المعادلة سهلة، حينما تريد السيطرة على مواطني بلادك، فقط عليك اللجوء لقوة الدين، أو من يطلق عليهم على مدار التاريخ “شيوخ السلطان” و”قساوسة السلطة”، لتبرير ما تفعل أو ما ستفعل أو حتى ما تفكر في فعله، والعمل على إصباغ سلطتك السياسية بمسحة دينية، وعلى نفس النسق سارت الكنيسة باستغلال سلطتها الروحية في تدجين رعاياها لتأييد الحكام.
على مدى التاريخ الحديث وفتاوى “شيوخ السلاطين” و”قساوسة السلطة”، تثير السخرية والضحك خصوصًا حينما يبتعدون بفتاواهم عما أمر به الله من رفض الظلم، والبعد عن النفاق والمداهنة للحاكم المستبد والعادل على حد سواء، بل أنهم في المواقف التاريخية التي كانت تستدعي تدخلهم بمواقف قوية ضد استبداد الحكام، كانوا يركنون لدعمه والتسبيح بحمده.
عادة ليست جديدة
تاريخ فتاوي “شيوخ السلطان” و”قساوسة السلطة”، بمصر بدأ مع الحياة السياسية بمصر في منتصف الستينات من القرن الماضي حينما قرر فجأة الشيخ محمود شلتوت، الإمام الأكبر للجامع الأزهر وقتها، الدخول لعالم السياسة بفتواه بأن الصلح مع الكيان الإسرائيلي حرام شرعًا، متوافقًا وقتها مع نزعة إلقاء إسرائيل في البحر تحت قيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، قبل أن يعود نفس الشيخ في عهد السادات ويفتي بأن الصُلح مع الكيان الإسرائيلي حلال، وأيد مع البابا شنودة وقتها اتفاقية كامب ديفيد!
قبل ذلك بسنوات قليلة وفي نهايات الأربعينات وأوائل الخمسينات، كان مشايخ الأزهر الشريف من أكثر مؤيدي الحكم الملكي بقيادة الملك فاروق، قبل أن يبادر نفس الأشخاص بإصدار بيان تأييد لجمال عبدالناصر وثورة يوليو 1952، واصفينها بـ “الحركة المباركة التي كرم الله بها الإنسانية وأذهب بها النظام الجاهلي”.
حد الحرابة
وفي نفس العام 1952، كانت الفتوى المثيرة للمفكر الإسلامي سيد قطب التي أيد فيها إعدام العمال المتظاهرين بمصنع كفر الدوار، وتطبيق حد الحرابة على المتظاهرين، وكان وقتها قطب ينتظر منصبًا وزاريًا في حكومة عبدالناصر ونجيب، وحينما قضت المحكمة العسكرية وقتها بإعدام العامل “محمد مصطفى خميس”، الذى كان يبلغ من العمر 19 عامًا، والخفير محمد عبد الرحمن البقري، الذى كان يبلغ من العمر 17 عامًا فقط، كتب قطب في جريدة الأخبار مقالاً بتاريخ 15 أغسطس 1952، تحت عنوان “حركات لا تخيفنا”، يطالب فيه التعامل بكل عنف مع العمال الذين طالبوا بحقوقهم فى كفر الدوار، واصفًا تظاهرات العمال بأن وراءها مؤامرة أشعلتها القوى الإمبريالية والاستعمارية، وكتب يقول: “لقد كسبنا المعركة من غير شك وكان أمر الله مفعولًا، لقد أطْلعَ الشيطان قرنيه، فلنضرب بقوة، ولنضرب بسرعة، أما الشعب فعليه أن يحفر القبر وأن يهيل التراب”، داعيًا إلى تطبيق حد الحرابة على هؤلاء العمال المتظاهرين.
