حالة من الغليان تسود الشارع الفلسطيني بسبب استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ ما يعرف بمخطط “برافر” التهجيري العنصري، حيث أن الاحتلال ووفقا للمخطط المذكور سيعمل على تدمير 38 قرية بدوية فلسطينية وسيؤدي ذلك إلى نزوح 70.000 فلسطيني ومصادرة 800.000 دونما من أراضي الفلسطينيين وتحديدا في منطقة النقب الفلسطيني المحتل. لقد باتت الأراضي الفلسطينية على صفيح ساخن، حيث اشتعل الاحتلال فتيل الأزمة الجديدة التي تمثل نكبة تضاف إلى سجل النكبات التي يعيشها الشعب الفلسطيني المشرّد. ويقيم الفلسطينيون في القرى والمدن والمخيمات النشاطات والفعاليات الاحتجاجية المناهضة لهذا المشروع العنصري، حيث خرج عشرات الآلاف فيما يعرف بـ”يوم الغضب” تنديدا واستنكارا للمخطط العنصري.
وتجدر الإشارة إلى أن المخطط المذكور أقره البرلمان الإسرائيلي “الكنيست” في الرابع والعشرين من يونيو / حزيران من العام الجاري 2013م، بناء على توصية من وزير التخطيط الصهيوني إيهود برافر عام 2011م، والقائم على خطة متكاملة لتهجير سكان عشرات القرى الفلسطينية من النقب المحتل. الحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية اعتبرت أن مخطط “برافر” يعد فصلًا جديدا من فصول النكبة الفلسطينية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ ما قبل العام 1948م.
وطالبت الحكومة – على لسان الناطقة باللغة الإنجليزية في المكتب الإعلامي الحكومي إسراء المدلل- في كلمة لها خلال وقفة احتجاجية نظمها ائتلاف شباب الانتفاضة ظهر السبت 30/11/2013م-؛ المجتمع الدولي بإلغاء مخطط برافر “الذي ينتهك الحقوق الدستورية لسكان النقب في الملكية والعيش بكرامة والمساواة وفي إيجاد المساكن والحرية قبل أن يصبح قانوناً جديداً”، كما قالت. ودعت المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي إلى التدخل الفوري والعاجل لوقف ما أسمته “المهزلة” والخروج عن صمتهم الذي طال لعقود طويلة أمام مخططات الاحتلال المستمرة والتي تستهدف وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه. من جهتها عبرت الأمم المتحدة سابقا – من خلال اللجنة الأممية للقضاء على التمييز العرقي في تقريرها السنوي – عن مخاوفها من تنفيذ هذا المخطط، واستندت إلى معلومات وتقرير مفصل كان قد بعث به منتدى تعايش السلمي في النقب للمساواة المدنية إلى اللجنة.
بينما أعرب عدد من أعضاء البرلمان الأوربي عن قلقهم الشديد بخصوص مخطط برافر، كما وأصدرت المفوضية الأوروبية تقريرها المرحلي السنوي حول تنفيذ الشراكة الأوروبية الإسرائيلية (تقرير السياسات للدول المجاورة الشريكة)، حيث أشار التقرير إلى أن التطوّر بما يخص الجماهير العربية داخل إسرائيل جاء محدودا، وأن حقوق الجماهير العربية لا زالت محدودة، في إشارة إلى السياسة العنصرية الإسرائيلية.
ووفقا لمركز الناطور للدراسات والأبحاث فإن إسرائيل تهدف من وراء المخطط إلى تهويد وعسكرة الجنوب المحتل لصالحها ومنع أي تواصل جغرافي بين النقب وغزة وسيناء، عبر تجميع الفلسطينيين بالنقب البالغ عددهم أكثر من 200 ألف نسمة، من 100.000 دونم بمنطقة السياج التي هي أشبه بمعسكرات تجميع ومخيمات لاجئين. وذكر المركز أهدافا خفية لمخطط “برافر” تتمثل في عزل النقب عن محيطها العربي (غزة – سيناء)، وتعزيز وجود المستوطنات الإسرائيلية في النقب المحتل خاصة في المناطق التي تعتبر خصبة من ناحية اقتصادية وبها معادن ورمال وخصور نارية.
إضافة إلى بناء مراكز عسكرية واستخباراتية بالقرب من المحيط العربي خاصة مصر والأردن وخليج العقبة، وكذلك العمل على تسهيل مخطط بناء قناة البحرين “الأحمر والميت”، وفتح مجال لخط السكة الحديد الذي سيربط القناة مع البحر المتوسط للاستغناء عن قناة السويس.
ويرى مراقبون أن المؤسسة الإسرائيلية الرسمية تراوغ وتسعى للاستمرار تدريجيا بسياسة التهجير والتشريد، وهي تخشى من مغبة اندلاع مواجهات مسلحة مع السكان البدو بالنقب المحتل إذا ما أقدمت على إخلائهم بالقوة.
غير أن النائب بالكنيست طلب الصانع – وهو من النقب – أكد أن المؤسسة الإسرائيلية بمختلف أذرعها تسعى من خلال هذه المخططات إلى جر البدو بالنقب لمواجهات وصدام مسلح، مبينا أن “أحزاب اليمين تنتظر الفرصة لاندلاع أي نزاع مسلح بالنقب، من أجل نزع الشرعية عنا وإظهارنا أمام المجتمع الدولي على أننا نمثل خطرا أمنيا”.