دوري أبطال أوروبا: البطل خارج المربع الذهبي

(غدّارة يا كورة وما لك أمان!)، هذا ما نطق به لسان حال عشّاق برشلونة وهم يشاهدون سقوط فريقهم، الذي كان يأكل الأخضر واليابس، ويحطّم الرقم تلو الآخر، ويمضي بثقةٍ نحو ثلاثيّةٍ جديدةٍ تحاكي إنجاز الموسم الماضي، فإذا به يفقد أهمّ ألقابه وأغلاها: دوري أبطال أوروبا، بخسارته المريرة أمام أتلتيكو مدريد، في أبرز مفاجآت الدّور ربع النهائي لأمجد البطولات الأوروبيّة، والذي شهد أيضًا تحطّم أحلام فريق العاصمة الفرنسيّة على صخرة ضيف ربع النهائي الجديد مانشستر سيتي، فيما نجا العملاقان المتبقيان ريال مدريد وبايرن ميونيخ من فخّي فولسبورغ وبنفيكا، وأكملا أضلاع مربّع الأبطال الذهبّي، في الطّريق نحو نهائيّ ميلانو المنشود.

كيف جرت أحداث مواجهات ربع النهائيّ ال4 التي لُعبت على مرحلتين ذهابًا وإيابًا؟ وما هي أبرز اللّقطات والإحصائيّات المسجّلة خلالها؟ وما هي أبرز معالم الدّور نصف النهائيّ الذي تأهّل إليه فرسان البطولة ال4؟

كلّ هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عنها في سياق التقرير التالي:

فولسبورغ – ريال مدريد: تأهل ريال مدريد بخسارته 0-2 ذهابًا، وفوزه 3-0 إيابًا

– بثقةٍ مفرطةٍ مردّها فوز الكلاسيكو، دخل أبناء الميرينغي مواجهة الفولسفاكن أرينا أمام الوجه الألمانيّ الجديد في ربع نهائي البطولة، وهو ما دفعوا ثمنه غاليًا من خلال مجريات المباراة، التي لعب فيها ذئاب ألمانيا على نقاط ضعفهم عبر الأطراف، ففتحوا خلالها شوارعًا وسجّلوا أوّل أهدافهم من ركلة جزاءٍ تسبّب فيها لاعب الريال كاسيميرو، وترجمها ريكاردو رودريغيز هدفًا مستحقًا في الدقيقة 18، قبل أن يعزّز آرنولد النتيجة بعد 7 دقائق من هجمةٍ مرتدةٍ عبر الرواق الأيمن، وسط ذهول لاعبي الملكي الذين لم يستوعبوا الصدمة، فعجزوا عن تشكيل الخطورة المطلوبة رغم امتلاكهم الكرة على مدى شوطيّ المباراة، التي كان من الممكن أن تنتهي بحصّةٍ أكبر لولا تألّق حارس الريال نافاس.

– وفي السانتياغو برنابيو إيابًا، دخل أبناء المدرّب زيدان عازمين على تعويض خسارة الذّهاب، فتسيّدوا المباراة مستفيدين من ضعف خبرة غريمهم، الذي استسلم مدافعوه أمام تألّق ماكينة الأهداف الملكيّة كريستيانو رونالدو، الذي سجّل 3 أهدافٍ (هاتريك)، بدأها في الدقيقة 16 عندما تابع عرضية كارباخال المتقنة في مرمى الحارس بيناليو، وبعدها بدقيقةٍ واحدةٍ أضاف الهدف الثاني من متابعة رأسيةٍ لركنيّة كروس، قبل أن يُجهز على خصمه في الدقيقة 77، بتسجيله ثالث الأهداف من ضربةٍ حرّةٍ مباشرةٍ سدّدها بين الرؤوس، ليجنّب فريقه شرّ خروجٍ بدا وشيكًا.

باريس سان حيرمان – مانشستر سيتي: تأهل مانشستر سيتي بتعادله 2-2 ذهابًا، وفوزه 1-0 إيابًا

دي بروين مسدّدًا كرة الهدف الوحيد إيابًا

– بدأ لقاء ملعب الأمراء بضغطٍ متوقّعٍ لأصحاب الأرض، أسفر عن ركلة جزاءٍ فشل نجمهم إبراهيموفيتش في استغلالها بعد أن تصدّى لها حارس السيتيزن هارت، الذي أعطى الثقة للاعبي فريقه، فنجحوا في افتتاح النتيجة عند الدقيقة 38، عبر تسديدة دي بروين الجانبيّة، ولم تمض سوى 3 دقائق حتّى استفاد إبراهيموفيتش من سوء تفاهمٍ بين حارس السيتي ومدافعه فيرناندو، ليسجّل التعادل معوّضًا ركلة الجزاء المهدورة، واستمرّت سيطرة الباريسيين خلال الشّوط الثّاني وتُرجمت هدفًا ثانيًا في الدقيقة 60، من متابعة رابيو لتسديدة كافاني المرتدة من الحارس، وعلى عكس مجريات اللعب استغلّ لاعب السيتيزن فيرناندينو ارتباكًا غريبًا في دفاع ب س ج، ليخطف هدفًا قبل ربع ساعةٍ من النهاية، قلب من خلاله كلّ الموازين.