الشعراوي في الصورة
خلال حكم الرئيس الراحل أنور السادات، أثارت جملة الشيخ محمد متولي الشعرواي “السادات لا يُسأل عما يفعل”، حفيظة الكثير من الجماهير التي كانت ولازالت تكن له كل التقدير، وجاءت جملة الشعراوي وقتها في سياق جلسة عاصفة لمجلس الشعب، للاعتراض على قضية فساد بوزارة الأوقاف تحولت أحداثها لأزمة ضد الرئيس أنور السادات، ومطالبات بمحاسبته على الفساد، فرد الشعرواي وقتها بالقول “أين كنتم في العهد السابق – يقصد عبدالناصر – والذى نفسي بيده، لو كان لى من الأمر شيء، لحكمت للرجل الذى رفعنا تلك الرفعة – السادات -، وانتشلنا مما كنا فيه إلى القمة، ألا يُسأل عما يفعل”، وهو ما دفع بالشيخ عاشور محمد نصر، عضو المجلس عن حزب الوفد وقتها، إلى الاعتراض بشدة، موجهًا حديثه للشعراوي قائلاً: “اتقِ الله يا رجل لا أحد فوق المساءلة، راعِ ربنا” قبل أن يرد عليه الشعراوي، بقوله: “أنا أعرف بالله منك”.
استمر سيل الفتاوي المؤيدة للحاكم طوال سنوات حكم السادات قبل أن يتم اغتياله بأيدي منتمين للجماعة الإسلامية، ليخلفه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومنذ لحظة جلوسه على كرسي الحكم أدرك مبارك أن استمراره بقصر الرئاسة بقدر ما هو مرتبط بدعم الجيش يرتبط أكثر بدعم المؤسسات الدينية بفرعيها الأزهر والكنيسة، فسارع بالدعوة لاجتماع أسماه “اجتماع الوحدة المصرية” جمع فيه كل الرموز الدينية بالطائفتين، وخرج من الاجتماع بفتوى أن خلافته للرئيس السادات إنقاذًا للأمة والدولة المصرية من الانهيار بعد الاغتيال.
جاد الحق ومبارك
في منتصف التسعينات شهد الاقتصاد المصري حالة من الركود بسبب فتاوى لجنة الإفتاء وقتها بتحريم فوائد البنوك، ووضع المصريين لأموالهم فيها، فسارع مبارك باستدعاء شيخ الأزهر وقتها الشيخ جاد الحق، لاستصدار فتوى منه بإباحة فوائد البنوك وأن تصدر فتوي رسمية من الأزهر بذلك، وكان الأزهر يُحرمها تمامًا، وقال للشيخ جاد الحق إن البنوك توشك على الإفلاس بسبب فتوى الأزهر، ونحتاج فتوى جديدة تحلل وضع الأموال في البنوك، مستغلاً ثقة المواطنين بالأزهر وعلمائه، فما كان من شيخ الأزهر إلا أن انتفض وقال لمبارك بغضب شديد: “ومن قال لك إني أحرم أو أُحلل؟ إن الذي يُحلل أو يُحرم هو الله ولن تتغير فتواي أبدًا أبدًا بتحريم فوائد البنوك”.
نفس الموقف تكرر مع مفتي الديار المصرية الأسبق الدكتور نصر فريد واصل ، حينما عارض فتوى رئيس جمعية أنصار السنة وقتها، التي تجيز توريث الحكم لنجل الرئيس مبارك، ونظرًا لحساسية الفتوى على المستوى السياسى قامت لجنة الفتوى برفض مبدأ التوريث الأمر الذى أغضب مبارك وقتها، ثم تبعتها فتوى مماثلة من واصل ترفض إباحة تصدير الغاز للعدو الإسرائيلى، وكانت نتيجة الرفض إقالة الدكتور واصل من منصبه.
يناير وسيول الفتاوى
مع اندلاع الثورة الشعبية الحاشدة ضد مبارك في الخامس والعشرين من يناير 2011 ، لم يرد “شيوخ السلطان” أن تمر مرور الكرام قبل أن يدلي كل منهم بدلوه، لكنها للمرة الأولى هذه المرة كانت فتاوى مؤيدة وأخرى مناهظة للتظاهرات، فبادر الشيخ يوسف القرضاوي بالدعوة للخروج على مبارك في الثاني من فبراير 2011 بعد موقعة الجمل، مطالبًا بضرورة رحيله بعد الدماء التي سالت في جمعة الغضب وما تلاها، مؤكدًا أن المشاركة الشعبية الحاشدة واجب شرعي وديني على كل قادر بدون أية أعذار باعتبارها “وسيلة للتخلص من الفرعون”.
