أصبح وجود اللاجئين السوريين في الأردن، أمرا واقعا يتوجب التعامل معه، وذلك عبر تحويلهم إلى عناصر منتجة في المجتمع بدلا من تلقيهم واعتمادهم على المساعدات فقط، كما يرى الكثير من المراقبين.
بناء على ذلك، فقد بدأت وزارة العمل بتقديم التسهيلات للاجئين السوريين، التي كان آخرها إصدار تصاريح عمل خاصة باللاجئين السوريين، بشرط ضرورة إحضار جواز السفر، وبطاقة الخدمة، وأن يكون دخولهم للمملكة بشكل قانوني.
يعمل اللاجئون السوريون في العديد من المهن الذي يعزف عنها العامل الأردني، مثل ورش البناء، ومحطات غسيل السيارات، والمطاعم، ومحطات بيع الوقود، وغيرها من المهن الصناعية.
طبقا لأرقام وزارة العمل، فإن عدد العمالة السورية المتواجدة حاليا في السوق تبلغ قرابة 90 ألف، بالإضافة إلى 130 ألف ناشط اقتصادي سوري، يمتلك جزء منهم مصالح تجارية متنوعة في مختلف أنحاء المملكة.
من ناحيته، رأى الخبير الاقتصادي حسام عايش أنه “يجب على الجهات الرسمية، النظر إلى قضية اللاجئين بصورة مختلفة، إذ أنه فيما يبدو ستطول مدة مكوث اللاجئين على الأراضي الأردنية، لذلك لا بد من آلية وطريقة جديدة للتعامل معهم”.
وقال عايش: ” لا بد من تجهيز مجموعة من الخطط والبرامج الاقتصادية، تقوم عليها المنح المتوقع استلامها من المانحين الدوليين، لذلك لا بد من قراءة متأنية لواقع الأردن الاقتصادي والاجتماعي والبنى التحتية”.
ورأى عايش أنه “لا بد أن يستفيد الأردني من المنح الدولية، وليس اللاجئ السوري فقط، فهناك نسبة بطالة أردنية تصل إلى 12 بالمئة، لا بد من تشغيلها، والعمل على تقليلها أو القضاء عليها، لا أن تبقى عبئا على مؤسسات الدولة”.
وشدد عايش على أن “المملكة بحاجة إلى المنح الدولية، لإقامة مشاريع اقتصادية وذلك للتقليل من العبء الاقتصادي جراء تدفق اللاجئين”، داعيا إلى “إدارة هذه المشاريع والاستثمارات، لخلق فرص عمل حقيقية، يستفيد منها الأردنيون والسوريون”.
وكان مؤتمر لندن للمانحين الذي عقد في شهر شباط/فبراير الماضي قد خصص نحو 2.1 مليار دولار للأردن على ثلاث سنوات، بواقع 700 مليون دولار سنويا، منها 1.5 مليار تخصص للاستثمار في المجتمعات المستضيفة وفق متطلبات خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية 2016- 2018.
2.7 مليار كلفة استضافة اللاجئين
تشير إحصاءات المنظمات الأممية العاملة في الأردن إلى أن مجموع الدعم الدولي المباشر وغير المباشر للاجئين السوريين في الأردن، غطى 38% من كلفة استضافة اللاجئين، فيما تحمل الاقتصاد الأردني 62% من الكلفة، في حين قدرت المنظمات كلفة استضافة اللاجئين للعام الحالي 2016 بنحو 2.7 مليار دولار.
في ذلك، بين الناطق الإعلامي باسم وزارة التخطيط والتعاون الدولي، عصام المجالي، أنه “لم يصل أي مبالغ من المنح التي تعهد بها المانحون في مؤتمر لندن، كون المفاوضات ما زالت جارية مع الجهات المانحة”.
وقال المجالي إن الإعلان عن وصول الأموال المقدرة بأكثر من 2 مليار على مدار 3 سنوات، سيتم بشكل رسمي عند انتهاء المفاوضات، في شهر تموز المقبل، إذ ستنتهي المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
إلى ذلك، يلاحظ المواطن الأردني ويشاهد اللاجئين السوريين العاملين في كثير من مناطق وأماكن العمل، وقد التقينا عددا منهم، كان أولهم فراس الحمصي، الذي يعمل بإحدى المطاعم في عمان، مبينا أنه يتقاضى أجرة تصل إلى 15 دينار يوميا.
وقال الحمصي الذي يبلغ من العمر 25 معلقا على إصدار تصاريح عمل: “إن القرار صائب ومريح للعامل السوري، إذ يعمل العامل دون خوف من مطاردة أمنية تنقله إلى إحدى مخيمات اللجوء”، لافتا إلى “ضرورة السماح للاجئين السوريين بالعمل، بهدف الإيفاء بالالتزامات المالية الخاصة بأسرهم وعائلاتهم”.
أما مازن الحلبي، الذي يبلغ من العمر 22 عاما فيعمل في مجال البناء، مبينا أنه يتقاضى راتب 20 دينار يوميا، لكنه يبقى أياما دون عمل أو دخل.
