باتت خسائر تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي لا تخفى على أحد، فقد استطاعت فصائل الجيش السوري الحر وفي مقدمتها “فرقة السلطان مراد” و”فيلق الشام”، تحقيق تقدم كبير على حساب التنظيم، حيث استطاعت تحرير عدد كبير من القرى كان آخرها بلدة الراعي، والتي يعني السيطرة عليها، بدء معارك حاسمة في معاقل أخرى كمدينة الباب الاستراتيجية واخترين وتركمان بارح ودابق، وهو ما يعني نهاية التنظيم في أقوى معاقله بحلب.
أهمية ريف حلب الشمالي
كان من الأسباب الرئيسية لعدم تمكن فصائل الثورة السورية من السيطرة على كامل مدينة حلب، تمكن تنظيم الدولة من الاستيلاء على مساحات شاسعة من ريف حلب الشمالي والشرقي وخصوصًا مدينتي جرابلس والباب، تلك المدن التي كانت تعتبر خزان بشري للثوار، حيث ساهم شبابها مساهمة فعالة في المعارك مع اندلاع الثورة، وفي تقدم حاجي مارع أو عبدالقادر الصالح لتحرير مساحات شاسعة من حلب.
وترجع أهمية تقدم الجيش السوري الحر في ريف حلب الشمالي، أنه سيوسع من اتصاله الجغرافي مع تركيا وبالتالي سيمنع قطع الإمدادات اللوجستية عنه، خصوصًا أن الهدنة سبقها محاولة قوات النظام والمليشيات الشيعية متعددة الجنسيات ومليشيا وحدات الحماية التابعة لـ”صالح مسلم” بغطاء جوي روسي لاحتلال الريف الشمالي، مع صمت مريب من أمريكا.
وكان الهدف الرئيسي لهذا “التحالف الشيطاني” خنق الثوار في حلب المحررة وقطع العلاقة اللوجستية بين الثوار وبين عمقهم الاستراتيجي في تركيا.
وأد الفيدرالية
كما أن هذا التقدم الكبير الذي حققه الثوار، سيمنع الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي من التقدم لتثبيت أركان الفيدرالية التي أعلنها مؤخرًا بترحيب، خصوصًا بعدما سيطر على تل رفعت ومطار منغ العسكري وبعض القرى الأخرى ولم يتوقف إلا مع التدخل العسكري التركي المباشر والتلويح بالتقدم في شمال سوريا.
التقدم الأخير للجيش السوري الحر، شاركت فيه القوات التركية عبر الحدود مع سوريا، حيث قصفت المدفعية التركية مواقع تنظيم الدولة.
انهيار قوات تنظيم الدولة يرجع إلى الجبهات الواسعة التي فتحها التنظيم أو اجبر على القتال فيها من دير الزور إلى درعا ، ومن ريف الحسكة والجزيرة الفراتية إلى القريتين وتدمر ، وصولاً إلى محيط مدينة الضمير ومطارها العسكري في ريف دمشق.
هل المؤامرة على الثورة السورية وحدها؟
نحن اليوم أمام أسابيع حاسمة، فإن استمرت خسائر التنظيم فستتغير المعادلة كثيرة في سوريا، خصوصًا مع إعلان إيران الأخير عن إرسالها قوات من نخبتها العسكرية إلى سوريا، وذلك بعد تقدم الفصائل العسكرية السورية في ريف حلب الجنوبي.
أخيرًا فالمؤامرة على الثورة السورية واضحة وضوح الشمس، وما الفيتو الأمريكي – الروسي – الإسرائيلي على التدخل الإسلامي في سوريا عنكم ببعيد، ولكن ما عليكم أن تعلموه أن المؤامرة تمتد لتركيا والعراق بل وإلى بلاد الحرمين، فالهدف هو تقسيم العالم الإسلامي وضرب حواضره التاريخية وتدميرها (الموصل – بغداد – دمشق – حلب ) بحجج لا يصدقها إلا الأغبياء، فبحجة داعش قُتل عشرات الآلاف من السنة وهُجر الملايين بمخطط إيراني، وفي الوقت الذي ألقت فيه طائرات ما يسمى التحالف الدولي المساعدات الغذائية للإيزديين في سنجار وغيرها، يُترك السنة ليقتلوا جوعًا في الفلوجة ومضايا والتل والرستن والغوطة والحولة والزبداني والمقدادية ، بل وأحيانا تكون قبورهم قيعان البحار والمحيطات.
آن للشعوب أن تستيقظ لأنها ستدفع ثمن صمتها ولا مبالاتها غاليًا، وتذكروا هذه الكلمات جيدًا، ولكم أن تختاروا إما دعم السنة في العراق وسوريا، وإلا فالطوفان سيجرفكم جميعًا وبلا رحمة، وسيكون مثل حكامكم كمثل خزعل الكعبي أمير الأحواز الذي غدرت به “بريطانيا العظمى” التي كان يثق بها أكثر من نفسه، ثم دفع الثمن غاليًا بأن أهدت بريطانيا الأحواز هدية إلى إيران، وما أنتم عن ذلك ببعيد.