موسم الصيف أصبح على الأبواب، والسياح الروس بدأوا يتوقون لحرارة الشمس والشواطئ الرملية والمنتجعات الدافئة في مصر وتركيا، فاعتبارًا من هذا الشهر التجهيزات ستبدأ من أجل حجز تذاكر الطيران والفنادق وما إلى هنالك من لوازم الرحلة، على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بروسيا اليوم والتقشف وانهيار قيمة الروبل الذي أثر على حجوزات الرحلات الخارجية بشكل عام، فبحسب الإحصاءات الرسمية سجلت السياحة الخارجية الروسية في العام الماضي تراجعًا نسبته 31% أي من 17.6 مليون سائح إلى 12 مليون سائح.
تركيا ومصر استقبلتا العام الماضي قرابة 6 مليون سائح روسي، ما يثير خوف اقتصاد هذين البلدين أنهما يعتمدان على السياحة لتوفير النقد الأجنبي للخزينة وبنفس الوقت يواجهان حظر توجه السياح من روسيا إليهما من قِبل الحكومة الروسية لأسباب أمنية وسياسية حدثت في الفترة الماضية بين روسيا من جهة ومصر وتركيا كل منهما على حدى من جهة أخرى.
وكان وفد روسي توجه إلى مصر للتأكد من سلامة إجراءات الأمان في المطارات هناك، وقد أكد اليوم الخميس الرئيس الروسي فلادمير بوتين أن موسكو سترفع الحظر عن سفر السياح الروس إلى مصر فور اتخاذ كافة التدابير اللازمة لمكافحة الإرهاب، وأضاف بوتين في كلمة له أن الرئيس السيسي يبدي شجاعة بالغة في محاربة الإرهاب الذي يهدد السياح الروس وغير الروس في مصر بعد تحطم طائرة مدنية روسية بعد إقلاعها من مطار شرم الشيخ نهاية السنة الماضية، وقد توقعت شركة “إنتوريست” إحدى كبرى شركات السياحة الروسية اسئناف الرحلات الجوية إلى المنتجعات المصرية في سبتمبر/ أيلول المقبل.
مصر تعتمد بشكل كبير على إيرادات السياحة التي تدر على الخزينة النقد الأجنبي؛ إذ انخفضت عائدات السياحة في البلاد من 7.3 مليار دولار في عام 2014 إلى 6.1 مليار دولار في عام 2015، ويتكلم المسؤولون في مصر أن قطاع السياحة يواجه أعنف أزمة انحسار في حركة السفر الوافدة إلى مصر في تاريخه، والوضع سيزداد سوءًا أكثر في حال لم يرفع الحظر من قِبل الحكومة الروسية على شركات السياحة الروسية لحجز رحلات إلى مصر خصوصًا أن الحكومة المصرية لم تجد بديلاً عن السائح الروسي في ظل الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد كما أن أزمات الترويج لوزارة السياحة المصرية في أوروبا لم تلق نجاحًا كبيرًا.
فيما زار تركيا في العام 2015 نحو 3.54 مليون سائح روسي وفق وزارة السياحة التركية بانخفاض عن السنة التي سبقتها 2014، إذ جاء إلى تركيا نحو 4.38 ميون سائح روسي ضخوا في الاقتصاد التركي نحو مليار دولار، وتعد السياحة في تركيا إحدى ركائز الاقتصاد التركي وتدر على البلاد إيرادات ضخمة وصلت في العام 2014 إلى 36 مليار دولار، وقد نفت الخارجية الروسية حتى الآن ما تردد حول وجود بوادر لتطبيع العلاقات بين موسكو وأنقرة، وهذا يعني استمرار الحظر لأجل غير مسمى.
إلا أن تركيا قد تكون أفضل من سابقتها مصر على الرغم من التفجيرات الإرهابية التي تعرضت لها عدة مدن تركية أهمها أنقرة وإسطنبول استهدفت السياحة التركية بالصميم، من حيث إنها تترقب الدخول إلى فضاء شنغن من خلال تحرير تأشيرات السفر مع دول الاتحاد الأوروبي في القريب العاجل، فالمؤشرات الأخيرة حول الاتفاق الحاصل مؤخرًا بين دول الاتحاد وأنقرة تشير إلى أن موعد تحرير التأشيرة سيكون في يونيو/ حزيران من هذا العام، وقد أكد “محمد أكوموش” رئيس الحركة التركية للسياحة أن الفجوة االتي سيتركها السياح الروس في تركيا يمكن ملؤها من قِبل السياح الأوروبيين وذلك من خلال تحرير تأشيرات السفر مع دول الاتحاد الأوروبي، إذ يمكن للسياح الأوروبيين زيادة عائدات السياحة التركية بين 15 و20 مليار دولار سنويًا.
