“الشعب يريد إسقاط المُحاصصة”
علت أصوات نواب البرلمان العراقي أمس 12 أبريل 2015 بهذا الهتاف، بعد أن أعلن رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، عن رفع الجلسة وتأجيلها إلى الخميس المقبل دون أن يوضح أسبابًا للتأجيل، كان من المؤمل أن يتم في هذه الجلسة التصويت على قبول أو رفض التشكيلة الوزارية الجديدة التي قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي، ضمن خطته للإصلاح.
تمثلت التشكيلة الجديدة المقترحة بكل من: آن نافع أوسي لوزارة الإعمار، فالح الفياض لوزارة الخارجية، موسى جواد الموسوي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، علاء عبد القادر العبادي لوزارة الشباب والرياضة، جبار علي لوزارة النفط، ويوسف علي الأسدي لوزارة النقل، وتشير القائمة أيضًا، إلى ترشيح، علاء غني حسين لوزارة الصحة، حسن الجنابي لوزارة الموارد المالية، صلاح رشيد محارب لوزارة الكهرباء، أمل سهام القاضي لوزارة التربية، ووفاء جعفر المهداوي لوزارة التخطيط، نزار ناصر العتابي لوزارة العمل، أوميد أحمد محمد لوزارة التجارة، ومحمد جاسم محمد لوزارة العدل.
مصادر كردية مسؤولة: “القوى الكردستانية لم تقدم حتى صباح الثلاثاء مرشحيها لرئيس الوزراء حيدر العبادي”
يذكر أن التشكيلة الجديدة خلت من ترشيحات لكل من وزارتي المالية والصناعة؛ حيث إن المكون الكردي لم يقدم مرشحيه بعد، تأتي هذه التشكيلة كمحاولة أخيرة من رئيس الوزراء حيدر العبادي تشكيل حكومة التكنوقراط التي وعد بها.
لم تكن الترشيحات التي طرحها العبادي اليوم هي الأولى؛ فقد سبقت بتشكيلة أخرى طرحت بالتزامن مع إنهاء اعتصامات المنطقة الخضراء بقيادة مقتدى الصدر في 30 مارس 2016، استمرت اعتصامات المنطقة الخضراء لأسبوعين في بغداد قبل أن يقوم السيد مقتدى بدعوة أتباعه إلى إنهاء اعتصام المنطقة الخضراء، ومنح السيد العبادي 10 أيام للبدء بالتشكيلة الوزارية الجديدة.
انقضت المهلة يوم السبت الماضي، بعد ان أجلت الجلسة ليوم الثلاثاء لتؤجل مجددًا للخميس المقبل.
ما إن أعلن الجبوري عن تأجيل الجلسة، حتى سادت الفوضى قاعة البرلمان وعلت أصوات النواب مطالبة بإلغاء المحاصصة الطائفية في توزيع الوزارات، وإقالة الرئاسات الثلاث وفك الحكومة.
بعد 2003، انتهج العراق منهج “المحاصصة الطائفية” في توزيع السلطات، والذي يتمثل بتوزيع المناصب السياسية على الكُتل وفقًا لخلفيات طائفية؛ دينية وعرقية، وأصبح لكل مكون نسبة في الحكومة تتناسب مع عدد أفراد هذا المكون.
حنان الفتلاوي: “لأول مرة تدب الحياة في المجلس، لأول مرة ينتفض النواب على إرادة رؤساء الكتل”
قبل بدء الجلسة بساعات قليلة، عقد اجتماع داخل قبة البرلمان بين الرئاسات الثلاث ورؤساء الكتل، شهد الاجتماع انقسامات حادة بين رؤساء الكتل حول الأسماء المرشحة للحقائب الوزارية.
ظهر النواب بمظهر المتمرد على قادة كتلهم السياسية، حيث إن قادة الكتل السياسية كانوا قد وقعوا على وثيقة الإصلاح الوطني التي رفضها النواب، تضمنت الوثيقة 12 بندًا، أهمهم: إنشاء مجلس سياسي استشاري يضم في عضوية قادة القوى السياسية بالدولة، وتقديم الكتل السياسية مرشحيها إلى رئيس الوزراء ويكون له الحق باختيار الأسماء بما يؤكد الشراكة الوطنية.
تضاربت الأنباء حول أعداد النواب المعتصمين، إلا أن الرقم 120 كان الأكثر انتشارًا، بينما ذكرت وكالات أنباء أخرى أن عدد النواب 166 نائبًا، فشلت محاولة السيطرة على النواب وإرغامهم على الخروج من القاعة، لتنسحب بعدها الرئاسات الثلاث ويبقى المعتصمون، تم قطع التيار الكهربائي، في محاولة أخيرة لإرغامهم على الخروج، إلا ان هذه المحاولة بائت بالفشل.
“نعم نعم للدستور .. كلا كلا للمحاصصة”
تشابكت أصوات النواب بهتافات مناهضة للمحاصصة، علمًا أنهم جميعًا الأولاد الشرعيون لنظام المحاصصة الطائفي ذاته، مما أثار سخرية رواد مواقع التواصل الاجتماعي منهم، كما وتردد بين الهتافات هتاف “نعم نعم للدستور” الهتاف الذي يتنافى مع ما فعله النواب بحسب تصريح مسؤول في الدائرة القانونية النيابية:” الفوضى التي سادت البرلمان العراقي تمثل خرقًا للدستور العراقي والنظام العام، وستتم محاسبة المتسببين بهذه الفوضى؛ كونهم لم يلتزموا بقواعد الدستور” .
سُربت تسجيلات فديو للفوضى الحاصلة في البرلمان من قِبل بعض البرلمانيين، بدأت بعدها موجة للترويج لما يحدث في بعض القنوات الإعلامية على أنه “ثورة ضد الفساد” الأمر الذي تهدف إليه إصلاحات العبادي والوثيقة التي رفض النواب أن يوقعوها، أيضًا انتشرت بعدها صور لبعض الأعضاء وهم يتوالون في الجلوس على كرسي رئيس البرلمان، ليتبعها تصريح يفيد أن الأعضاء ماضون غدًا بعقد جلسة طارئة يرؤسها النائب الأكبر في السن إسكندر وتوت في حال امتناع سليم الجبوري عن الحضور.
تأثر الشارع بما حدث في البرلمان وبدأت بعض المظاهرات في مدن مختلفة من العراق.
من جانبه أكد سليم الجبوري في حوار أجراه على قناة الشرقية مساء الأمس، أن جلسة البرلمان ستعقد يوم الخميس القادم، كما خُطِط لها.
ردود الفعل الأولى من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تمثلت بعدم الثقة بالنواب المعتصمين والرئاسات على حد سواء، حيث يستغرب البعض كيف ينادي النواب بإنهاء المحاصصة وهم أكبر المستفيدين منها، ولماذا لم يطالبوا بإنهائها من قبل، ويرى آخرون أن إصلاحات العبادي شكلية مادام رؤوس الفساد في السلطة، وأن الكابينة الوزارية الجديدة لن تحمل تغييرًا أكبر من تغيير الوجوه الحالية.
يرى مراقبون أن الساعات القليلة القادمة، سيكون لها أثر كبير في تحديد ملامح الفترة المقبلة؛ فهل ستحل الحكومات الثلاث ويسقط نظام المحاصصة؟