– وفي لقاء ملعب الاتّحاد، نجح المدرّب المخضرم بيلغريني في إدارة المباراة بالشّكل الأمثل، مستفيدًا من معاناة ضيفه من عدّة غياباتٍ مؤثرة، فلعب بحذرٍ دفاعيٍّ وإغلاقٍ كاملٍ لمناطقه، مع الاعتماد على سرعة مهاجميه في القيام بمرتدّاتٍ خاطفة، أسفرت إحداها عن ركلةٍ جزاءٍ عند منتصف الشّوط الأوّل، أطاح بها أغويرو خارج المرمى، دون أن يؤثّر ذلك على معنويات زملائه، الذين استمروا بالتّماسك أمام هجمات الباريسيين التي تعاظمت خطورتها في الشّوط الثاني، وسط تألّقٍ لافتٍ لحارس السيتيزن هارت، قبل أن يطلق المتألّق دي بروين رصاصة الرحمة في قلب ب س ج، بتسجيله هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 76 من تسديدةٍ رائعة.

بايرن ميونيخ – بنفيكا: تأهل بايرن ميونيخ بفوزه 1-0 ذهابًا، وتعادله 2-2 إيابًا

موللر محتفلًا بهدف البايرن الثاني إيابًا

– في لقاء الذّهاب على ملعبهم إليانز أرينا، نجح أبناء المدرّب غوارديولا في تحقيق الفوز، رغم الأداء المتوسّط الذي لم يرتقِ لطموحات عشّاقهم، وذلك بحفاظهم على هدف فيدال الثمين الذي سجّله في الدقيقة الثانية، من متابعته لعرضية بيرنات المثاليّة، لتمضي بقيّة أطوار المباراة دون فرص تهديفٍ حقيقيّةٍ للفريقين.

– وفي مباراة ملعب النّور إيابًا، لم يمنع غياب النّجمين غايتان وجوناس فريق بنفيكا من الدخول مهاجمًا أمام ضيفه البافاري، وافتتاح النتيجة في الدقيقة 27 عبر مهاجمه خيمينيز، الذي استفاد من خروجٍ خاطئٍ للحارس نوير وأسكن الكرة برأسه في المرمى، ليستشعر أبناء البايرن الخطر ويكثّفون من هجماتهم، التي أسفرت عن تعديل النتيجة بعد 10 دقائق عبر المتألّق فيدال، إثر متابعته الصاروخيّة لكرةٍ مرتدةٍ من الحارس، قبل أن يريح موللر أعصاب لاعبي فريقه مطلع الشّوط الثاني، بتسجيله هدفًا ثانيًا من متابعته لكرةٍ وصلته إثر ركلةٍ ركنيّة، ولم يمنع هدف تاليسكا الجميل من ركلةٍ حرّةٍ مباشرةٍ في الدقيقة 76، فريقه بنفيكا من تفادي الخروج أمام العملاق البافاري.

برشلونة – أتلتيكو مدريد: تأهل أتلتيكو مدريد بخسارته 1-2 ذهابًا، وفوزه 2-0 إيابًا

المشهد بعد انتهاء مباراة الإياب

– بدأت مباراة الكامب نو ببطءٍ وسط سيطرةٍ كتالونيّةٍ معتادة، قابلها تماسكٌ وتنظيمٌ دفاعيٌّ محكمٌ من قبل الروخوبلانكوس، الذي فاجأ مضيفه بهدفٍ جميلٍ في الدقيقة 25، إثر تمريرة ٍ من كوكي استغلّها فيرناندو توريس كما يجب، قبل أن يتعرّض المهاجم المخضرم للطّرد إثر تلقّيه بطاقتين صفراوين في ظرف 6 دقائق، ليترك فريقه ب10 لاعبين أمام وابل هجمات البلوغرانا، الذي آتت أكلها عند منتصف الشّوط الثاني عبر السّفاح سواريز، الذي سجّل هدفين في ظرف 10 دقائق، مستفيدًا من عرضيّتي الظهيرين ألبا وألفيس، ليضع فريقه في موقفٍ معقولٍ قبل موقعة الإياب.