فتوى القرضاوي تبعتها فتوى مماثلة من الشيخ سالم عبد الجليل أحد علماء الأزهر بصحة الخروج على مبارك، واصفًا الخروج عليه بـ “التمرد الجائز” لأن هناك من حاولوا تقويمه – مبارك -، لكنه رفض ذلك التقويم واستمر في الفساد.
على عكس فتاوى القرضاوي وعبدالجليل، سارع شيخ الأزهر أحمد الطيب في الخامس عشر من فبراير 2011 بإصدار فتوى بعدم الذهاب إلى صلاة يوم الجمعة من الثامن والعشرين من يناير، وأن من يدعو إلى النزول في المظاهرات ليس في قلوبهم ذرة من الإيمان، وأن النزول في المظاهرات حرام وتعد خروجًا على الحاكم، ولحقه المفتي علي جمعة ثم الداعية خالد الجندي، وعدد كبير من رموز التيار السلفي وقتها بالتأكيد على “عدم جواز الخروج على الحاكم ما دام لم يمنع الصلاة حتى لا تنتشر الفوضى، معتبرين سلوك التظاهر يمثل فسادًا عظيمًا، وضحايا الثورة ليسوا شهداءً فهذا ليس طريق الشهادة”!
غزوة الصناديق
تلا فترة ما بعد سقوط مبارك واستلام المجلس العسكري للحكم بمصر فترة من الفتاوى الطريفة، بدأها أحد معممي الأزهر وهو الشيخ عمرو السطوحي بتحريم سماح أي من المواطنين لابنته بالزواج من شخص ينتمي إلى حزب الرئيس الأسبق حسني مبارك، “كي لا يُغضب الله”، فيما أفتى المرحوم الشيخ عماد عفت، أحد ضحايا أحداث محمد محمود الأولى، بأن التصويت لصالح المتعاطفين مع الحزب الوطني حرام شرعًا، بينما أفتى محمد عبد الهادي، أحد قيادات حزب النور “السلفي”، بأن فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية وقتها “مذكور في القرآن”! فيما سادت قبلها فتاوى أخرى تؤكد على ضرورة المشاركة في استفتاء مارس 2011 بالتعديل الدستوري “الملغم” الذي أقره المجلس العسكري وقتها، وأطلق فقهاء السلفية ومشايخ الإخوان على هذا الاستفتاء وقتها “غزوة الصناديق” وهي الغزوة التي تسببت فيما بعد في تلغيم الدستور، ووضع أي حاكم مقبل للبلاد تحت وطأة أحكام المحكمة الدستورية، وما تلاها من حل البرلمان، وأمور أخرى كثيرة.
فتاوى الشريعة
مع نهاية المرحلة الانتقالية في العام 2012 وبداية البحث عن انتخابات رئاسية جديدة، ظهرت على الساحة أحزاب “الحرية والعدالة” كذراع سياسي لجماعة الإخوان، وحزب “النور” السلفي، وأحزاب مدنية كثيرة تعبر عن تيارات الليبرالية والعلمانية بالبلاد، وهنا بدأت فتاوى المشاركة والتأييد في الظهور بكثافة، وعاد الشيخ يوسف القرضاوي للظهور على الساحة فأفتى بـ “ضرورة انتخاب المرشح عن جماعة الإخوان محمد مرسي” مضيفًا أن “انتخاب مرسي سيرضي الله عز وجل ومن لا يختاره آثم، وعلى كل مصري يخشى الله عز وجل وحريص على إرضاء ربه أن يختار مرسي لأنه سيقيم العدل في الأرض”.
وفي نفس السياق أفتى نائب رئيس الدعوة السلفية الشيخ ياسر برهامي فتواه الشهيرة التي تقضي بـ “عدم جواز التصويت للتحالف الديمقراطي من أجل مصر بزعامة حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين”.
