تأتي زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود لتركيا لحضور أعمال مؤتمر القمة الإسلامي المنعقد حاليًا بمدينة إسطنبول في زيارة هي الثانية من نوعها منذ جلوسه على كرسي العرش في المملكة، لتضع العديد من الأسئلة حول ما وصل إليه قطار العلاقات بين البلدين، فضلاً عن السيناريو المتوقع لما يمكن أن تكون عليه مستقبلاً.
زيارة سلمان لأنقره جاءت بعد إقامة مطولة في مصر استمرت أربعة أيام التقى فيها برؤوس النظام المصري دون استثناء (الرئيس – الحكومة – البرلمان – أساتذة الجامعات – الأزهر الشريف – الكنيسة )، ومن ثم – وحسب أقوال الخبراء – تأتي زيارة عاهل السعودية لتركيا محمّلة بالعديد من الرسائل داخل العقل الملكي السعودي.
العديد من الملفات التي لا يختلف عليها أحد ستتصدر مشهد المباحثات بين الجانبين سواء خلال أعمال القمة الإسلامية أو عبر اللقاءات الجانبية على هامشها، في مقدمتها القضية السورية واليمنية وضرورة تقليم أظافر طهران في المنطقة من خلال التصدي لأذرعها السياسية والعسكرية في المنطقة، لكن يبقى السؤال: ماذا عن الملفات الخلافية بين الطرفين وفي مقدمتها الموقف من النظام المصري وعلاقة أنقرة بإيران؟
أنقرة – الرياض.. تاريخ مشترك
العلاقات بين الرياض وأنقره تعود إلى بدايات قيام مملكة آل سعود في شبه الجزيرة العربية، تحديدًا في أغسطس 1929م، حيث توقيع اتفاقية سلام وصداقة مشتركة بين الجانبين، وبدأت مرحلة تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين هنا وهناك، وتعاون مثمر في المجالات السياسية والاقتصادية.
ثم جاءت أزمة النفط في الثمانينات أثناء حرب الخليج، لتجمع الدولتين في خندق واحد، حيث واجهت الدول المُصدرة والمستوردة للنفط مشاكل عديدة في قضية تمديد أنانبيب توصيل نفط جديدة كبديلة لتلك الأنانبيب الممتدة من العراق، ونظرًا لأن المملكة العربية السعودية، من أكبر الدول المُصدرة للنفط، والجمهورية التركية، الدولة المستوردة للنفط من السعودية عبر العراق، كانتا أكثر الدول المتضررة من تلك الأزمة، وهو ما ساهم بشكل كبير في تقريب وجهات النظر بين الجانبين ودعم العلاقات بينهما.
وفي 1984م، ولأول مرة منذ قيام المملكة، زار الرئيس التركي آنذاك “كنعان إيفرين” المملكة العربية السعودية، وأعقب زيارة إيفرين زيارة رئيس الوزراء التركي “تورغوت أوزال” أيضًا في نفس العام، لإيجاد طرق جديدة لتمديدات النفط المُصدر وإرساء علاقات متبادلة مشتركة ونشطة بين الطرفين، كما شهدت ثمانينات القرن الماضي ربيعًا في العلاقات بين البلدين في شتى المجالات.
وفي بداية التسعينات من القرن الماضي، ساهم الموقف المشترك بين أنقره والرياض حيال العدوان العراقي ضد الكويت في تقوية العلاقات بين البلدين، حيث دعم الرئيس التركي، في تلك الفترة، “تورجوت أوزال” الموقف السعودي المعارض لهذه الحرب القائمة.
وفي أغسطس 2006 زار الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود تركيا، في خطوة سماها البعض بـ “التاريخية”، وكان من ثمار هذه الزيارة توقيع 6 اتفاقيات بين البلدين، ومذكرة تفاهم بشأن المشاورات السياسية الثنائية بينهما، إضافة إلى توقيع اتفاقيات خاصة بالاستثمارات، والمجالات الصحية، ووزارتي مالية الدولتين.
في 2 مارس 2015، عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، جلسة مباحثات رسمية مع رجب طيب أردوغان، حيث ناقشا آفاق التعاون بين البلدين وكيفية دعمها، وتحويلها إلى تحالف استراتيجي، وهو ما تم الإعلان عنه في زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السعودية نهاية ديسمبر 2015.
