ترجمة حفصة جودة
في كل عام، يقوم حوالي 100 مليون أمريكي بركوب الدراجات مرة واحدة على الأقل، خاصة عندما يصبح الجو دافئًا، البعض يركبونها من أجل الترفيه والبعض الآخر يستخدمونها في الانتقال من وإلى العمل.
في السنوات القليلة الماضية، أسرعت المدن لاستيعاب هؤلاء المسافرين، بتخصيص عشرات الممرات للدراجات، وظهرت برامج لتعليم قيادتها، لكن ما زال هناك بعض المفاهيم الخاطئة حول قيادة الدراجات، ومع ارتفاع أعداد راكبيها، فمن المهم أن نضع في اعتبارنا بعض الحقائق عنهم، وكيف يتصرفون، وما تأثيرهم على المجال المحيط بنا.
1- استخدام الخوذة إجباريًا، أفضل طريقة للحفاظ على سلامة السائقين
لا شك بأن ارتداء الخوذات ينقذ الأرواح، حيث تشير الدراسات إلى أن مخاطر الإصابة في الرأس تقل بنسبة 85% عند ارتدائها، ومؤخرًا، قال مشجعو ركوب الدراجات مثل جريج كابلن بأنه يجب تجريم القيادة بدون خوذة.
“ارتداء الخوذة أثناء قيادة الدراجة، مثل ارتداء حزام الأمان أثناء قيادة السيارة” يقول كابلن في مجلة الدراجات.
في الحقيقة، هناك طرق أفضل للحفاظ على حياة الراكبين، حيث يمكن صرف النظر عن تقنيين ارتداء الخوذة، باستخدام سياسات أخرى قد تساعد بشكل أفضل، فالخوذة لا تمنع الحوادث، ومن الممكن أن يُصاب الأشخاص بأضرار بالغة من الاصطدام بمركبات متحركة سواءً كانوا يحمون رؤوسهم أم لا، عند بناء البنية التحتية، يجب تخصيص أماكن للدراجات بعيدًا عن السيارات، فهذه الطريقة أفضل للحفاظ على الأرواح.
إليكم الدليل، معظم المدن الأوروبية لا تقنن ارتداء الخوذة، ومع ذلك فوفيات وحوادث الدراجات للفرد أقل بكثير من الولايات المتحدة، ويقول الخبراء إن سبب ذلك هو البنية التحتية، وتشير الدراسات إلى أن سائقي السيارات يتصرفون بتهور أكثر عندما يشاهدون راكبي الدراجات يرتدون الخوذة، ويقودون بالقرب منهم مما يزيد من احتمالية وقوع الحوادث.
تقنين ارتداء الخوذة قد يؤدي إلى تقليل أعداد الركاب بشكل عام، فالبعض يفضلعدم القيادة على التعرض للعقاب جراء عدم استخدام الخوذة، وعندما يحدث ذلك، فسوف تقل كثافة الدراجات، ويصبح وجود راكبي الدراجات أقل وضوحًا مما يتركهم في عرضة أكبر للخطر.
2- راكبو الدراجات يقومون بكسر قوانين المرور أكثر من سائقي السيارات
عند مواجهة مقترحات سلامة ركوب الدراجات، قال المشرعون في أنحاء البلاد إن راكبي الدراجات لا يستحقون تشريع قوانين جديدة حتى يلتزموا بالقوانين الموجودة بالفعل، وعندما حاول اتحاد فيرجينيا لقيادة الدراجات سنّ قوانين جديدة، أخبروهم أن راكبي الدراجات غالبًا ما ينتهكون القوانين، وأنهم لا يستحقون أي حماية إضافية بموجب القانون، ويردد الآخرون هذا الادعاء، حيث قالت مجلة “سبكتاتور” البريطانية إن راكبي الدراجات “خطر على المجتمع”.
يقول معظم راكبي الدراجات إنهم يتجاوزن الإشارة الحمراء، عندما يكون الطريق خاليًا من أي سيارات قادمة، كما أنهم يقودون على رصيف المشاة لتجنب ازدحام الطرق، هذه الممارسات غير قانونية في الكثير من المدن، وفي بعض الأحيان، يتصرف راكبو الدراجات بشكل غير متوقع وغير مسؤول، واضعين أنفسهم وسائقي السيارات في خطر.
لكن لنضع هذه الممارسات الخاطئة في المشهد؛ فطبقًا لويسلي مارشال، أستاذ الهندسة بجامعة كولورادو، الذي قام بعمل استطلاع على 17.000 من سائقي الدراجات والسيارات، إن عدد سائقي السيارات الذين ينتهكون القانون أكبر من راكبي الدراجات، فمعظم سائقي السيارات يتجاوزون السرعات المقررة، كما يعتقد سائقو السيارات بأن راكبي الدراجات ينتهكون القوانين بينما هم لا يفعلون، فعلى سبيل المثال، مسموح لراكبي الدراجات بالقيادة في أي مسرب من الطريق وليس الالتزام فقط بيمين الطريق.
3- إذا قام الكثيرون بقيادة الدراجات، فسوف يقل الازدحام المروري والتلوث
يرى العديد من محبي الدراجات أن ركوب الدراجات هو الحل لجميع المشكلات الحضرية، بداية من الازدحام وحتى الضباب الدخاني، وتتساءل مجلة فوربس إذا كان بإمكان الدراجات حل مشكلة بكين المرورية.
تقول مجلة الدراجات إن ركوب الدراجات قد يكون جزءًا كبيرًا من مكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري، وتتساءل مدونة ستريتس عن كيفية مساعدة الدراجات في مكافحة التغير المناخي.
