عاد الجدل مجددا في المغرب حول القضية الأمازيغية، وذلك بعد أن قام حزب التجمع الوطني للأحرار، المشارك في الحكومة المغربية الجديدة، بسحب مشروع قانون يجعل الأمازيغية لغة رسمية، بعدما أن تقدم به للبرلمان حين كان في صفوف المعارضة، مبررا ذلك بضرورة التوافق والوحدة الوطنية، مؤكدا أن القرار لا يعبر بأي شكل من الأشكال عن موقف الحزب من القضية الأمازيغية.
واعتبر النشطاء والمنظمات الأمازيغية قرار الحزب تراجعا كبيرا في مسار تعزيز حضور اللغة والثقافة الأمازيغية في الدولة المغربي، حيث فقد نشرت صحيفة العلم التابعة لحزب الاستقلال، الذي انضم للمعارضة مؤخرا، مقالا رأت فيه أن حزب التجمع الوطني “أخلف وعده مع قضية وطنية استراتيجيه، وهي القضية الأمازيغية”.
ويذكر أن الدستور المغربي الجديد، الذي تم إقراره قبل حوالي سنتين، على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية، إلا أنه بقي نصا دستوريا غير مفعلا، مما دفع حزب التجمع الوطني إلى طرح القانون، وأثار نقاشا في مناسبات مختلفة حول مدى وجود إرادة سياسية في البلاد من أجل تفعيل تطبيق الأمازيغية في مناحي الحياة اليومية للمغاربة.
منير قجي، وهو ناشط في الحركة الأمازيغية، علق على قرار الحزب بالإشارة إلى أنه المجتمع المغربي بطبعه غير مستعد بعد لتكريس تطبيق “رسمية اللغة الأمازيغية”، مضيفا -خلال حوار أجرته معهDW عربية- أن “هذا أمر غير مستغرب، فتاريخيا لطالما استغلت الأحزاب المغربية القضية الأمازيغية لحسابات سياسية ضيقة، و ليس فقط التجمع الوطني للأحرار.
وأما رشيد الطالبي العلمي، القيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد نفى أن يكون السبب وراء سحب المقترح هو استخفاف الحزب باللغة الأمازيغية أو تراجعه عن موقفه منها، قائلا: “لم يتم سحب مقترح قانون ترسيم الأمازيغية (جعلها لغة رسمية) فقط بل جميع مقترحات القوانين التنظيمية تماشيا مع توجيهات الملك محمد السادس باعتماد التوافق والانفتاح وروح التشارك في إعداد وإخراج القوانين التنظيمية باعتبارها نصوصا مكملة للدستور”، مشيرا إلى أن “الحزب أصدر بيانا عقب القرار الذي اتخذه يوضح فيه أنه كان سباقا وأكثر إيمانا بضرورة إخراج هذا القانون إلى حيز الوجود وبأنه سيظل مجندا في دفاعه عن هذا الاختيار”.
ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية حول عدد الأمازيغ في المغرب، تشير تقديرات غير رسمية إلى أنهم يشكلون أكثر من نصف سكان البلاد، مع العلم بأن الحركة الأمازيغية تطالب منذ عقود بالاعتراف بهذا المكون الثقافي في الإعلام والمدارس ومختلف المؤسسات الرسمية في المملكة، وتتهم السلطة السياسية في البلاد باعتماد “الإقصاء والتهميش” في حق هذه الثقافة.