وقال في نص الفتوى “إن التحالف الديمقراطي لم يأت لنصرة الدين والشريعة وإحقاق الحق ونصرة المظلوم، وبالتالي يجب أن يكون الاختيار لمن ينصر الدين ويحافظ على الشريعة، والتحالف مع الليبراليين والعلمانيين الذين لا يتبنون قضية تطبيق شرع الله، ليس مِن جنس حلف الفضول الذي كان على نصرة المظلوم، وإحقاق الحق “.
دستور إلهي
وجاءت فترة الاستفتاء على الدستور في العام 2012، لتشهد سيلاً جديدًا من الفتاوى المؤيدة والرافضة للحالة السياسية التي كانت عليها البلاد، فاعتبر المشايخ المحسوبين على جماعة الإخوان أن التصويت على دستور 2012 واجب شرعي، وأفتى الداعية وجدى غنيم بأن من يقول “نعم” سيدخل الجنة وسيأخذ أجر وثواب، فيما دعا القرضاوى في خطبة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة، المصريين إلى الخروج والمشاركة في الاستفتاء على مشروع الدستور، معتبرًا أن التصويت بـ”نعم” به خلاص واستقرار مصر، والتصويت بـ “لا” خسارة كبيرة.
وخلال العام الأول والأوحد من حكم جماعة الإخوان المسلمين بتواجد الرئيس محمد مرسي، تزايدت دعوات الخروج للتظاهر ضد حكم الجماعة، ودشنت حركة تمرد دعوة لجمع توقيعات للمطالبة بالانتخابات الرئاسية المبكرة للإطاحة بجماعة الإخوان، وهنا ظهرت فتاوى من الأزهر الشريف ولجنة الفتوى تخالف فتاواها السابقة، واتجه الأزهر إلى إصدار فتوى تؤكد على “أن المعارضة السلمية لولى الأمر جائزة شرعًا، وأن العنف والخروج المسلح على الحاكم معصية كبيرة لكنه ليس كفرًا، وأن المعارضة السلمية لولى الأمر جائزة ومباحة شرعًا، ولا علاقة لها بالإيمان والكفر”، وهي تخالف تمامًا فتواه خلال حكم الرئيس الأسبق مبارك، وفتاواه فيما بعد مع تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي حكم البلاد.
حرب المشايخ
على الرغم مما سبق من فتاوى وفتاوى مضادة شهدت الفترة من 3 يوليو 2013 إلى الآن سيلاً من الفتاوى المضحكة المبكية، حتى إن بعضها يخالف الواقع تمامًا، لدرجة أنها قد تتعارض في بعضها مع صحيح الدين.
كان اجتماع القوى السياسية حول وزير الدفاع وقتها عبدالفتاح السيسي، خلال إلقائه بيان عزل الرئيس محمد مرسي، مثيرًا للجدل وشهدت الجلسة تواجد شيخ الأزهر والبابا تواضروس، وممثلين عن الجماعة السلفية.
في تلك الفترة أفتى علي جمعة بعدم شرعية مرسي، وضرورة مواجهة المعتصمين في رابعة، واعتبار الإخوان من الخوارج، وهي الفتاوى التي استدعت رد من مؤيدي الإخوان، وبعد عدة أيام من عزل مرسي، أفتى القرضاوى بضرورة مساندة الرئيس مرسي باعتباره الرئيس الشرعي للبلاد، وقال “حرام على مصر أن تفعل هذا، لا يمكن أن يحدث بعد هذا سوى غضب الله”.
وفي فتوى أخرى قال “أدعو المسلمين في مختلف أنحاء العالم أن يصبحوا شهداء في مصر”، وحرض القرضاوي على قتل السيسي بفتوى أخرى قال فيها، “إذا لم يكف الخارج عن الحاكم فالأصل هو قتله، هنالك ولي شرعي ـ- يقصد محمد مرسي ـ- يسمع ويطاع”.