بالطبع، إذا تخلى الجميع عن سياراتهم غدًا، فسوف يتحسن المناخ والصحة في مدننا، ولكن هذا تفكير حالم؛ فنسبة من يقودون الدراجات في أمريكا 1% فقط، وحتى لو تضاعف الرقم، فلن يؤدي إلى معالجة الازدحام والضباب بشكل ملحوظ، وبالنسبة لكثير من الناس – الأسر التي لديها أطفال صغار، والملايين الذين يعيشون بعيدًا عن مكان عملهم بأكثر من عشر أميال وكبار السن والمرضى – ركوب الدراجات ليس حلًا واقعيًا.
حتى لو ازداد عدد راكبي الدراجات بشكل ملحوظ، فلن يساعد ذلك في حل المشكلة المرورية، فقد أظهرت الدراسات أن الازدحام يزداد في المدن التي بها راكبي درجات بشكل أكبر لعدم وجود ممرات جديدة للدراجات، هذا ما أدركه مخططو المدن منذ فترة طويلة، والحل الوحيد الأمثل لتشجيع سائقي السيارات بعدم استخدامها هو الدمج بين البنية التحتية القوية ونظام النقل الشامل.
بإلقاء نظرة على المدن التي تُستخدم فيها الدراجات للذهاب إلى العمل والتنقلات، نرى أن استخدام أحد الأساليب بشكل كبير يجب أن يتناسب مع استخدام الأساليب الأخرى، وببساطة، العديد من المدن ليس لديها ما تفعله للحد من استخدام السيارات.
4- ركوب الدراجات للأغنياء فقط
ربما تعرفون الصورة النمطية عن راكبي الدراجات في المدينة: رجال يرتدون ملابس من القماش المطاط ويركبون الدراجات التي يتجاوز ثمنها سيارتك.
“منذ 25 عامًا، ربما كان هؤلاء الأشخاص سيشترون سيارة بورش أو دراجة نارية سوبر سبورت، أما الآن فسيعمدون لشراء دراجة من ألياف الكربون تكلف 5.100 دولار” يقول أخصائي التسويق مايكل أوليفر، لمجلة “بيزنيس إنسايدر”.
تقول عالمة الأنثروبولوجي أدونيا لوجو إنه يتم الترويج إلى أن قيادة الدراجات هي أحد أشكال أنماط الحياة الحضرية، فأنت لا تقود الداراجة لأنها وسيلة رخيصة أو لأنك تحتاج إلى الذهاب لمكان ما، بل يتم تقديمها كفرصة لتكون جزءًا من الموضة الحضرية الأنيقة.
لكن الإحصائيات تشير إلى أن ركوب الدراجات ينتشر بين أشخاص من مستويات دخل مختلفة وينتشر حتى بشكل أكبر بين ذوي الدخول المنخفضة، حيث تقول دراسة “بيبول فور بايكس” إن 40% من الأمريكيين ممن يقودون الدراجات لا يتجاوز دخلهم 20.000 دولار في السنة، لذا فمنطقيًا، للمسافات الطويلة بالنسبة للمشي، قيادة الدراجات أسرع وأرخص وسيلة للتنقل، خاصة للأشخاص الذين لا يمكنهم تحمل تكلفة شراء وصيانة السيارات، ولكن للأسف، لم تواكب البنية التحتية هذا التطور، ويقول الأشخاص الذين لا يتجاوز دخلهم 20.000 دولار سنويًا إنهم غير راضيين عن ممرات ومسارات الدراجات في أحيائهم.
5- برامج مشاركة الدراجات تجعل الطرق أقل أمنًا
كلما فكرت مدينة أمريكية في تطبيق برنامج مشاركة الدراجات، يقلق الناس، فعندما اقترحت مدينة نيويورك تطبيق نظام “سيتي بايك” نشرت جريدة “ديلي نيوز” تحذيرًا بعنوان “الجحيم على عجلات” وقالت إنه من المستحيل الحفاظ على أمن راكبي الدراجات، وحذر مراقب المدينة المالي من أن هذا البرنامج قد يؤدي إلى مزيد من الدعاوى القضائية ضد الحوادث في المدينة، ويبدو هذا الخوف مفهومًا، فالناس يستأجرون دراجات كبيرة وعالية، ويقودونها ببطء حول المدينة، وغالبًا لا يرتدون خوذات وربما يتحولون إلى كائنات ثابتة مخلفين ورائهم كومة من القمامة، أليس صحيحًا؟
بعد عدة سنوات من جمع البيانات حول تلك الأنظمة التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد، وجد الباحثون أن هذا ليس صحيحًا؛ فطبقا لتقرير معهد مينيتا للنقل بجامعة ولاية سان خوسيه الذي نُشر في شهر مارس، لا يوجد أي حالة وفاة في هذه البرامج منذ انطلاقها عام 2010 في الولايات المتحدة، كما أن عدد الإصابات القاتلة أقل من إصابات راكبي الدراجات عمومًا، ويعتقد الباحثون أن سبب ذلك هو حجم الدراجات الكبير الذي يجعلها واضحة ومرئية، ولا يمكن لسائقها الإسراع في قيادتها مثل الدراجات التقليدية.
في المدن الأوروبية، جعلت هذه البرامج راكبي الدراجات الآخرين في أمان حيث رفعت من وعي السائقين، وقللت من الازدحام المروري، وكثفت الضغط من أجل تعزيز سلامة البنية التحتية في الشوارع مثل توفير ممرات آمنة للدراجات يستخدمها أي شخص.
المصدر: واشنطون بوست