– وفي الفيسنتي كالديرون، تابع فرسان الأتليتي أداءهم الرجوليّ القائم على التنظيمٍ الدفاعيٍّ المحكم المدعوم بالهجمات المرتدّة، والتي نجح نجمهم غريزمان في استغلال إحداها عند الدقيقة 36، عندما تابع عرضية ساول المتقنة برأسه في مرمى الحارس تير شتيغن، ولتمضي المباراة بعدها كما اشتهى مدرّبهم سيميوني، وسط عجزٍ واضحٍ من نجوم البلوغرانا -وعلى رأسهم ثلاثي MSN- في الخروج من قيود مدافعي الروخوبلانكوس، الذين تعزّز موقفهم بتسجيل غريزمان لهدفٍ ثانٍ قبيل نهائية المباراة ب3 دقائق من ركلة جزاء، لتنتهي المباراة بوداعٍ حزينٍ للبطل.

أبرز اللّقطات والإحصائيّات الخاصّة بالدّور ربع النهائي

تشكيلة ريال مدريد أمام فولسبورغ

– بتجاوزه عقبة فولسبورغ، حقّق ريال مدريد رقمًا قياسيًّا جديدًا في البطولة، تمثّل بتواجده ضمن مربّع البطولة الذهبيّ للمرّة ال27 في تاريخه والسادسة تواليًا، علمًا بأنه نجح في تجاوز هذا الدّور في 13 مناسبة، أحرز من خلالها ألقابه ال10 التّاريخيّة.

– بتأهّل قطبي مدينة مدريد، تابعت الأندية الإسبانيّة تعملقها الأوروبيّ في السنوات الأخيرة، ببلوغ فريقين إسبانيين نصف نهائي البطولة للمرّة السادسة تواليًا، حيث ظهر الريال في المناسبات ال6، وبرشلونة في 4 منها، وأتلتيكو مدريد في مناسبتين.

– أمّا باريس سان جيرمان فقد تكرست لديه عقدة الدور ربع النهائي، بفشله في تجاوز أطواره للمرّة الرابعة تواليًا، ليبقى الظهور الأوّل والأخير للباريسيّ في المربّع الذهبيّ عام 1995.

– منذ إدخال النظام الجديد لكأس الأبطال عام 1993، فشل أيّ بطلٍ في الاحتفاظ بلقبه على مدى السنوات ال23 التالية من المسابقة، حيث مثّل برشلونة آخر ضحايا هذا النحس الغريب.

– نتيجة 3-2، كانت حصيلة الذهاب والإياب في جميع مواجهات الدّور ربع النهائي ال4، في صدفةٍ تُسجّل للمرّة الأولى في تاريخ البطولة.

– مدرّب البايرن الحالي بيب غوارديولا، نجح في قيادة فريقه إلى الدّور نصف النهائي للمرّة السابعة تواليًا، علمًا بأنّ المرّات ال4 الأولى كانت مع فريقه السابق برشلونة، وحقّق من خلالها لقب البطولة عامي 2009 و2011.

– بثلاثيّته في مرمى فولسبورغ، عزّز نجم الميرينغي كريستيانو رونالدو صدارته لهدّافي المسابقة الحاليّة برصيد 16 هدفًا، كما عزّز صدارته لهدّافي البطولة عبر تاريخها ببلوغه الهدف رقم 93.

– حمل هدف نجم البايرن توماس موللر الرقم 36 في تاريخه بالمسابقة، ليتجاوز رقم نجم السبعينيّات غيرد موللر، ويصبح الألماني الأكثر تسجيلًا في دوري الأبطال عبر تاريخه.

المربّع الذّهبي

فرسان المربّع الذّهبي

سيكون عشّاق المتعة على موعدٍ مع قمّتين مثيرتين أفرزتهما قرعة الدّور نصف النهائي، التي سُحبت في نيون السويسريّة ظهر الجمعة الماضي، حيث سيواجه بايرن ميونيخ صاحب الهجوم الأقوى في المسابقة برصيد 28 هدفًا، فريق أتلتيكو مدريد قاهر البطل وصاحب الدّفاعات الأفضل، في تكرارٍ لنهائي البطولة عام 1974، الذي انتهى بتتويج البافاريين بلقبهم الأوّل آنذاك، بفوزهم في لقاء الإعادة بنتيجة 4-0، إثر انتهاء المباراة الأولى بالتعادل 1-1 بعد التمديد.

أمّا المواجهة الثانية فتجمع ريال مدريد حامل الرقم القياسي لعدد ألقاب البطولة، بمانشستر سيتي الذي يسجّل حضوره الأوّل تاريخيًّا في المربّع الذّهبي للشامبيونز ليغ، علمًا بأن الفريقين سبق أن تواجها عام 2012 ضمن دوري المجموعات للمسابقة، فأسفر لقاء الذّهاب في البرنابيو عن فوز الميرينغي بنتيجة 3-2، فيما انتهت مباراة الإياب بالتعادل 1-1.

إليكم مسارح ومواعيد مباراتيّ ذهاب وإياب نصف النّهائي، علمًا بأن جميع المباريات تنطلق عند 9,45 مساءً (بتوقيت مكّة المكرّمة):