في يناير 2016، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ونظيره التركي مولود جاوش أوغلو، في مؤتمر صحفي مشترك بينهما بالرياض، أن للسعودية وتركيا مواقف مشتركة تجاه الأزمة السورية والتدخلات الإيرانية في المنطقة.
واقتصاديًا، فقد شهد التعاون في المجال الاقتصادي بين البلدين تطورًا منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني، عام 1973، وتشكلت على ضوء الاتفاقيات السابقة اللجنة السعودية التركية المشتركة، ومجلس رجال الأعمال السعودي التركي.
محددات العلاقات بين البلدين
ترمومتر العلاقات بين أنقره والرياض تأثر بالعديد من المحددات والملفات التي تعكس قبلة السياسة الخارجية لكلا الدولتين في ظل حالة الزخم السياسي والاقتصادي التي تخيم على أجواء المنطقة في السنوات الأخيرة.
الكاتب التركي، طه داغلي، الصحفي بجريدة “صباح” التركية، نوّه إلى عدد من القضايا أسماها بـ “المحددات العشرة” والتي ترسم أبرز الخطوط العريضة في خريطة العلاقات بين السعودية وتركيا، حيث قسم هذه المحددات إلى قسمين، الأول: محددات إيجابية، وتشمل القضايا ذات التوجه المشترك وتتمثل في (القضية السورية – الأزمة اليمنية – مكافحة الإرهاب)، الثاني: محددات سلبية، وتشمل القضايا الخلافية والتي تزيد هوة الخلاف بين الجانبين، وتتمثل في (إيران – مصر – الإخوان المسلمون – الربيع العربي – دعم الديمقراطية – الطاقة – قطر).
القضية السورية
تعد الأزمة السورية الحالية المحور الأساسي الذي يزيد العلاقات السعودية التركية متانة وقوة، إذ تتطابق الرؤى حيال الموقف في سوريا وضرورة التخلص من بشار الأسد ونظامه والانتصار للثورة الشعبية في مواجهة الدعم الإيراني الروسي بعدما كانت عليه من خلافات نسبية قبيل أحداث 30 يونيو في مصر.
مكافحة الإرهاب
من المحددات التي لعبت دورًا محوريًا في توطيد العلاقات بين السعودية وتركيا الاتفاق على مكافحة الإرهاب من خلال السعي لتجفيف منابع تمويل المنظمات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش الإرهابي والذي ساهم بشكل كبير في زعزعة الاستقرار بالمنطقة فضلاً عن استهدافه للعديد من الأهداف السعودية والتركية في أماكن مختلفة.
وتعد تركيا والسعودية بين الدول الإقليمية، الموقعة على الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تهديدات تنظيم “داعش”، وقادت السعودية في وقت سابق من هذا العام بمبادرة لتشكيل تحالف عسكري إسلامي من 34 دولة، ضد الجماعات الإرهابية المتطرفة، وقالت تركيا إنها ستشارك في التحالف.
الملف المصري والإخوان المسلمين
أما فيما يتعلق بالمحددات السلبية التي ساهمت بشكل محوري في توسيع الهوة بين الجانبين، فجاءت المسألة المصرية في الصدارة، إذ تعد أهم نقاط الخلاف بين السعودية وتركيا لاسيما عقب أحداث 30 يونيو 2013 والتي أطاحت بالدكتور محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب، وإسقاط الإخوان المسلمين بعد عام واحد فقط من الحكم، حيث اعتبرت أنقرة ما حدث انقلابًا على الشرعية، ورفض التعامل مع النظام الجديد، وبذلت قصارى جهدها لفضحة على المستوى الإقليمي والدولي، وفي المقابل تعاملت الرياض مع تلك الأحداث كونها ثورة شعبية أتت بنظام جديد.