من جهته اعتبر محمد عبد المقصود، نائب رئيس الهيئة الشرعية أن “المظاهرات فرض عين على كل مسلم، والاعتكاف في بيت الله والذهاب لأداء العمرة في بيت الله الحرام سنة، أما الاعتصام في ميدان رابعة العدوية فهو فرض”، أما الشيخ وجدي غنيم الداعية الإسلامي هو الآخر فأدلى بدلوه في معمعة الفتاوى والفتاوى المضادة، فأفتى بتكفير السيسي، وقال “بعد تجميعى للمعلومات ودراستي لها فقهيًا وشرعيًا، أستطيع أن أعلن أن عبد الفتاح السيسي الخائن مرتد عن الإسلام وكافر”.
“نعم تجلب النِعم”
تلا ذلك مجموعة من الفتاوى المثيرة من الجانبين “الأزهر” و”الكنيسة”، فظهر مقال البابا تواضروس في جريدة الأهرام في يناير 2014 يدعو فيه للمشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد بعد عزل الرئيس مرسي، تحت عنوان ” نعم تجلب النِعم”، واتحد معه الدكتور عماد طه، مستشار شيخ الأزهر، حيث دعا أيضًا المواطنين للتصويت بنعم على الدستور والحشد بالملايين أمام صناديق الاستفتاء، للرد على المتاجرين بالدين!
وأفتى الدكتور على جمعة بأن “الله يؤيد كل من يخرج للتصويت بنعم على المسودة، لأنه يعمر الأرض وضد الإلحاد والكفر وتخريب البلاد”، وأضاف “اخرجوا للتصويت بنعم للدستور، وادفعوا بعمالكم ومزارعيكم أمام اللجان الانتخابية لتمرير الدستور”.
في المقابل، أفتى القرضاوى بحرمة تأييد دستور مصر 2014، وقال “أرى أن هذا الدستور باطل دعت إليه سلطة باطلة، وقامت بإعداده لجنة باطلة، وجاءت نصوصه لتكرس للباطل، فأنا أدعو المصريين في الداخل والخارج إلى مقاطعة هذا الدستور، وأفتى بحرمة المشاركة فيه، أو في المساهمة في كل ما يقوى شوكة هؤلاء الانقلابين أو يثبت أركان حكمهم”.
وسار على هذا النهج محمد حسان والحوينى ومحمد حسين يعقوب ومصطفى العدوى وغيرهم، بعد أن أفتوا بتحريم المشاركة في الاستفتاء على دستور 2014 باعتباره يرسخ أقدام العلمانية، ويقضى على الهوية الإسلامية.
غزل صريح
أما أغرب وأطرف تعليقات رجال الدين على اختيار الرئيس عبدالفتاح السيسي لحكم البلاد، فأتت من القس “بولس عويضة” عندما قال واصفًا السيسي: “لما أبص لمنظره أذوب حبًا في جمال منظره وجمال هيئته، حمدت الله أنه اختار لنا رئيسًا وسيمًا وأمور بطبعه”.
القرضاوي لم يصمت هذه المرة أيضًا وأفتى بمقاطعة الانتخابات الرئاسية وقال “المشاركة في انتخابات رئاسة الجمهورية حرام شرعًا، لأنها تقتل الديمقراطية التي جاءت بأول رئيس منتخب للمصريين الدكتور محمد مرسي، وأنا مع كل عمل ضد الانقلاب في مصر يوحد الصفوف ولا يفرقها، ويجمع الجهود ولا يشتتها، ويزرع الثقة ولا يبددها”، وأضاف القرضاوي أن مرشح الرئاسة المصري عبد الفتاح السيسي “مصيبة” على البلاد.
وأفتى عبد الرحمن البر الملقب بـ “مفتي الجماعة” بالجهاد والإمساك بالسلاح ضد الشرطة والجيش واعتبار كل من هو ليس معهم يكون ضدهم، ويوجب عليهم القتال ضده حتى ولم كان سلميًا.
