لمّح الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، إلى إمكانية التدخل العسكري في ليبيا في حال عدم دعم “الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر”، وعدم رفع الحظر الأممي عن تسليحه.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، مساء الأحد، بثه التلفزيون الحكومي، جمع بين الرئيس المصري ونظيره الفرنسي، فرنسوا هولاند، بقصر الاتحادية، شرقي القاهرة، مع بدء الأخير زيارة لمصر تستغرق 3 أيام؛ لمناقشة تطوير العلاقات بين البلدين.
تصريحات السيسي أكّدت دعم هذا الاخير للواء المتقاعد خليفة حفتر وعمليته العسكرية في ليبيا، في وقت أشارت فيه تقارير اقليمية الى ارتكاب حفتر جرائم بشعة و استهداف قواته للمدنيين.
و أكّد الرئيس العسكري استعداد بلاده تدريب قوات حفتر و تقديم الدعم المطلوب منها. وشدد على أهمية دعمه في مواجهة من وصفهم بالتنظيمات الارهابية في ليبيا وقال إن “الجيش الوطني الليبي هو المعني بحماية الأراضي الليبية، بقيادة اللواء خليفة حفتر، مشيرًا إلى أنه “حينما نساند الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر، فهذا معناه أننا ندعم الاستقرار”.
وأردف السيسي في تصريحاته بقوله “لو لم يستطع الجيش الليبي السيطرة على التنظيمات الإرهابية، فإن الدور علينا، لأن حدودنا مع ليبيا تمتد لأكثر من 1200 كم”. مضيفاً: “البديل السلبي لعدم دعم حفتر هو قيام دول أخرى بذلك”، في إشارة إلى إمكانية التدخل العسكري في البلاد. كما شدد السيسي على ضرورة رفع حظر السلاح عن حفتر و قواته من أجل ضمان نجاعة لعملياتهم العسكرية في ليبيا. وفرضت الأمم المتحدة عام 2011 حظراً على صادرات السلاح إلى ليبيا، في إطار العقوبات الدولية على نظام الرئيس الراحل معمر القذافي إثر مواجهته الحراك الشعبي الذي اندلع في البلاد.
وخسر اللواء حفتر ، في الفترة الاخيرة، موقعه كوزير للدفاع في حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم أممي.
تصريحات السيسي المطالبة بضرورة دعم حفتر لم تكن الاولى، فقد سبق ان دعا خلال لقاء صحفي مع صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية الى تسليح و تجهيز قوات اللواء خليفة حفتر و قال: “إذا قدمنا أسلحة ودعما إلى الجيش الوطني الليبي، يمكنه القيام بالعمل أفضل من أي جهة أخرى، وأفضل من أي تدخل خارجي يمكن أن يقودنا إلى وضع يفلت منا ويؤدي إلى تطورات لا يمكن السيطرة عليها”.
وكان اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أواخر الشهر الماضي في القاهرة، بعبدالفتاح السيسي وتناول اللقاء سبل دعم حفتر و احتياجات قواته وتدريب أفرادها، والنواحي التسليحية؛ وهي مسألة يجري التعاون المصري-الليبي فيها بشكل معلن أحياناً وغير معلن أحياناً أخرى.
ودعا حفتر حينها مصر بصورة مباشرة إلى استخدام “كل الإجراءات العسكرية اللازمة داخل ليبيا” لتأمين حدودها.
كذلك يُعدّ حفتر أحد حلفاء مصر الرئيسيين في ليبيا، و يطالب بعض أعضاء برلمان طبرق المنحل بأن يكون لحفتر دور فعال في المرحلة الانتقالية القادمة، إلا أن طرابلس والمناطق التي تسيطر عليها فجر ليبيا ترفض ذلك تماما. وكان حفتر قد نظّم ائتلافاً من وحدات عسكرية ، وقبائل في شرق ليبيا، وميليشيات مؤيّدة للفدرالية، عملية عسكرية تحت اسم “عملية الكرامة” للسيطرة على ليبيا، في أواخر مايو 2014.
وتحدثت تقارير عن مزيد من التدخّل العسكري المصري المباشر في ليبيا، عقب انطلاق “عملية الكرامة”، على الرغم من أن تقديم أدلّة موثوق بها في هذا الشأن كان أمر بعيد المنال.
من جهة أخرى، كشف تقرير سابق للأمم المتحدة عن عمليات تهريب سلاح إلى ليبيا قامت بها مصر وأكد التقرير عن عمليات تهريب سلاح لم تشمل نقل الذخائر والسلاح فقط، بل بتحويل طائرات مقاتلة مصرية إلى ليبيا أيضا.
واتهم التقرير الذي رصد الأوضاع في ليبيا العام الماضي، القوات التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بتعقيد عملية الانتقال السياسي، وزيادة المشكلات الأمنية في ليبيا. ورأى خبراء الأمم المتحدة أن حفتر قاد ما يشبه محاولة انقلاب فاشلة. وأدانت منظمتا هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، السنة الفارطة، حكومة مصر لتسببها في قتل مدنيين أبرياء أثناء غارات شنتها طائرات مصرية على مناطق سكنية بدرنة (شرقي ليبيا). وقالتا إن تلك الهجمات قد تمثل جرائم حرب.
وأشارت تقارير اعلامية الى قيام الرئيس المصري بمناشدة نظيره الفرنسي، بدعم خليفة حفتر بغية ان يكون له دور مركزي في مؤسسات الدولة الليبية. في مسعى منه لايجاد دعم دولي لحفتر. ورفض رئيس مجلس النواب الليبي بطبرق، عقيلة صالح الاعتراف بمجلس رئاسة حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج إلا وفق شروط، أهمها الحصول على حضور حكومة الوفاق إلى برلمان طبرق، والاعتراف بقوات حفتر التي تقاتل “الإرهاب“.
بالإضافة إلى ذلك، فقد اشترط عقيلة حضورا كاملا لأعضاء مجلس رئاسة حكومة الوفاق أمام برلمان طبرق، وإعلان الالتزام بشرعية مجلس النواب كسلطة تشريعية وحيدة في ليبيا، والاعتراف بالمؤسسة العسكرية التي تحارب “الإرهاب“. وأعلن حفتر رفضه للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي الممضى في الصخيرات المغربية برعاية أممية، المتعلقة بتسليح الجيش، مطالبا بضرورة حصول ليبيا على السلاح؛ الأمر الذي تدعمه مصر بقوة.
وبسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، فشل مجلس النواب في طبرق الليبية، في عقد جلسة له ثمانية مرات، خلال الشهرين الماضيين؛ من أجل المصادقة على ممارسة حكومة الوفاق الوطني أعمالها من طرابلس؛ ما دعا بعض أعضاء الأخيرة إلى التوجه إلى طرابلس قبل بضعة أيام، وبدء ممارسة مهامها منها.
وفي فبراير/شباط الماضي، تشكلت حكومة الوفاق الوطني ومجلس رئاسي لها في ليبيا، وفق الاتفاق السياسي بين أطراف الصراع في البلاد الموقع في مدينة الصخيرات المغربية بموجب خطة تدعمها الأمم المتحدة لإنهاء حالة الفوضى والصراع التي تعاني منها ليبيا منذ ثورة 2011، ولم تنل تلك الحكومة ثقة مجلس نواب طبرق حتى اليوم.