إيران
يبدو أن الحكومة التركية في موقف لا تحسد عليه خاصة أنها ترتبط بعلاقات اقتصادية وثيقة مع طهران، في نفس الوقت الذي ترتبط فيه بعلاقات سياسية اقتصادية قوية مع الرياض، كذلك من الملاحظ أن تحسن العلاقات مؤخرًا بين طهران وأنقرة جاء على غير هوى الإدارة السياسية في الرياض، وهو ما تسبب في أزمة بين الدولتين تلمسها المقربين من دوائر صنع القرار في الجانبين وإن لم يعلن عنها بصورة رسمية، وهو ما تجسد في رد الفعل حيال زيارة أردوغان الأخيرة لإيران.
ومن الواضح أن أنقرة تعاني من حالة حيرة سياسية كبيرة في ظل تصاعد الصراع السعودي الإيراني على الرغم من إعلان تركيا مشاركتها في التحالف الإسلامي الذي أعلنت عنه السعودية منذ فترة لمحاربة الإرهاب، كما أن مشاركة الجيش التركي في مناورات رعد الشمال التي دعت إليها المملكة، وتعاظم خطر الإرهاب الداعشي في تركيا والذي أصبح يضرب المناطق الحيوية فيها وهو ما عانت منه المملكة من خلال تفجير عدد من المساجد خلال العام الماضي ويمثل تنظيم الدولة تهديد وتحدي مشترك للبلدين.
كذلك الدور المحوري الذي قامت به تركيا كوسيط بين إيران والغرب في الملف النووي ساهم بشكل كبير في تحسين العلاقات بين طهران وواشنطن وهو ما انعكس سلبًا على علاقة السعودية بالولايات المتحدة خاصة مع تولي حسن روحاني مقاليد الأمور في إيران
وتتجلى الحيرة التركية في أن طهران أصبحت دولة جاذبة للاستثمارات التركية ورجال الأعمال الأتراك وهم مقربون من الرئيس التركي نفسه؛ فالورقة الاقتصادية أصبحت تغازل عيون أنقرة منذ بدء رفع العقوبات الغربية على إيران مع بداية العام وكانت زيارة رئيس الوزراء التركي داود أوغلو كانت لحث إيران على لعب دور إيجابي في الأزمة السورية وأيضًا لمناقشة العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وتسعي الدبلوماسية السعودية من خلال الزيارة الحالية إلى خلق نوع من التوافقات السياسية لتقريب المسار السياسي بين تركيا والسعودية لخلق محور لمواجهة التمدد الإيراني في المنطقة وذلك من خلال تقديم امتيازات استثمارية لرجال الأعمال الأتراك في ظل سعي المملكة لخلق فرص واعدة للاستثمار فيها.
القضية الفلسطينية
بالرغم من الرؤى المشتركة بشأن الدفاع عن القضية الفلسطينية ودعمها في مواجهة الاعتداءات الصهيونية إلا أن تعامل الحكومتين – السعودية والتركية – مع القضية أفرز نوعًا من الخلاف الدفين بين الجانبين، حيث بات الصراع على تصدر المشهد هو الهاجس الذي أقلق نوم الحكام هنا وهناك.
ففي الوقت الذي تنتفض فيه تركيا للدفاع عن فلسطين، من خلال شن هجومًا لاذعًا على الممارسات الصهيونية بحق الأشقاء الفلسطينين العزل في غزة، نجد تأخر رد الفعل السعودي أو الصمت المتجاهل لما يحدث أكبر كاشف لتراجع دور الرياض مقارنة بما أقدمت عليه أنقرة، وهو مايضع الإدارة السعودية في حرج أمام شعوب المنطقة.
الموقف القطري
التقارب التركي القطري لاسيما فيما يخص بالموقف من الأحداث في مصر منذ 30 يونيو 2013 وحتى الآن ساهم بشكل كبير في توسيع بقعة الخلاف بين أنقرة والرياض، فقطر هي الدولة الوحيدة التي خرجت عن عباءة التعاون الخليجي في توجهاته ومواقفه إزاء الخلاف التركي المصري القائم، وهو ما تسبب في أزمة دبلوماسية بين قطر ودول الخليج بزعامة السعودية، وانعكس سلبًا على العلاقات الخليجية التركية.
