كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية عن خريطة سياحية إسرائيلية، أخفت فيها وزارة السياحة الإسرائيلية المواقع الإسلامية والمسيحية، أعدها الاحتلال باللغة الإنجليزية، وتقوم الوزارة بتوزيعها على السياح الأجانب الذين يصلون إلى القدس المحتلة.
أظهرت الخريطة موقع إسلامي واحد وهو قبة الصخرة وخمسة مواقع مسيحية فقط، وقائمة تحوي أسماء 57 موقعًا للزيارة في البلدة القديمة بالقدس، وبينت الصحيفة أنه تم بذل جهود كبيرة عند إعداد الخريطة لمحو الأسماء العربية للمواقع في القدس، حيث ورد ذكر اسم “جبل الهيكل” بدلاً من “المسجد الأقصى”، و”حائط البراق” تحت مسمى “حائط المبكى”، كما ظهر اسم “إسطبلات سليمان” بدلاً من “المصلى المرواني السفلي”.
وادعت وزارة السياحة الإسرائيلية، أنه تم التعاون مع مرشدين سياحيين وأخذ توصياتهم وخبراتهم في الاعتبار لإصدار هذه الخريطة، حيث خلت الخريطة من أسماء المواقع الإسلامية والعربية بشكل واضح، على الرغم من وجود الكثير من المواقع الإسلامية التي يزورها السياح في البلدة القديمة، والتي تعتبر نقاط تاريخية هامة، والأسماء العربية القليلة التي وردت فقد تمت كتباتها بشكل خاطئ.
وأوضحت هآرتس، أن الخريطة ظهر فيها أماكن يهودية مثل”بيت الجيش”، و”بيت حبرون”، و”بيت غوري”، و”بيت الياهو”، و”بيت حباد”، و”بيت دانون”، و”بيت رعوت”، وغيرها، وجميعها بيوت عربية في الحي الإسلامي، استولى عليها اليهود بواسطة جمعية عطيرت كوهنم الاستيطانية وغيرها، وهي جمعيات مدعومة من حكومة الاحتلال، وهناك ما لا يقل عن 25 بيتًا يهوديًا، أو كنيسًا ومدرسة دينية، وأغلبها غير معروفة حتى للمرشدين السياحيين في البلدة القديمة، ولا يوجد لها أهمية لدى السياح.
تعمد الاحتلال ذكر بعض المواقع المسيحية فقط، فإلى جانب ذكر اسم كنيسة القيامة، لم تظهر الخريطة الكثير من الأماكن المسيحية ذات الأهمية في المدينة، ككنيسة المخلص التي ترتفع فوقها أعلى قبة في البلدة القديمة، وكنيسة “سانت آنا” بالقرب من بوابة الأسود،
وأشارت الخريطة إلى طريق الآلام المسيحية، دون ذكر أي محطة من محطاته التي يسير فيها ملايين الحجاج المسيحيين كل عام، وكذلك لم تظهر الكثير من المباني الهامة الأخرى للسياح المسيحيين، كمبنى دير سان سلفادور الفرنسيسكاني، ومبنى البطريركية اليونانية الأرثوذكسية.
بدوره، أدان المطران “عطا الله حنا” رئيس أساقفة سبسطية الروم الأرثوذكس، إصدار الاحتلال كراسًا إرشاديًا يحتوي على خريطة للقدس المحتلة، وتعمده إخفاء المعالم الإسلامية والمسيحية، معتبرًا ذلك خطوة استفزازية، وتضليل للزوار والحجاج الوافدين من كافة أرجاء العالم.
وبيّن أن هنا يأتي دور الكنيسة المحلية وكافة المؤسسات الدينية والوطنية في القدس بهدف إبراز الوجه الحقيقي للمدينة المقدسة ورفض التزوير الإسرائيلي الهادف إلى تغيير طابع المدينة المقدسة، وتكريس واقع جديد في المدينة يستهدف الحضور العربي الفلسطيني الإسلامي المسيحي في مدينة القدس.
وأوضح مطران أن السياسة الصهيونية في القدس تهدف إلى تحويل الصراع إلى صراع ديني، وتساءل ما قيمة القدس بدون القيامة والأقصى؟!، وأكد على أن الاحتلال يستغل صراعات وحروب الوطن العربي لتمرير مشاريعه في مدينة القدس.
من جانب آخر، أكد النائب المقدسي المبعد عن القدس أحمد عطون، أن المدينة تعيش آخر فصل من فصولها من وجهة نظر الاحتلال، الذي رفع شعار بأن “لا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل”، وأن الاحتلال لديه رؤية ومشاريع صهيونية واضحة في المدينة المقدسة، بالمقابل لا يوجد للعرب والمسلمين خطط ورؤية، وميزانيات واستراتيجيات واضحة للقدس.
ووصف عطون دور السلطة الفلسطينية في الدفاع عن القدس بـ”الضعيف جدًا”، نظرًا لعدم وجود الخطط والميزانيات، مؤكدًا أنه لا توجد ميزانية للقدس على سلم أولويات القيادة أو الحكومة الفلسطينية وإن وجدت فقط لتجميل بعض الأمور وخاصة خلف الجدار الفاصل، كما واعتبر المصادقة على مشروع “كيدم الاستيطاني” بالقرب من المسجد الأقصى المبارك بأنه “أخطر خطوة تنفيذية بحق القدس والأقصى، لأنه لا يبعد عن سور القدس التاريخي سوى 20 مترًا و100 مترًا عن المسجد الأقصى.
وعبر الحاخام الصهيوني “يهودا غليك”، عن سعادته الكبيرة لاستمرار اقتحاماته للمسجد الأقصى دون أي معيقات تذكر، وقال: “يبدو أن قرار الحكومة بإخراج الحركة الإسلامية عن القانون، وإبعاد المرابطين والمرابطات عن المسجد الأقصى يعطينا الحرية أكثر”، وأشار إلى أن المسلمين وكما يبدو بدأوا يتعودون على أن هذا مشهد طبيعي، في إشارة لاستمرار اقتحامات المستوطنين لباحات الأقصى.
يحاول الاحتلال فرض واقع جديد في القدس لإجبار أهلها والمجتمع الدولي لقبوله، ويعطي الصفة الدينية لمشاريعه الاستيطانية التهويدية في القدس، لكسب عطف العالم المسيحي واليهودي وكذلك خداع الأجيال الإسلامية القادمة بيهودية القدس وحقهم فيها، وهذا يتطلب وجود حراك عربي وإسلامي جاد لإنقاذ القدس من مشاريع الاحتلال ومنع تهويدها.