلّقين والمحلّلين والخبراء الذين يغطّون الحدث، أو على صعيد تقنيّات البثّ عالية الجودة التي حوّلت الصورة إلى لوحةٍ تفوق الواقع جمالًا وصفاءً، كما أتاحت الفرصة لما يربو عن نصف مليار مشاهدٍ حول العالم لمتابعة كلاسيكو الكرة الأرضيّة.

10- المال

وأخيرًا، لابدّ من الحديث عن الأموال، فبدونها لم تكن لتعقد صفقات الانتقال القياسيّة، ويؤتى بالنّجوم العالميّة التي ترفع من المستوى الرياضي والاقتصادي للناديين، عبر رفع مستوى الاهتمام الإعلامي والتسويقي بهما، علمًا بأنّ مصادر دخل الناديين لا تعتمد فقط على عائدات كرة القدم، بل هناك الكثير من النشاطات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة المختلفة التي تدعم ميزانيّة الناديين، الذين اعتادا على تبوّء المراكز الأولى في ترتيب أغنى أندية أوروبا والعالم.