ثورات الربيع العربي
من المحددات الخطيرة في توجيه دفة العلاقات التركية السعودية، الدعم الهائل الذي توليه حكومة أردوغان للحريات والثورات الشعبية والديمقراطية في دول الربيع العربي، وهو ما تسبب في تصدع كبير في جدار العلاقات بين البلدين، لاسيما وأن الرياض لا تعترف مطلقًا بأي من تلك الثورات، حيث تتعامل معها باعتبارها مؤامرات خارجية تسعى لزعزعة الاستقرار في المنطقة.
اتفاقيات الطاقة
الكاتب التركي طه داغلي اختتم محددات العلاقات التركية السعودية بالدور الذي تلعبه أنقرة في سوق الطاقة في المنطقة، قائلاً: “بالطبع تعد الاتفاقات التي أبرمتها تركيا مع أذربيجان وحكومة شمالي العراق في مجال الطاقة تسببت في قلق دول الخليج العربي، وتوتر العلاقات البينية، وهو ما يعكسه الإعلام الخليجي، وعلى رأسه الإماراتي والسعودي”.
تحييد ملفات الخلاف
بالرغم من الخلافات المحورية في توجهات كلا البلدين في بعض الملفات الإقليمية إلا أن أنقرة والرياض حافظتا على علاقات ثنائية جيدة بعيدًا عن أي تصعيد أو مشاحنات قد تغلق الباب أمام كلا الطرفين.
أنقره المرتبطة اقتصاديًا بالسعودية عبر بوابة النفط وما إلى غير ذلك من المشروعات العملاقة المشتركة بين الجانبين، فضلاً عن الارتباط الأبدي بالحج وأداء المشاعر المقدسة، لا ترغب على الإطلاق في إحداث أي شرخ في العلاقات مع الرياض، لاسيما وهي تعلم دور السعودية إقليميًا في الآونة الأخيرة، لذا فالإدارة السياسية التركية حريصة تمامًا على استمرار العلاقات البناءة بين الجانبين مهما كان حجم الخلاف.
أما الرياض فلا تقل حرصًا من أنقرة في الحفاظ على علاقات جيدة معها، فالتحديات التي تواجهها حكومة خادم الحرمين سواء في اليمن أو سوريا أو إيران تجبرها على فتح صفحات من العلاقات الجيدة مع كل القوى الإقليمية ذات الثقل العسكري والسياسي، ومن ثم لم تجد الرياض حرجًا في تقوية علاقتها مع أنقرة في الوقت الذي تعارض فيه إدارة أردوغان وبشدة النظام المصري وعبد الفتاح السيسي الحليف الاستراتيجي للرياض، فضلاً عن التقارب الشديد بين تركيا وإيران منذ رفع العقوبات الاقتصادية عن طهران، فالرياض لا تريد أن تخسر أحدًا، لاسيما في هذه الأوقات، ومن ثم ستغض الطرف عن أي محاور خلافية في سبيل دعم ملفيها الأكثر أهمية لها، اليمني والسوري.
وبالجملة فإن أحد أهم أسباب نجاح وقوة العلاقات بين البلدين هو قدرة الطرفين على تحييد ملفات الخلاف بينهما، وتركيزهما على الملفات التي يتبنيان فيها وجهة نظر واحدة أو متقاربة.
زيارة سلمان للقاهرة
جاءت زيارة عاهل السعودية لمصر خلال الأيام الماضية مفاجأة للجميع، فبالرغم من التأويلات التي قيلت هنا وهناك بشأن الخلاف المصري السعودي ووقف الدعم النفطي للقاهرة إلا أن وقائع الزيارة وما تم فيها جاء على عكس بوصلة الرأي العام المصري.
سلمان الذي يفضل المكوث في بلاده والتقليل من الزيارات الخارجية ها هو ينطلق إلى مصر في زيارة استغرقت أربعة أيام تفقد خلالها البرلمان وجامعة القاهرة والأزهر الشريف واستقبل بابا الكنيسة، وقع خلالها عددًا من الاتفاقيات كان من بينها إعادة ترسيم الحدود والتي أشعلت الشارع المصري ضد السيسي وحكومته.
سلمان “البراجماتيكي” لم يدخر جهدًا في جمع كل من حوله من أجل تكوين تحالف ضد المد الإيراني، الجبهة الشرقية ناحية الدمام، والموقف في الجنوب ناحية اليمن، والأزمة في سوريا ولبنان والعراق، كل هذه الجبهات المفتوحة ضد نظام آل سعود دفعت سلمان لتقديم ما يمكن تقديمه من أجل إنشاء كيان موحد للدفاع عن المملكة في مواجهة المد الصفوي الشيعي.