وقال الحلبي الذي كان واقفا أمام إحدى ورش البناء في إحدى ضواحي عمان: “إن ضيق الحال وعدم وجود مساعدات كافية للأسر السورية اللاجئة، دفعت بنا إلى البحث عن فرصة عمل، حتى لو كانت شاقة”، لافتا إلى “إن إصدار تصاريح العمل، سيعمل على توفير فرص أفرض للاجئين، علاوة على التنقل والبحث عن الوظيفة الأفضل دون استغلال من قبل صاحب العمل كما يحدث معنا الآن”.
بدوره، أشار اللاجئ السوري عامر الزعبي، إلى أنه “اضطر إلى العمل بأجر قليل، بهدف توفير لقمة العيش لأسرته المكونة من 8 أفراد، وتسكن في تسوية تحت الأرض في منطقة المقابلين في عمان”.
وقال الزعبي الذي يبلغ من العمر 45 عاما: “دفعني ضيق الحال والحاجة إلى البحث عن فرصة عمل لتوفير احتياجات أسرتي بأي راتب ممكن”، داعيا الجهات المعنية إلى “السماح للاجئين بالعمل بدون أي عقبات أو عوائق”، معتبرا أن “قرار إصدار تصاريح عمل للاجئين سيخفف من الرقابة الحكومية، وسيزيد من فرص العمل بكل أريحية وانتقاء”.
يشار إلى أن أرقام وزارة العمل تشير إلى أن عدد اللاجئين السوريين الحاصلين على تصريح عمل لا يتجاوز 5700 لاجئ، وفق آخر إحصائية متوفرة صدرت في العام 2014.
في السياق، وحسب دراسات اقتصادية، فإن 30 بالمئة من اللاجئين السوريين هم في سن العمل، وبذلك فإن عدد القادرين على العمل يقارب النصف مليون، ومع وجود أكثر من مليون و300 ألف لاجئ سوري خارج المخيمات.
وثيقة دولية: ضرورة تحويل أزمة اللاجئين إلى فرصة تنموية
في حين، وفي وجود وثيقة استجابة المجتمع الدولي لنهج العمل الشمولي الجديد بين الأردن والمجتمع الدولي للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين التي قدمت خلال مؤتمر المانحين المنعقد في لندن، فقد أشارت إلى أن العمل لأجل اللاجئين السوريين، يرتكز على ثلاث ركائز مترابطة، لدعم أجندة النمو في الأردن، مع الحفاظ على قدرته على التكيف واستقراره الاقتصادي.
ولفتت الوثيقة إلى ضرورة تحويل أزمة اللاجئين السوريين إلى فرصة تنموية تجذب استثمارات جديدة، وتنفتح على سوق الاتحاد الأوروبي من خلال تبسيط قواعد المنشأ، ما يؤدي إلى توليد فرص عمل للأردنيين واللاجئين السوريين ويوفر الدعم للاقتصاد السوري بعد انتهاء الصراع.
كما دعت الوثيقة إلى دعم المجتمعات المستضيفة الأردنية عبر توفير تمويل كاف، من خلال تقديم المنح لخطة الاستجابة الأردنية 2016-2018، خصوصا ما يتعلق بتعزيز قدرة التحمل لدى المجتمعات المحلية المضيفة.
ونوهت الوثيقة إلى تأمين منح كافية وتمويل ميسر لدعم الإطار الاقتصادي الكلي، وتلبية احتياجات التمويل في الأردن على مدى السنوات الثلاث المقبلة، وذلك كجزء من دخول الأردن في برنامج التسهيل الائتماني مع صندوق النقد الدولي.
هذه الوثيقة، لم تختلف معها وجهة النظر الحكومية، فقد لخصها وزير التخطيط عماد فاخوري بقوله: “في ضوء إدراك المملكة بأن الأزمة السورية مستمرة، ولن يكون لها حل سريع؛ مما يعني بقاء اللاجئين السوريين في المملكة لفترة زمنية ليست بالقصيرة؛ فقد طرح الأردن إطارا شموليا، مبنياً على ثلاثة محاور، يتمثل الأول بضرورة إعادة بناء المجتمعات المستضيفة، والبنية التحتية من خدمات صحة وتعليم ومياه وبلدية، إضافة إلى مطالبة المجتمع الدولي بأن يكون هناك تمويل كاف بشكل منح لخطة الاستجابة فيما يتعلق بهذا المحور”.
يبقى القول أن منظمة العمل الدولية بالتعاون مع وزارة العمل، ستبدأ قريبا بإجراء دراسة أثر اللاجئين السوريين على سوق العمل الأردني، العمل على المجتمعات المضيفة لهم، باعتبار أن هذه المجتمعات هي الأكثر تأثرا وخاصة في محافظات إربد والمفرق وعمان، وفق ما صرح به أمين عام وزارة العمل حماده أبو نجمه.
المصدر: أردن الإخبارية