أما السائح الروسي بعد كل هذا بإمكانه أن يستبدل الرحلات السياحية الخارجية بالسياحة الداخلية وقد أشار نائب رئيس اتحاد الشركات السياحية الروسية “دمتري غورين” إلى أن الروس باتوا يتوجهون لحجز رحلات إلى وجهات داخل روسيا، إلا أن السياحة الداخلية غير محبذة لدى السياح الروس بسبب ارتفاع الأسعار وتدني مستوى الخدمات مقارنة بالوجهات السياحية الخارجية، على الرغم من سعي الحكومة الروسية لتشجيع السياحة الداخلية في الفترة الأخيرة، وإقامت الألعاب الأوليمبية في منتجع سوتشي عام 2014.
لذا في خضم كل هذا تزداد وتيرة المنافسة بين الدول للحصول على حصة الـ 6 مليون سائح الذين زاروا مصر وتركيا العام الماضي قبل الأزمة الحاصلة بين روسيا وكلا البلدين، وقد دخلت على الخط كل من المغرب وتونس وإسبانيا فضلاً عن قبرص والإمارات وبلغاريا.
تونس
واجهت تونس في الفترة الماضية أعمالاً إرهابية في عموم تونس جعلت الفنادق والمنتجعات السياحية التي كانت تعج بالسياح قبل الثورة بعضها يغلق والبعض أفلس، ويرفد قطاع السياحة في تونس عملات أجنبية بنسبة 18- 20% من العملات الأجنبية للبلاد وفي عام 2013 استقبلت تونس 300 ألف سائح روسي ، لذا تأمل تونس بعد هدوء الأوضاع الأمنية من استقبال أكثر من هذا الرقم من السياح الروس، وقد استقبلت وزارة السياحة التونسية الشهر الماضي في آذار/ مارس ممثل عن 44 شركة سياحية روسية لطمأنة الشركات الروسية بعودة الأمان إلى تونس، وكانت وزيرة السياحة التونسية في بداية العام الجاري زارت روسيا على رأس وفد رسمي يضم ممثلين عن شركات سياحية تونسية تحضيرًا لموسم السياحة لعام 2016.
المغرب
أعرب المغرب عن نيته زيادة حركة السياحة الروسية الوافدة إليه من 40 ألفًا إلى 200 ألف سائح سنويًا خلال 3 أعوام، وتحاول المغرب تسويق نفسها كواحدة من أكثر الوجهات السياحية أمانًا في شمال إفريقيا لما تحظى به من استقرار سياسي ويقظة أمنية؛ حيث لم تسجل في المملكة أعمال عنف خلال السنوات الماضية مطلقًا، وجاءت المغرب ضمن لائحة البلدان العشرة التي تعد أفضل الوجهات السياحية التي يمكن زيارتها سنة 2015 بحسب دار النشر الأسترالية المعنية بنشر دلائل الأسفار، وقد أظهرت بيانات رسمية أن عدد السياح الوافدين إلى المغرب بلغ نحو 4.3 مليون خلال الفصل الأول من سنة 2015، وبرأي السفير الروسي في المغرب فإن تطور السياحة بين موسكو والرباط واجتذاب سياح روس أكثر إلى المغرب سيساعد على الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين إلى مستويات جيدة.
إسبانيا
المنتجعات الأوروبية تواجه عائقًا سواء أمام الحكومات الأوروبية أو السياح الروس بسبب فرض تأشيرة الشينغن في منطقة اليورو والإجراءات المعقدة لها، وهو ما دفع إسبانيا للدعوة إلى إعفاء الروس من تأشيرات الدخول، علمًا أن إسبانيا تمنح منذ سنوات للروس تأشيرات متعددة لجذب السياح الروس، وخلال السنوات الماضية تباحثت الحكومة الروسية مع الحكومات الأوروبية من أجل إالغاء التأشيرة للزيارات القصيرة ولكن المحادثات تعثرت بعد أزمة شبه جزيرة القرم والوضع في أوكرانيا.