تأخذ الدولة الضريبة من المواطن لقاء الخدمات التي تقدمها كبناء المدارس والمشافي والطرقات والحدائق والجسور والبنى التحتية الأخرى، ولكي تصرف رواتب على موظفي القطاع العام الذين توظفهم في قطاعات عديدة كالمدرسين والمهندسين والأطباء والممرضين والمهن الأخرى التي تتكفل الدولة بتوظفيهم في القطاعات التي تتولى إدارتها.
إذن ما ستدفعه الدولة للموطن هي نفقات والتزامات، ولأن الدولة لا تقوم بعملية تجارية تهدف من ورائها للتربح فهي تقدم الخدمات للمواطنين بشكل مجانٍ كما هو حاصل بالمشافي الحكومية التي يُعالج فيها المواطنون بالمجان والمدارس التي يتعلم فيها الأطفال بالمجان والجامعات التي لا يدفع فيها الطلاب سوى رسوم رمزية، ومقابل ذلك كله تأخذ الدولة جزءًا مما يحصل عليه المواطن من راتبه الشهري أو من الخدمات التي تصل إليه في البيت كالكهرباء والغاز والماء ومن المبيعات التي تفرض على البائع والمشتري وعلى الورادات التي يستوردها التاجر من الخارج وعلى الثروة التي يمتلكها المواطن، وعلى العقار سواء في حال الشراء أو الأجار.
تحصل الدولة بموجب ضريبة المبيعات على نسبة من المدفوعات التي يدفعها المواطن في عملية بيع معينة، فعلى سبيل المثال لو افترضنا أن دولة ما تفرض ضريبة على المبيعات بنسبة 5% فلو تناولت وجبة في مطعم قيمتها 100 دولار فإن الضريبة التي ستدفعها 5 دولارات زيادة على ثمن الطعام الذي تناولته تذهب لخزينة الحكومة، تقوم الدولة بجبايتها من المطعم بشكل دوري من خلال النظر في إجمالي المبيعات التي حققها المطعم وإلزامه بدفع 5% منها.
ويحدث نفس الأمر عندما يشتري المواطن حاجياته ولوازمه من الأسواق التجارية ستظهر له ضريبة مبيعات، الحكومة التركية تفرض ضريبة موحدة على المبيعات قدرها 18% تأخذها الدولة من المواطن بطرق معينة بحيث لا يشعر المواطن أنه يدفع من مئة يدفعها في المطعم أو في المتجر 18 ليرة فتاجر الجملة يتحمل جزءًا منها وتاجر المفرق يتحمل جزءًا والمواطن في النهاية يتحمل جزءًا.
وتتنافس الدول فيما بينها على تخفيض الضريبة؛ فالضرائب المنخفضة تحفز الاستثمار وتجذب المستثمرين الأجانب لفتح مشاريع في البلد لأن الحكومة لن تقتطع سوى جزء قليل جدًا من دخولهم التي حصّلوها من استثماراتهم.
لماذا تختلف الضريبة بين بلد وآخر؟
الحكومة تقوم بخدمات مختلفة في المجتمع وتبني البنى التحتية وتوظف الموظفين والمدرسين والأطباء وغيرهم، فضلاً أنها تدعم سلع أساسية غذائية ومشتقات نفطية، ومقابل كل هذا تعمد الحكومة لجباية الأموال من المواطنين لقاء تلك الخدمات المختلفة التي قدمتها، وقد يتساءل أحدهم لماذا لا تطبع النقود! طباعة النقود لها أثر سلبي على النقود نفسها وعلى المستوى العام لأسعارالسلع والخدمات في المجتمع؛ فكمية النقود في مجتمع ما يجب أن تتناسب مع كمية السلع والخدمات المنتجة في ذلك المجتمع، وعليه إذا كانت البلد تمتلك ثروات باطنية وتقوم ببيعها في الأسواق العالمية وتحصل من هذه المبيعات على أموال تسد بها رواتب الموظفين لديها والخدمات التي تقدمها، في هذه الحالة لا تفرض الحكومة ضرائب كما يحصل في دول الخليج التي تصدر النفط وتتحصل منه على الأموال اللازمة.
في حال لا توجد ثروات تعمد إلى فرض ضرائب متنوعة لتوفير الأموال، كما في دول مثل سنغافورة وإمارة دبي مثلاً، وهناك بلدان لديها ثروات طبيعية هائلة ولكن لا تعتمد على إيراداتها للقيام بما يتوجب عليها القيام به في المجتمع، فتعمد إلى فرض ضريبة عادلة.
إذن اختلاف الضريبة من بلد لآخر يرجع إلى غنى الدولة نفسها بالموارد الطبيعية الريعية التي لا تحتاج إلى جهد كبير لإنتاجها وبيعها.
مقارنة بين الضريبة في مصر وتركيا
تقدر ضريبة الدخل في مصر بحسب قانون الضريبة على الدخل المنشور في الجريدة الرسمية في مصر في أغسطس/ آب 2015 على الشكل التالي:
الشريحة الأولى: حتى 6500 جنيه في السنة معفاة من الضرائب.
الشريحة الثانية: أكثر من 6500 جنيه حتى 30.000 جنيه: 10%.
الشريحة الثالثة: أكثر من 30.000 جنيه حتى 45.000 جنيه: 15%.
الشريحة الرابعة: أكثر من 45.000 جنيه حتى 200.000 جنيه: 20%.
الشريحة الخامسة: أكثر من 200.000 جنيه: 22.5%.
بينما أسعار ضريبة دخل الفرد في تركيا لعام 2016 على الشكل التالي:
الشريحة الأولى: حتى 12.600 ليرة تركية: 15%.
الشريحة الثانية: 12.601 حتى 30.000: 20%.
الشريحة الثالثة: 30.000 حتى 110.000: 27%.
الشريحة الرابعة: أكثر من 110.000: 35%.
وفيما يخص ضريبة دخل الشركات التي تفرض على أرباح الأعمال التجارية ففي تقدر ب 20% في حين تقدر في مصر ب 25%.
من خلال النظر بين الشرائح في مصر وتركيا نلحظ الفرق في الضريبة بين كلا البلدين من حيث ضريبة الدخل السنوية، ومن حيث المستثمرالأجنبي فإنه سيفضل تركيا أكثر من مصر لأن الضريبة فيها منخفضة أكثر، علمًا أن الفارق لا يعد كبيرًا.
والجدير بالذكر أن هناك من البلدان مثل بريطانيا تصل نسبة ضريبة الدخل فيها من 45 إلى 55% حيث تحصل الدولة على نصف ما يحصله العامل هناك، وهي من النسب العالية في العالم.
التملص الضريبي
تحاول كثير من الشركات في مختلف البلدان التهرب من الضرائب التي تفرض عليها، وتعمد إلى أساليب محاسباتية مختلفة، من خلال التلاعب بأرقام الدخل فإذا كان الدخل الحقيقي السنوي لشركة ما نحو مليون دولار مثلاً فيقوم المحاسبين بالتلاعب بالفواتير لخفض الدخل إلى مئة ألف دولار وبهذا تدفع الشركة الضريبة لشريحة المئة ألف دولار فقط، وهذا تهرب ضريبي، في حين يوجد من يخالف القوانين الضريبية بشكل كامل حيث يقوم بفتح شركة وهمية في بلدان تقدر ضريبة رأس المال فيها قريبة من صفر، فيحول المبالغ المالية التي تستحق عليها الضريبة إلى حسابات الشركة الوهمية ويتملص من الضريبة وهذا العمل يعتبر غير قانوني وتصل عقوبته في بعض البلدان إلى السجن.