العاهل السعودي على علم تام أن تركيا ومصر من بيدهما خيوط اللعبة في الشرق الأوسط لما يمتلكانه من جيش قوي، وأن حالة الانقسام والخلاف بين الجانبين المستفيد الأول منها هو إيران، ومن ثم فلا بد من بذل قصارى الجهد لتقريب وجهات النظر مهما تكلف الأمر، وهذا ما سعى إليه سلمان خلال زيارته للقاهرة، ومن بعدها السفر إلى تركيا.
قمة إسطنبول وأجندة البلدين
من الواضح أن اللقاءات التشاورية بين أردوغان وسلمان على هامش القمة الإسلامية المنعقدة الآن في إسطنبول، فضلاً عن الاجتماعات التي سبقتها بين الطرفين، ستسعى إلى التركيز على الملفات المشتركة والتي تتطابق فيها الرؤى والتوجهات خاصة فيما يتعلق بالموقف في سوريا وضرورة الإطاحة بنظام الأسد، فضلاً عن ضرورة التصدي للأذرع السياسة والعسكرية الإيرانية في الدول العربية لاسيما في اليمن ولبنان والعراق.
أما فيما يتعلق بالموقف في مصر فسيحاول سلمان جاهدًا الوصول إلى نقاط مشتركة كأرضية تمهيدية لبناء علاقات مع نظام عبد الفتاح السيسي، وسيسخِر عاهل السعودية كافة جهوده لنزع اعتراف رسمي من أردوغان بشرعية السيسي، حتى وإن تعارض ذلك مع معتقدات أنقرة.
وفي المقابل سيحمل سلمان رسالة طمأنة لـ “أردوغان” بشأن التوصل لحل سياسي للأزمة في مصر، وتقديم القاهرة لبعض التنازلات فيما يتعلق بجماعة الإخوان المسلمين، كبادرة “حسن نية”.
ملك السعودية “البراجماتيكي” سيعزف على وتر المصالح المشتركة، والتحديات الإقليمية التي تواجه الأطراف الثلاثة (القاهرة – الرياض – أنقرة)، ومن ثم فلا بديل أمامهم إلا الالتقاء على مائدة واحدة وتكوين جبهة موحدة ضد النفوذ الإيراني في المنطقة، وهذا ما تسعى إليه الرياض مهما كلفها الأمر.. فهل ينجح في ذلك؟
لذا يمكن القول بأن القمة الإسلامية الحالية والتي جاءت بعد ثلاث سنوات من انعقادها في القاهرة، وما تلاها من قمة طارئة في جاكرتا لدعم القدس الشريف، وإدانة التدخلات الإيرانية في المنطقة والاعتداءات على المقار الدبلوماسية في طهران يناير الماضي، يبدو أنها ستيسر على غرار القمة الطارئة في إدانة إيران وحلفائها من الميلشيات الشيعية المسلحة مثل حزب الله في لبنان وجماعة الحوثي في اليمن والدعوة للحل السياسي في سوريا ومكافحة الإرهاب المنتشر في عدد من الدول الإسلامية، وبمعنى آخر فإن أجندة اهتمامات البلدين ستفرض نفسها على مؤتمر القمة الإسلامية.
فهل من الممكن أن تكون القمة الإسلامية المنعقدة في إسطنبول صفحة جديدة في تقريب وجهات النظر بين أنقرة والرياض فيما يتعلق بالملفات الخلافية، لاسيما المتعلقة بإيران والملف المصري؟ أم سيتمسك كل طرف بمعتقداته السياسية وهو مايجعل الوضع على ما هو عليه لحين تغيرات قد تطرأ في المشهد قريبًا، خاصة بعد حالة الغليان التي يشهدها الشارع المصري جراء تخلي حكومة السيسي عن جزيرتين للسعودية بزعم أنهما تابعتان للرياض منذ خمسينات القرن الماضي، وهو ما زاد من حدة السخط الشعبي ضد النظام الحاكم في مصر الآن.