منذ السابعة صباحًا يستيقظ الأسير الفتى عايد طقاطقة (16 عاما) برفقة عمه فادي (17 عاما) وغيرهما من الأسرى الذين لم تتجاوز أعمارهم (18 عاما) لانجاز عملهم في تعبئة أكياس الملح لصالح شركة إسرائيلية خاصة، داخل سجن “أوفيك” وسط الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وحتى الثانية من بعد الظهر، يبقى الأسرى العاملون خاضعون لشروط بيئة العمل التي يُمنع خلالها الحصول على استراحات أو الخروج من مكانهم الذي يعملون فيه على تعبئة الملح بأكياس صغيرة طيلة ست ساعات يوميًا، مقابل 15 شيكلًا أي ما يعادل أقل من أربع دولارات.
واعتقلت قوات الاحتلال الفتى عايد من منزل عائلته في بلدة بيت فجار قضاء بيت لحم، ووجهت له تهمة امتلاك رصاص والإتجار به، وهي ذات التهمة التي وجهت لعمه فادي الذي اعتقل معه، لكنه كان قد تعرض للاعتقال سابقا وهناك حكم سابق ضده بالسجن مع وقف التنفيذ.
وتشير والدة الفتى عايد إلى أنه كان يعاني من مشاكل صحية وتشنجات، موضحة أنها عند زيارتها له قبل أيام في سجن “أوفيك” وجدته يعاني وضعا نفسيا محطما، وقد أبلغها أن إدارة المعتقل تجبره مع رفاق آخرين له في مثل عمره على العمل 6 ساعات مقابل المبلغ الزهيد المذكور.
وتضيف أم عايد، أن نجلها اعتقل قبل ثلاثة أشهر وقضى شهرًا في معتقل “عوفر” المقام غرب رام الله، ثم نُقل لاحقًا إلى سجن “اوفيك” الاحتلالي، مضيفةً أنه يشتكي من سوء الأوضاع الحياتية في المعتقل، حيث يمنع من الفورة سوى ساعة فقط يوميًا، كما أنه ورفاقه يحرمون من الوصول إلى “الكنتين” وهو مقصف السجن.
ونقلت عن نجلها قوله، إن الغرفة التي يسكنها الأسرى ضيقة جدًا ومخنوقة ولا يدخلها الشمس، ويعتقل الاحتلال فيها أكثر من ثلاثة أفراد وسط تغييب كامل للمقومات الحياتية، مضيفا أن الوضع بداخل الزنزانة في غاية الصعوبة، وأن معتقل “أوفيك” أسوأ بكثير مقارنة بمعتقل “عوفر”.
ويعلق مدير هيئة شؤون الأسرى في بيت لحم منقذ أبو عطوان، على ما ورد في شهادة الأسير الفتى عايد بأن الأمر خطير جدا، ويستدعي أخذ موقف من الأسرى والمؤسسات الحقوقية المختلفة، مبينا أن هذا الأسلوب يعيد التذكير بإجبار الاحتلال الأسرى على العمل لديها بما يشبه السخرة والعبودية، حيث كان الأسرى يجبرون على العمل حينها من 8 ساعات إلى 10 ساعات مقابل سجائر أو “مقدار طبخة من الشاي”.
ويضيف، أن إجبار الأسرى على العمل يعدّ شكلاً من أشكال العبودية الذي انتهى مطلع ثمانينيات القرن الماضي، ولا يمكن أن يقبل أحد بعودة هذا النظام العنصري، موضحا أن الدائرة القانونية في الهيئة ستوفد محامياً للاطلاع على أوضاع الأطفال الأسرى في سجن “أوفيك” والظروف التي تحيط يهم، وستتابع بجدّية ملف إجبار بعضهم على العمل.
وحول الموقف القانوني من هذا الإجراء؛ يوضح أبو عطوان أنه يُسمح للأسير بالعمل داخل السجن لكن بإرادته وبما يراه مناسبه، وبشرط ضمان الحماية والأمن والبيئة المحيطة والأجور المناسبة.
واستدرك مبينا أنه الحالة الفلسطيني يختلف فيها الوضع، فهناك إجماع من الحركة الأسيرة على رفض العمل داخل سجون الاحتلال لصالح إدارة السجن أو أي شركة إسرائيلية، وقد سبق أن رفض الأسرى حياكة ملابس الجنود وصناعة جنازير الدبابات.
ويشير أبو عطوان إلى أن ما يحدث وإضافة لكونه أشبه بالاستعباد ويخالف القانون فإنه يضمن تحقيق أرباح كبيرة للشركة الإسرائيلية التي تدفع أجورا زهيدة.
المصدر: قدس الإخبارية