طلاق الإخوانية
في المقابل شكلت فتوى مظهر شاهين إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، بعدم جواز دفن الإخوان في مقابر المسلمين، جانب جديد من جوانب الموالاة للحاكم، قبل أن يضيف في فتوى أخرى مثيرة للجدل، أن “كل زوج يجد زوجته تابعة للإخوان عليه أن يطلقها”، وأضاف، أنّه “من غير المعقول أن تكتشف أن زوجتك التي تنام جوارك هي خلية نائمة تابعة للجماعة الإرهابية وأنت لا تعلم”، متابعًا، “لا مانع أن يضحي الرجل بزوجته إذا كان هذا في مصلحة الوطن، فالتضحية بالأشخاص واجب في سبيل الوطن”.
بعد هذه الفتوى الغريبة بأقل من 24 ساعة خرجت علينا عميدة كلية الدراسات الإسلامية بنات في جامعة الأزهر سابقًا، الدكتورة سعاد صالح، بفتوى تبيح، “فسخ خطبة الشاب من خطيبته إذا كانت تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، بدعوى الحفاظ على الأسرة والدين ومصلحة العائلة والوطن”.
أنبياء جدد
وذهب أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، الدكتور سعد الدين الهلالي، إلى وصف السيسي ووزير الداخلية السابق، محمد إبراهيم، بأنهما “رسولان بعثهما الله لحماية الدين”.
وقال الهلالي، إن “الله بعث رجلين هما السيسي وإبراهيم، كما أرسل من قبل موسى وهارون.
ووصف وكيل وزارة الأوقاف، الشيخ سالم عبدالجليل، معارضي السيسي بأنهم “بغاة يجب قتلهم”، أمّا وكيل وزارة الأوقاف المصري، صبري عبادة، فأكّد، أن “الأمر استقر، وتمّت البيعة لولي الأمر، وهو عبد الفتاح السيسي، والخروج عليه يعتبر خروجًا على ثوابت الإسلام”، مضيفًا أن “الصلاة دليل إيمان ولي الأمر، وبالتالي لا يجوز الخروج عليه بعدما استقرت له البيعة الإسلامية من خلال الانتخابات، وبيعة أهل الحل والعقد من كبار المشايخ، كما لا يجب الخروج عليه بأي عدوان، ومنها التظاهرات”.
وجاءت فترة الانتخابات البرلمانية 2015 لتشهد تراشق رجال الدين المؤيدين والمعارضين، فأصدرت دار الإفتاء المصرية بيانًا استنكرت فيه الفتاوى التي تحرم المشاركة بالانتخابات، والتي اعتبرها شوقي علام مفتي مصر “مسيّسة”، لصد الناس عن الإدلاء بأصواتهم، مؤكدا أنها فتاوى باطلة ومجافية للشرع.
وزاد من طرافة الفتاوى فتوى الشيخ عبدالله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وصف فيها التصويت على اختيار نواب البرلمان بـ “واجب شرعي لا يقل عن الصلاة، ومن يترك هذا الواجب كأنه ترك صلاة واجبة عليه”!.
في المقابل أصدر خالد خليف أحد علماء الأزهر، وعضو جبهة علماء “الجمعية الشرعية” المؤيد لجماعة الإخوان، فتوى بأن من يذهب إلى الانتخابات “يعترف باغتصاب السلطة وينحاز إلى صفوف الظالمين، وهذا حرام شرعًا”، واصفًا إجراءها بـ”الأمر الباطل”.
فضل قناة السويس
وفي أغسطس الماضي، صدرت التعليمات لجميع الأئمة والخطباء، بإلقاء خطبة الجمعة عن فضائل مشروع قناة السويس، وما يعود به على الاقتصاد المصري من فوائد جمّة.
وطُلب منهم أن يستذكروا النصر الذي تحقق للنبي محمد، في غزوة الخندق، تشبيهًا للخندق الذي حفره النبي وأتباعه بتوسعة القناة.
ومؤخرًا وبعد الزوبعة الكبيرة التي أثارها اتفاق ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية ومصر، والاتفاق على إنشاء جسر بري يربط البلدين، سارع وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، للإفتاء بأن “الجسر مذكور في القرآن”، في فتوى لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، لخدام السلطة وشيوخ السلاطين على مر الزمان.